كقولهم ماذا رأَيت ؟ فتقول خيراً بالنصب كأَنه قال ما رأَيْت فلو كان ذا ههنا بمنزلة الذي لكان الجواب خَيْرُ بالرفع وأَما قولهم ذاتَ مَرَّةٍ وذا صَباحٍ فهو من ظروف الزمان التي لا تتمكن تقول لَقِيته ذاتَ يوم وذاتَ ليلةٍ وذاتَ العِشاء وذاتَ مَرَّةٍ وذاتَ الزُّمَيْنِ وذات العُوَيْمِ وذا صَباحٍ وذا مَساءٍ وذا صَبُوحٍ وذا غَبُوقٍ فهذه الأَربعة بغير هاء وإِنما سُمِع في هذه الأَوقات ولم يقولوا ذاتَ شهرٍ ولا ذاتَ سَنَةٍ قال الأَخفش في قوله تعالى وأَصْلِحُوا ذاتَ بَيْنِكُم إِنما أَنثوا لأَن بعض الأَشياء قد يوضع له اسم مؤنث ولبعضها اسم مذكر كما قالوا دارٌ وحائطٌ أَنثوا الدار وذكَّروا الحائط وقولهم كان ذَيْتَ وذَيْتَ مثل كَيْتَ وكَيْتَ أَصله ذَيْوٌ على فَعْلٍ ساكنة العين فحُذِفت الواو فبقي على حرفين فشُدِّدَ كما شُدِّد كَيٌّ إِذا جعلته اسماً ثم عُوِّض من التشديد التاء فإِن حَذَفْتَ التاء وجِئْتَ بالهاء فلا بدّ من أَن تردَّ التشديد تقول كان ذَيَّهْ وذَيَّهْ وإِن نسبت إِليه قلت ذَيَويٌّ كما تقول بَنَوِيٌّ في النسب إِلى البنت قال ابن بري عند قول الجوهري في أَصل ذَيْت ذَيْوٌ قال صوابه ذَيٌّ لأَنَّ ما عينه ياء فلامه ياء والله أَعلم قال وذاتُ الشيء حَقِيقتُه وخاصَّته وقال الليث يقال قَلَّتْ ذاتُ يَدِه قال وذاتُ ههنا اسم لما مَلَكَتْ يداه كأَنها تقع على الأَموال وكذلك عَرَفه من ذاتِ نَفْسِه كأَنه يعني سَرِيرَته المُضْمرة قال وذاتٌ ناقصة تمامها ذواتٌ مثل نَواةٍ فحذفوا منها الواو فإِذا ثنوا أَتَمُّوا فقالوا ذواتانِ كقولك نَواتانِ وإِذا ثلثوا رجعوا إِلى ذات فقالوا ذوات ولو جمعوا على التمام لقالوا ذَوَياتٌ كقولك نَوَيَاتٌ وتصغيرها ذُوَيّةٌ وقال ابن الأَنباري في قوله عز وجل إِنه عليم بذات الصُّدُور معناه بحقيقة القلوب من المضمرات فتأْنيث ذات لهذا المعنى كما قال وتَوَدُّونَ أَنَّ غَيْرَ ذات الشَّوْكةِ تكون لكم فأَنَّث على معنى الطائفة كما يقال لَقِيتُه ذاتَ يوم فيؤنثون لأَن مَقْصِدهم لقيته مرة في يوم وقوله عز وجل وتَرى الشمس إِذا طَلَعَت تَزاوَرُ عن كَهْفِهِم ذاتَ اليَمين وإِذا غَرَبَتْ تَقْرِضُهم ذاتَ الشمال أُريد بذاتَ الجِهةُ فلذلك أَنَّثها أَراد جهة ذات يمين الكَهف وذاتَ شِماله والله أَعلم
( باب ) ذوا وذوي مضافين إِلى الأَفعال قال شمر قال الفراء سمعت أَعرا بيّاً يقول بالفضل ذُو فَضَّلَكم اللهُ به والكرامة ذاتُ أَكْرَمَكمُ اللهُ بها فيجعلون مكان الذي ذُو ومكان التي ذاتُ ويرفعون التاء على كل حال قال ويخلطون في الاثنين والجمع وربما قالوا هذا ذُو يَعْرِفُ وفي التثنية هاتان ذَوا يَعْرِفُ وهذان ذَوا تعرف وأَنشد الفراء وإِن الماء ماء أَبي وجَدِّي وبِئْري ذُو حَفَرْتُ وذو طَوَيْتُ قال الفراء ومنهم من يثني ويجمع ويؤنث فيقول هذانِ ذَوا قالا وهؤلاء ذَوو قالوا ذلك وهذه ذاتُ قالت وأَنشد الفراء جَمَعْتُها من أَيْنُقٍ سَوابِقِ ذَواتُ يَنْهَضْنَ بغَيْرِ سائقِ وقال ابن السكيت العرب تقول لا بذِي تَسْلَمُ ما كان كذا وكذا وللاثنين لا بذي تَسْلَمان وللجماعة لا بذي تَسْلَمُون وللمؤنث لا بذي تَسْلَمين وللجماعة لا بذي تَسْلَمْنَ والتأْويل لا ولله يُسَلِّمُكَ ما كان كذا وكذا لا وسَلامَتِك ما كان كذا وكذا وقال أَبو العباس المبرد ومما يضاف إِلى الفعل ذُو في قولك افْعَلْ كذا بذي تَسْلَم وافْعلاه بذي تَسْلَمانِ معناه بالذي يُسَلِّمك وقال الأصمعي تقول العرب واللهِ ما أَحسَنْتَ بذي تَسْلم قال معناه واللهِ الذي يُسَلِّمك من المرْهُوب قال ولا يقول أَحد بالذِي تسلم قال وأَما قول الشاعر فإِنَّ بَيْتَ تَمِيمٍ ذُو سَمِعْت به فإِنَّ ذُو ههنا بمعنى الذي ولا تكون في الرفع والنصب والجرّ إِلاَّ على لفظ واحد وليست بالصفة التي تعرب نحو قولك مررت برجل ذي مال وهو ذو مال ورأَيت رجلاً ذا مال قال وتقول رأَيت ذو جاءَك وذُو جاءَاك وذو جاؤُوك وذو جاءَتْكَ وذو جِئْنَكَ لفظ واحد للمذكر والمؤنث قال ومثل للعرب أَتى عليه ذُو أَتى على الناس أَي الذي أَتى قال أَبو منصور وهي لغة طيِّء وذُو بمعنى الذي وقال الليث تقول ماذا صَنَعْتَ ؟ فيقول خَيْرٌ وخَيْراً الرفع على معنى الذي صنَعْتَ خَيْرٌ وكذلك رفع قول الله عز وجل يسأَلونكَ ماذا يُنْفِقُون قلِ العَفْوُ أَي الذي تُنْفِقونَ هو العَفْوُ من أَموالكم فا
( * كذا بياض بالأصل ) فأَنفقوا والنصب للفعل وقال أَبو إِسحق معنى قوله ماذا ينفقون في اللغتين على ضربين أَحدهما أَن يكون ذا في معنى الذي ويكون يُنْفِقون من صلته المعنى يسأَلونك أَيُّ شيء يُنْفِقُون كأَنه بَيَّنَ وجْهَ الذي يُنْفِقون لأَنهم يعلمون ما المُنْفَق ولكنهم أَرادوا عِلمَ وَجْهِه ومِثْلُ جَعْلِهم ذا في معنى الذي قول الشاعر عَدَسْ ما لعَبَّادٍ عليك إِمارةٌ نَجَوْتِ وهذا تَحْمِلِينَ طَلِيقُ