كتاب لسان العرب - ط المعارف (اسم الجزء: 3)

أَيضاً النَّحْل ولا يقال ذبابة في شيءٍ من ذلك إِلا أَن أَبا عُبيدة رَوَى عن الأَحْمَرِ ذبابة هكذا وقع في كتاب المُصَنَّف رواية أَبي عليّ وأَما في رواية عليِّ بنِ حمزة فَحَكى عن الكسائي الشَّذاةُ ذُبابةُ بعضِ الإِبلِ وحُكِيَ عن الأَحمر أَيضاً النُّعَرة ذُبابةٌ تَسْقُط على الدَّوابِّ وأَثْبت الهاءَ فيهما والصَّواب ذُبابٌ هو واحدٌ وفي حديث عمر رضي اللّه عنه كَتَب إِلى عامِلِه بالطَّائف في خَلايا العَسَل وحِمايتِها إِنْ أَدَّى ما كان يُؤَدِّيه إِلى رسولِ اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم من عُشورِ نَحْلِه فاحْمِ له فإِنما هو ذُبابُ غَيْثٍ يأْكُلُه مَنْ شاءَ قال ابن الأَثير يريدُ بالذُّبابِ النَّحْلَ وأَضافَه على الغَيْثِ إِلى معنى أَنه يكونُ مَعَ المَطَر حيثُ كان ولأَنه يَعِيشُ بأَكْلِ ما يُنْبِتُه الغَيْثُ ومعنى حِماية الوادي له أَنَّ النَّحْلَ إِنما يَرْعَى أَنْوارَ النَّباتِ وما رَخُصَ منها ونَعُمَ فإِذا حُمِيَتْ مَراعِيها أَقامت فيها ورَعَتْ وعَسَّلَتْ فكَثُرَتْ منافعُ أَصحابِها وإِذا لم تُحْمَ مَراعِيها احتاجَت أَنْ تُبْعِدَ في طَلَبِ المَرْعَى فيكونَ رَعْيُها أَقَلَّ وقيل معناه أَنْ يُحْمَى لهم الوادي الذي يُعَسِّلُ فيه فلا يُتْرَكَ أَحدٌ يَعْرِضُ للعَسَل لأَن سبيلَ العسَل المُباحِ سبيلُ المِياهِ والمَعادِنِ والصُّيودِ وإِنما يَمْلِكُه من سَبَقَ إِليه فإِذا حَماه ومَنَع الناسَ منه وانْفَرَدَ به وَجَبَ عليه إِخْراجُ العُشْرِ منه عند مَن أَوجب فيه الزَّكاة التهذيب واحدُ الذِّبَّانِ ذُبابٌ بغير هاءٍ قال ولا يُقال ذُبَابة وفي التنزيل العزيز وإِن يَسْلُبْهُم الذُّبابُ شيئاً فسَّروه للواحد والجمع أَذِبَّةٌ في القِلَّة مثلُ غُرابٍ وأَغْرِبَةٍ قال النابغة ضَرَّابة بالمِشْفَرِ الأَذِبَّهْ وذِبَّانٌ مثلُ غِرْبانٍ سيبويه ولم يَقْتَصِرُوا به على أَدْنى العدد لأَنهم أَمِنُوا التَّضْعيف يعني أَنَّ فُعالاً لا يكَسَّر في أَدنى العدد على فِعْلانٍ [ ص 383 ] ولو كان ممَّا يَدْفَعُ به البناءُ إِلى التَّضعيف لم يُكسَّر على ذلك البناءِ كما أَنَّ فِعَالاً ونحوه لمَّا كان تكسيره على فُعُل يُفْضِي به إِلى التَّضْعِيف كسروه على أَفعلة وقد حكى سيبويه مع ذلك عن العرب ذُبٌّ في جمع ذُبابٍ فهو مع هذا الإِدغامِ على اللُّغَة التَّمِيمِيَّة كما يَرْجِعون إِليها فيما كان ثانِيه واواً نحو خُونٍ ونُورٍ وفي الحديث عُمْرُ الذُّبابِ أَربعون يَوْماً والذُّبابُ في النار قيل كَوْنُه في النار ليس لعذاب له وإِنما لِيُعَذَّبَ به أَهل النار بوقوعه عليهم والعرب تَكْنُو الأَبْخَر أَبا ذُبابٍ وبعضهم يَكْنيه أَبا ذِبَّانٍ وقد غَلَبَ ذلك على عبدالملك بن مَرْوانَ لِفَسادٍ كان في فَمِه قال الشاعر
لَعَلِّيَ إِنْ مالَتْ بِيَ الرِّيحُ مَيلةً ... على ابنِ أَبي الذِّبّانِ أَن
يَتَنَدّما يعني هشامَ بنَ عبدالملك وذَبَّ الذُّبابَ وذَبَّبه نَحَّاه ورجل مَخْشيُّ الذُّبابِ أَي الجَهْلِ وأَصابَ فُلاناً من فلانٍ ذُبابٌ لادِغٌ أَي شَرٌّ وأَرض مَذَبَّةٌ كثيرةُ الذُّبابِ وقال الفرَّاءُ أَرضٌ مَذْبوبة كما يقال مَوْحُوشةٌ من الوَحْشِ وبَعيرٌ مَذْبُوبٌ أَصابه الذُّبابُ وأَذَبُّ كذلك قاله أَبو عبيد في كتاب أَمراضِ الإِبل وقيل الأَذَبُّ والمَذْبوبُ جميعاً الذي إِذا وَقَع في الرِّيفِ والريفُ لا يكونُ إِلاَّ في المصادرِ اسْتَوْبَأَهُ فمات مكانَه قال زياد الأَعْجمُ في ابنِ حَبْنَاء
كأَنَّكَ مِن جِمالِ بني تَمِيمٍ ... أَذَبُّ أَصابَ مِن رِيفٍ ذُبابا
يقول كأَنَّك جَمَلٌ نزلَ ريفاً فأَصابَهُ الذُّبابُ فالْتَوَتْ عُنُقُه فمات والمِذَبَّةُ هَنَةٌ تُسَوَّى من هُلْبِ الفَرَسِ يُذَبُّ بها الذُّبابُ وفي الحديث أَنّ النبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم رأَى رَجُلاً طويلَ الشَّعَر فقال ذُبابٌ الذُّبابُ الشُّؤْم أَي هذا شُؤْمٌ ورجل ذُبابيٌّ مأْخوذٌ من الذُّبابِ وهو الشُّؤْمُ وقيل الذُّبابُ الشَّرُّ الدَّائِم يقال أَصابكَ ذُبابٌ من هذا الأَمْرِ وفي حديث المغيرة شَرُّها ذُبابٌ وذُبابُ العَينِ إِنْسانُها على التَّشبِيهِ بالذُّباب والذُّبابُ نُكْتَةٌ سوداءُ في جَوْفِ حَدَقَةِ الفَرَسِ والجمع كالجمع وذبابُ أَسْنانِ الإِبِلِ حَدُّها قال المثَقّب العبدي
وتَسْمَعُ للذُّبابِ إِذا تَغَنَّى ... كَتَغْريدِ الحَمَامِ على الغُصُونِ
وذبابُ السَّيْفِ حَدُّ طَرَفِه الذي بين شَفْرَتَيْهِ وما حَوْلَه من حَدَّيْهِ ظُبَتَاه والعَيْرُ النَّاتئُ في وَسَطِه من باطنٍ وظاهرٍ وله غِرَارانِ لكلِّ واحدٍ منهما ما بينَ العَيْرِ وبين إِحدى الظُّبَتَين من ظاهِر السَّيفِ وما قُبالَةَ ذلك من باطنٍ وكلُّ واحدٍ من الغِرارَينِ من باطنِ السَّيف وظاهره وقيل ذُبابُ السَّيفِ طَرَفُه المُتَطَرِّفُ الذي يُضْرَبُ به وقيل حَدُّه وفي الحديث رأَيتُ ذُبابَ سَيْفي كُسِرَ فأَوَّلْتُه أَنه يصابُ رجلٌ من أَهل بيتي فقُتِل حَمْزَةُ والذُّبابُ من أُذُنِ الانسانِ والفَرَس ما حَدَّ من طَرَفِها أَبو عبيد [ ص 384 ] في أُذُنَي الفرسِ ذُباباهُما وهما ما حُدَّ من أَطرافِ الأُذُنَيْن وذُبابُ الحِنَّاء بادِرةُ نَوْرِه وجاءَنا راكبٌ مُذَبِّبٌ عَجِلٌ مُنْفَرِدٌ قال عنترة
يُذَبِّبُ وَرْدٌ على إِثرِهِ ... وأَدْرَكُه وَقْعُ مِرْدىً خَشِبْ
إِمّا أَنْ يكونَ على النَّسَب وإِمّا أَنْ يكون أَراد خَشِيباً فحذف للضرورة وذَبَّبْنا لَيْلَتَنَا أَي أَتْعَبْنا في السَّير ولا يَنالونَ الماءَ إِلاَّ بقَرَبٍ مُذَبِّبٍ أَي مُسْرِع قال ذو الرُّمة

الصفحة 1484