كتاب لسان العرب - ط المعارف (اسم الجزء: 3)

سِرْبِه أَي في نَفْسِه وفلان آمن السَّرْبِ لا يُغْزَى مالُه ونَعَمُه لعِزِّه وفلان آمن في سِرْبِه بالكسر أَي في نَفْسِه قال ابن بري هذا قول جماعةٍ من أَهل اللغة وأَنكر ابنُ دَرَسْتَوَيْه قولَ من قال في نَفْسِه قال وإِنما المعنى آمِنٌ في أَهلِه ومالِه وولدِه ولو أَمِنَ على نَفْسِه وَحْدَها دون أَهله ومالِه وولدِه لم يُقَلْ هو آمِنٌ في سِرْبِه وإِنما السِّرْبُ ههنا ما للرجُل من أَهلٍ ومالٍ ولذلك سُمِّيَ قَطِيعُ البَقَرِ والظِّباءِ والقَطَا والنساءِ سِرْباً وكان الأَصلُ في ذلك أَن يكون الراعِي آمِناً في سِرْبِه والفحلُ آمناً في سِرْبِه ثم استُعْمِلَ في غير الرُّعاةِ استعارةً فيما شُبِّهَ به ولذلك كُسرت السين وقيل هو آمِنٌ في سِرْبِه أَي في قومِه والسِّرْبُ هنا القَلْبُ يقال فلانٌ آمِنُ السِّرْبِ أَي آمِنُ القَلْبِ والجمع سِرابٌ عن الهَجَري وأَنشد
إِذا أَصْبَحْتُ بينَ بَني سُلَيمٍ ... وبينَ هَوازِنٍ أَمِنَتْ سِرابي
والسِّرْب بالكسر القَطِيعُ من النساءِ والطَّيرِ والظِّباءِ والبَقَرِ والحُمُرِ والشاءِ واستعارَه شاعِرٌ من الجِنِّ زَعَمُوا
للعظاءِ فقال أَنشده ثعلب رحمه اللّه تعالى
رَكِبْتُ المَطايا كُلَّهُنَّ فلم أَجِدْ ... أَلَذَّ وأَشْهَى مِن جِناد الثَّعالِبِ
ومن عَضْرَفُوطٍ حَطَّ بي فَزَجَرْتُه ... يُبادِرُ سِرْباً من عَظاءٍ قَوارِبِ
الأَصمعي السِّرْبُ والسُّرْبةُ من القَطَا والظِّباءِ والشاءِ القَطيعُ يقال مَرَّ بي سِرْبٌ من قَطاً وظِبَاءٍ ووَحْشٍ ونِساءٍ أَي قَطِيعٌ وقال أَبو حنيفة ويقال للجماعةِ من النخلِ السِّرْبُ فيما ذَكَرَ بعضُ الرُّواةِ قال أَبو الحَسَنِ وأَنا أَظُنُّه على التَّشبِيه والجمعُ من كلِّ ذلك أَسْرابٌ والسُّرْبةُ مِثلُه ابن الأَعرابي السُّرْبةُ جماعة يَنْسَلُّونَ من العَسْكَرِ فيُغيرون ويَرْجعُون والسُّرْبة الجماعة من الخيلِ ما بين العشرين إِلى الثلاثينَ وقيل ما بين العشرةِ إِلى العِشرينَ تقول مَرَّ بي سُرْبة بالضم أَي قِطْعة من قَطاً وخَيْلٍ وحُمُرٍ وظِباءٍ قال ذو الرُّمَّة يصف ماءً
سِوَى ما أَصابَ الذِّئْبُ منه وسُرْبةٍ ... أَطافَتْ به من أُمَّهاتِ الجَوازِلِ
وفي الحديث كأَنهم سِرْبٌ ظِباءٍ السِّرْبُ [ ص 464 ] بالكسرِ والسُّرْبة القَطِيعُ من الظِّباءِ ومن النِّساءِ على التَّشْبيه بالظِّباءِ وقيل السُّرْبةُ الطائفة من السِّرْبِ وفي حديث عائشة رضي اللّه عنها فكان رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يُسَرِّبُهُنَّ إِليَّ فيَلْعَبْنَ مَعِي أَي يُرْسلُهُنَّ إِليَّ ومنه حديث عليٍّ إِني لأُسَرِّبُه عليه أَي أُرْسِلُه قِطْعةً قِطْعةً وفي حديث جابر فإِذا قَصَّرَ السَّهْمُ قال سَرِّبْ شيئاً أَي أَرْسِلْه يقال سَرَّبْتُ إِليه الشيءَ إِذا أَرْسَلْتَه واحداً واحداً وقيل سِرْباً سِرباً وهو الأَشْبَه ويقال سَرَّبَ عليه الخيلَ وهو أَن يَبْعَثَها عليه سُرْبةً بعدَ سُربةٍ الأَصمعي سَرِّبْ عليَّ الإِبلَ أَي أَرْسِلْها قِطْعةً قِطْعةً والسَّرْبُ الطريقُ وخَلِّ سَرْبَه بالفتح أَي طريقَه ووجهَه وقال أَبو عمرو خَلِّ سِرْبَ الرجلِ بالكسرِ قال ذو الرمة
خَلَّى لَها سِرْبَ أُولاها وهَيَّجَها ... من خَلْفِها لاحِقُ الصُّقْلَينِ هِمْهِيمُ
قال شمر أَكثر الرواية خَلَّى لَها سَرْبَ أُولاها بالفتح قال الأَزهري وهكذا سَمِعْتُ العربَ تقول خلِّ سَرْبَه أَي طَريقَه وفي حديث ابن عمر إِذا ماتَ المؤمنُ يُخَلَّى له سَرْبُه يَسْرَحُ حيثُ شاءَ أَي طريقُه ومذهبُه الذي يَمُرُّ به وإِنه لواسعُ السِّرْبِ أَي الصَّدْرِ والرأْي والهَوَى وقيل هو الرَّخِيُّ البال وقيل هو الواسعُ الصَّدْرِ البَطِيءُ الغَضَب ويُروى بالفتح واسعُ السَّرْبِ وهو المَسْلَك والطريقُ والسَّرْبُ بالفتح المالُ الراعي وقيل الإِبل وما رَعَى من المالِ يقال أُغِيرَ على سَرْبِ القومِ ومنه قولُهم اذْهَب فلا أَنْدَهُ سَرْبَكَ أَي لا أَرُدُّ إِبلكَ حتى تَذْهَب حيثُ شاءَت أَي لا حاجة لي فيك ويقولون للمرأَة عند الطلاقِ اذْهَبي فلا أَنْدَهُ سَرْبَكِ فتَطْلُق بهذه الكلمة وفي الصحاح وكانوا في الجاهليةِ يقولون في الطَّلاقِ فَقَيَّده بالجاهليةِ وأَصْلُ النَّدْهِ الزَّجْرُ الفراءُ في قوله تعالى فاتخذَ سبيلَه في البحرِ سَرَباً قال كان الحُوت مالحاً فلما حَيِيَ بالماءِ الذي أَصابَه من العَينِ فوقَع في البحرِ جَمَد مَذْهَبُه في البحرِ فكان كالسَّرَبِ وقال أَبو إِسحق كانت سمكةً مملوحةً وكانت آيةً لموسى في الموضعِ الذي يَلْقَى الخَضِرَ فاتخذ سبيلَه في البحر سَرَباً أَحْيا اللّه السمكة حتى سَرَبَتْ في البحر قال وسَرَباً منصوبٌ على جهتَين على المفعولِ كقولك اتخذْتُ طريقِي في السَّرَب واتخذتُ طريقي مكانَ كذا وكذا فيكون مفعولاً ثانياً كقولك اتخذت زيداً وكيلاً قال ويجوز أَن يكونَ سَرَباً مصدراً يَدُلُّ عليه اتخذ سبيلَه في البحر فيكون المعنى نَسِيَا حُوتَهما فجَعَل الحوتُ طريقَه في البحر ثم بَيَّن كيف ذلك فكأَنه قال سَرِبَ الحوتُ سَرَباً وقال المُعْتَرِض الظَّفَرِي في السَّرَب وجعله طريقاً
تَرَكْنا الضَّبْع سارِبةً إِليهم ... تَنُوبُ اللحمَ في سَرَبِ المَخِيمِ
قيل تَنُوبُه تأْتيه والسَّرَب الطريقُ والمخيم اسم وادٍ وعلى هذا معنى الآية فاتخذ سبيلَه في البحر سَرَباً أَي سبيل الحوت طريقاً لنفسِه لا يَحِيدُ عنه المعنى اتخذ الحوتُ سبيلَه الذي سَلَكَه طريقاً طَرَقَه قال أَبو حاتم اتخذ طريقَه

الصفحة 1981