يَشْجوه والوجه الثاني أَن العرب تمدُّ فَعِلاَ بياءٍ فتقول فلان قَمِنٌ لكذا وقَمِين لكذا وسَمِجٌ وسَمِيجٌ وفلان كرٍ وكرِيٌّ للنائم وأَنشد ابن الأَعرابي متى تَبِتْ ببَطْنِ وادٍ أَو تَقِلْ تترُكْ به مثلَ الكَرِيِّ المُنَجدِلْ وقال المتنخل وما إن صوتُ نائحَةٍ شَجيُّ فشدَّ الياءَ والكلام صوتٌ شَجٍ والوجه الثالث أَن العرب توازِنُ اللفظ باللفظ ازْدِواجاً كقولهم إني لآتيه بالغَدايا والعَشايا وإنما تُجْمَع الغَداةُ غَدَواتٍ فقالوا غَدايا لازْدِواجهِ بالعَشايا ويقال له ما ساءَه وناءَهُ والأَصل أَناءَه وكذلك وازَنُوا الشَّجيَّ بالخَليِّ وقيل معنى قولهم ويلٌ للشَّجِيّ من الخَليّ ويل للمهموم من الفارِغِ قال وشَجِيَ إذا غصَّ أَبو العباس في الفصيح عن الأَصمعي ويلٌ للشَّجيّ من الخَليِّ بتثقيل الياء فيهما وأَنشد ويلُ الشَّجيّ من الخَليّ فإنه نَصِبُ الفُؤاد بحُزْنهِ مَهْمومُ والشَّجْوُ الحاجة ومَفازَةٌ شَجْواءُ صعبَةُ المَسْلَكِ مَهْمَةٌ أَبو عمرو بن العلاء جَمَّشَ فتيً من العرب حَضَرِيَّةً فتَشاجَتْ عليه فقال لها واللهِ ما لكِ مُلأَةُ الحُسْنِ ولا عَمودهُ ولا بُرْنُسهُ فما هذا الامتِناعُ ؟ قال مُلأَتُه بياضهُ وعَمودهُ طُولُه وبُرْنُسهُ شَعَرَهُ تشاجَت أَي تَمنَّعَت وتحازَنَت فقالت واحَزَنا حينَ يَتَعَرَّضُ جِلْفٌ لِمثلي قال عمرو بن بحر قلت لابن دَبُوقاءَ أَيُّ شيءٍ أَولُ التَّشاجي ؟ قال التَّباهُرُ والقَرْمَطة في المشي قال وتوصف مِشْية المرأَة بمِشْية القَطاةِ لتَقارُب الخَطْوة قال يَتَمَشَّيْنَ كما تَمْ شي قَطاً أَو بَقَرات والشَّجَوْجى الطويلُ الظَّهْرِ القصيرُ الرِّجْلِ وقيل هو المُفْرِطُ الطولِ الضَّخْمُ العِظامِ وقيل هو الطويلُ التامُّ وقيل هو الطويلُ الرِّجْلَينِ مثلُ الخَجَوْجى وفي المحكم يُمَدُّ ويُقْصَر وفَرَسٌ شَجَوْجىً ضَخْمٌ عن ابن الأَعرابي وأَنشد وكل شَجَوْجىً قُصَّ أَسفلُ ذَيْلِهِ فشَمَّرَ عن نَهْدٍ مَراكِلُه عَبْل وريحٌ شَجَوْجىً وشَجْوْجاةٌ دائمةُ الهُبوب والشَّجَوْجى العَقْعَق والأُنثى شَجَوْجاةٌ وفي حديث الحجاج أَن رُفْقَةً ماتَتْ بالشَّجي هو بكسر الجيم وسكون الياء مَنزِلٌ في طريق مكة شَرَّفها الله تعالى( شحب ) شَحَبَ لَوْنُه وجِسْمُه يَشْحَبُ ويَشْحُبُ بالضم شُحُوباً وشَحُبَ شُحُوبةً تَغَيَّرَ من هُزالٍ أَو عَمَلٍ أَو جُوعٍ أَو سَفَرٍ ولم يُقَيِّد في الصحاح التغير بسَبَب بل قال شَحُبَ جِسْمُه إِذا تغَيَّرَ وأَنشد للنمر بن تولب
وفي جِسْمِ راعِيها شُحُوبٌ كأَنه ... هُزالٌ وما مِنْ قِلَّةِ الطُّعمِ يُهْزَلُ
وقال لبيد في الأَوّل [ ص 485 ]
رَأَتْني قد شَحَبْتُ وسَلَّ جِسْمي ... طِلابُ النّازِحاتِ من الهُمُومِ
وقول تَأَبَّطَ شَرّاً
ولكِنَّني أُرْوِي مِنَ الخَمْرِ هامَتي ... وأَنْضُو المَلا بالشَّاحِبِ المُتَشَلْشِلِ
والمُتَشَلْشِلُ على هذا الذي تَخَدَّدَ لَحْمه وقلَّ وقيل الشاحِبُ هنا السَّيْفُ يَتَغَيَّر لوْنُه بما يَبِسَ عليه من الدَّم فالمُتَشَلْشِلُ على هذا هو الذي يَتَشَلْشَلُ بالدم وأَنْضُو أَنزِعُ وأَكشِفُ والشّاحِبُ المَهْزولُ قال
وقَد يَجْمَعُ المالَ الفَتى وهو شاحِبٌ ... وقد يُدْرِكُ المَوْتُ السَّمِينَ البَلَنْدَحا
وفي الحديث مَنْ سَرَّه أَن يَنظُر إِليَّ فلْيَنْظُر إِلى أَشْعَثَ شاحِبٍ والشّاحِبُ المُتَغَيِّر اللَّونِ لعارضٍ من مَرَضٍ أَو سَفَرٍ أَو نحوهما ومنه حديث ابن الأَكْوَعِ رآني رسولُ اللّه صلى اللّه عليه وسلم شاحِباً شاكياً وفي حديث ابن مسعود رضي اللّه عنه يَلْقَى شَيْطانُ الكافِرِ شَيطانَ المؤْمِن شاحِباً وفي حديث الحسن لا تَلْقَى المُؤْمِنَ إِلاَّ شاحِباً لأَنَّ الشُّحوبَ من آثار الخَوفِ وقِلَّةِ المأْكل والتَّنَعُّم وشَحَبَ وَجْهَ الأَرضِ يَشْحَبُه شَحْباً قَشَرَه يمانِيةٌ
( شحث ) الأَزهري قال الليث بَلَغنا أَن شَحِيثا كلمةٌ سُرْيانية وأَنه تَنْفَتِح بها الأَغالِيقُ بلا مَفاتيح وفي الحديث هَلُمِّي المُدْية فَاشْحَثِيها بحَجَر أَي حُدِّيها وسُنِّيها ويقال بالذال ( شحج ) الشَّحِيجُ والشُّحاج بالضم صَوْت البغل وبعض أَصوات الحمار وقال ابن سيده هو صوت البغل والحمار والغُراب إِذا أَسَنَّ ويقال للبغال بنات شاحِج وبنات شَحَّاج وربما استُعِير للإِنسان شَحَجَ يَشْحَجُ ويَشْحِج شَحِيجاً وشُحاجاً وشَحَجاناً وتَشْحاجاً وتَشَحَّج واسْتَشْحَج قال ذو الرمة ومُسْتَشْحَجاتٍ بالفِراقِ كأَنها مَثاكِيلُ من صُيَّابة النُّوبِ نُوَّحُ ويقال للغِرْبان مُسْتَشْحَجات ومُسْتَشْحِجات بفتح الحاءِ وكسرها وشبَّهها بالنُّوبَةِ لِسَوادها قال ابن سيده وأُرى ثعلباً قد حكى شَحِج بالكسر قال ولست منه على ثِقَة وفي حدث ابن عمر أَنه دخل المسجد فرأَى قاصّاً صَيّاحاً فقال اخفِضْ من صوتك أَلم تعلم أَن الله يُبغِضُ كلَّ شَحَّاج ؟ الشُّحَاج رفع الصوت وهو بالبغل والحمار أَخصُّ كأَنه تَعْريض بقوله تعالى إِنَّ أَنْكَرَ الأَصْوات لَصَوْتُ