إِذا لمْ تَرُحْ أَدَّى إِليها مُعَجِّلٌ ... شَعِيبَ أَدِيمٍ ذا فِراغَينِ مُتْرَعا
يعني ذا أَدِيمَين قُوبِلَ بينهما وقيل التي تُفْأَمُ بجِلْدٍ ثالِثٍ بين الجِلْدَين لتَتَّسِعَ وقيل هي التي من قِطْعَتَينِ شُعِبَتْ إِحداهُما إِلى الأُخرى أَي ضُمَّتْ وقيل هي المَخْرُوزَةُ من وَجْهينِ وكلُّ ذلك من الجمعِ والشَّعِيبُ أَيضاً السِّقاءُ البالي لأَنه يُشْعَب وجَمْعُ كلِّ ذلك شُعُبٌ والشَّعِيبُ والمَزادةُ والراويَةُ والسَّطيحةُ شيءٌ واحدٌ سمي بذلك لأَنه ضُمَّ بعضُه إِلى بعضٍ ويقال أَشْعَبُه فما يَنْشَعِبُ أَي فما يَلْتَئِمُ ويُسَمَّى الرحلُ شَعِيباً ومنه قولُ المَرّار يَصِفُ ناقةً
إِذا هي خَرَّتْ خَرَّ مِن عن يمينِها ... شَعِيبٌ به إِجْمامُها ولُغُوبُها ( 1 )
( 1 قوله « من عن يمينها » هكذا في الأصل والجوهري والذي في التهذيب من عن شمالها )
يعني الرحْل لأَنه مَشْعوب بعضُه إِلى بعضٍ أَي مضمومٌ
وتقول التَأَمَ شَعْبُهم إِذا اجتمعوا بعد التفَرُّقِ وتَفَرَّقَ شَعْبُهم إِذا تَفَرَّقُوا بعد الاجتماعِ قال الأَزهري وهذا من عجائب كلامِهم قال الطرماح
شَتَّ شَعْبُ الحيِّ بعد التِئامِ ... وشَجاكَ اليَوْمَ رَبْعُ المُقامِ
أَي شَتَّ الجميعُ وفي الحديث ما هذه الفُتْيا التي شَعَبْتَ بها الناسَ ؟ أَي فرَّقْتَهم والمُخاطَبُ بهذا القول ابنُ عباسٍ في تحليلِ المُتْعةِ والمُخاطِبُ له بذلك رَجُلٌ من بَلْهُجَيْم والشَّعْبُ الصدعُ والتَّفَرُّقُ في الشيءِ والجمْع شُعوبٌ والشُّعْبةُ الرُّؤْبةُ وهي قِطْعةٌ يُشْعَب بها الإِناءُ يقال قَصْعةٌ مُشَعَّبة أَي شُعِبَتْ في مواضِعَ منها شُدِّدَ للكثرة وفي حديث عائشة رضي اللّه عنها وَوَصَفَتْ أَباها رضي اللّه عنه يَرْأَبُ شَعْبَها أَي يَجْمَعُ مُتَفَرِّقَ أَمْرِ الأُمّةِ وكلِمَتَها وقد يكونُ الشَّعْبُ بمعنى الإِصلاحِ في غير هذا وهو من الأَضْدادِ والشَّعْبُ شَعْبُ الرَّأْسِ وهو شأْنُه الذي يَضُمُّ قَبائِلَه [ ص 499 ] وفي الرَّأْسِ أَربَعُ قَبائل وأَنشد
فإِنْ أَوْدَى مُعَوِيَةُ بنُ صَخْرٍ ... فبَشِّرْ شَعْبَ رَأْسِكَ بانْصِداعِ
وتقول هما شَعْبانِ أَي مِثْلانِ وتَشَعَّبَتْ أَغصانُ الشجرة وانْشَعَبَتْ انْتَشَرَت وتَفَرَّقَتْ والشُّعْبة من الشجر ما تَفَرَّقَ من أَغصانها قال لبيد
تَسْلُبُ الكانِسَ لم يُؤْرَ بها ... شُعْبةَ الساقِ إِذا الظّلُّ عَقَل
شُعْبةُ الساقِ غُصْنٌ من أَغصانها وشُعَبُ الغُصْنِ أَطرافُه المُتَفَرِّقَة وكلُّه راجعٌ إِلى معنى الافتراقِ وقيل ما بين كلِّ غُصْنَيْن شُعْبةٌ والشُّعْبةُ بالضم واحدة الشُّعَبِ وهي الأَغصانُ ويقال هذه عَصاً في رأْسِها شُعْبَتانِ قال الأَزهري وسَماعي من العرب عَصاً في رَأْسِها شُعْبانِ بغير تاء والشُّعَبُ الأَصابع والزرعُ يكونُ على ورَقة ثم يُشَعِّبُ وشَعَّبَ الزرعُ وتَشَعَّبَ صار ذا شُعَبٍ أَي فِرَقٍ والتَّشَعُّبُ التفرُّق والانْشِعابُ مِثلُه وانْشَعَبَ الطريقُ تَفَرَّقَ وكذلك أَغصانُ الشجرة وانْشَعَبَ النَّهْرُ وتَشَعَّبَ تَفرَّقَتْ منه أَنهارٌ وانْشَعَبَ به القولُ أَخَذَ به من مَعْنًى إِلى مَعْنًى مُفارِقٍ للأَولِ وقول ساعدة
هَجَرَتْ غَضُوبُ وحُبَّ مَنْ يَتَجَنَّبُ ... وعَدَتْ عَوادٍ دُونَ وَلْيِكَ تَشْعَبُ
قيل تَشْعَبُ تَصْرِفُ وتَمْنَع وقيل لا تجيءُ على القصدِ وشُعَبُ الجبالِ رؤُوسُها وقيل ما تفرَّقَ من رؤُوسِها الشُّعْبةُ دون الشِّعْبِ وقيل أُخَيَّة الشِّعْب وكلتاهما يَصُبُّ من الجبل والشِّعْبُ ما انْفَرَجَ بين جَبَلَينِ والشِّعْبُ مَسِيلُ الماء في بطنٍ من الأَرضِ له حَرْفانِ مُشْرِفانِ وعَرْضُه بَطْحةُ رجُلٍ إِذا انْبَطَح وقد يكون بين سَنَدَيْ جَبَلَين والشُّعْبةُ صَدْعٌ في الجبلِ يأْوي إِليه الطَّيرُ وهو منه والشُّعْبةُ المَسِيلُ في ارتفاعِ قَرارَةِ الرَّمْلِ والشُّعْبة المَسِيلُ الصغيرُ يقال شُعْبةٌ حافِلٌ أَي مُمتلِئة سَيْلاً والشُّعْبةُ ما صَغُرَ عن التَّلْعة وقيل ما عَظُمَ من سَواقي الأَوْدِيةِ وقيل الشُّعْبة ما انْشَعَبَ من التَّلْعة والوادي أَي عَدَل عنه وأَخَذ في طريقٍ غيرِ طريقِه فتِلك الشُّعْبة والجمع شُعَبٌ وشِعابٌ والشُّعْبةُ الفِرْقة والطائفة من الشيءِ وفي يده شُعْبةُ خيرٍ مَثَلٌ بذلك ويقال اشْعَبْ لي شُعْبةً من المالِ أَي أَعْطِني قِطعة من مالِكَ وفي يدي شُعْبةٌ من مالٍ وفي الحديث الحياءُ شُعْبةٌ من الإِيمانِ أَي طائفةٌ منه وقِطعة وإِنما جَعَلَه بعضَ الإِيمان لأَنَّ المُسْتَحِي يَنْقَطِعُ لِحيائِه عن المعاصي وإِن لم تكن له تَقِيَّةٌ فصار كالإِيمانِ الذي يَقْطَعُ بينَها وبينَه وفي حديث ابن مسعود الشَّبابُ شُعْبة من الجُنونِ إِنما جَعَله شُعْبةً منه لأَنَّ الجُنونَ يُزِيلُ العَقْلَ وكذلك الشَّبابُ قد يُسْرِعُ إِلى قِلَّةِ العَقْلِ لِما فيه من كثرةِ المَيْلِ إِلى الشَّهَوات والإِقْدامِ على المَضارّ