وعَمَّى عليه الموت بابَيْ طَريقه يعني عَيْنَيْه ورجل عَمٍ إذا كان أَعْمَى القَلْبِ ورجل عَمِي القَلْب أَي جاهلٌ والعَمَى ذهابُ نَظَرِ القَلْبِ والفِعْلُ كالفِعْلِ والصِّفةُ كالصّفةِ إلاَّ أَنه لا يُبْنَى فِعْلُه على افْعالَّ لأَنه ليس بمَحسوسٍ وإنما هو على المَثَل وافْعالَّ إنما هو للمَحْسوس في اللَّوْنِ والعاهَةِ وقوله تعالى وما يَسْتَوِي الأَعْمَى والبَصير ولا الظُّلُماتُ ولا النُّورُ ولا الظِّلُّ ولا الحَرُورُ قال الزجاج هذا مَثَل ضَرَبه اللهُ للمؤمنين والكافرين والمعنى وما يَسْتَوي الأَعْمَى عن الحَق وهو الكافِر والبَصِير وهو المؤمن الذي يُبْصِر رُشْدَهُ ولا الظُّلماتُ ولا النورُ الظُّلماتُ الضلالات والنورُ الهُدَى ولا الظلُّ ولا الحَرورُ أَي لا يَسْتَوي أَصحابُ الحَقِّ الذينَ هم في ظلٍّ من الحَقّ ولا أَصحابُ الباطِلِ الذين هم في حَرٍّ دائمٍ وقول الشاعر وثلاثٍ بينَ اثْنَتَينِ بها يُرْ سلُ أَعْمَى بما يَكيِدُ بَصيرَا يعني القِدْحَ وجَعَله أَعْمى لأَنه لا بَصَرَ لَهُ وجعله بصيراً لأَنه يُصَوِّب إلى حيثُ يَقْصد به الرَّامِي وتَعامَى أَظْهَر العَمَى يكون في العَين والقَلب وقوله تعالى ونَحشُرُه يومَ القيامة أَعْمَى قيلٍ هو مثْلُ قوله ونحشرُ المُجْرِمِينَ يومئذٍ زُرْقًا وقيل أَعْمَى عن حُجَّته وتأْويلُه أَنَّه لا حُجَّة له يَهْتَدي إلَيْها لأَنه ليس للناس على الله حجةٌ بعد الرسُل وقد بَشَّر وأَنْذَر ووَعَد وأَوْعَد وروي عن مجاهد في قوله تعالى قال رَبِّ لِمَ حَشَرْتَني أَعْمى وقد كُنْتُ بصيراً قال أَعْمَى عن الحُجَّة وقد كنتُ بصيراً بها وقال نَفْطَوَيْه يقال عَمِيَ فلانٌ عن رُشْدِه وعَمِيَ عليه طَريقُه إذا لم يَهْتَدِ لِطَرِيقه ورجلٌ عمٍ وقومٌ عَمُونَ قال وكُلَّما ذكرَ الله جل وعز العَمَى في كتابه فَذَمَّه يريدُ عَمَى القَلْبِ قال تعالى فإنَّها لا تَعْمَى الأَبْصارُ ولكِنْ تَعْمَى القُلوبُ التي في الصدورِ وقوله تعالى صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ هو على المَثَل جَعَلهم في ترك العَمَل بما يُبْصِرُون ووَعْي ما يَسْمعُون بمنزلة المَوْتى لأَن ما بَيّن من قدرتِه وصَنعته التي يَعْجز عنها المخلوقون دليلٌ على وحدانِيَّته والأعْمِيانِ السَّيْلُ والجَمَل الهائِجُ وقيل السَّيْلُ والحَرِيقُ كِلاهُما عن يَعقوب قال الأَزهري والأَعْمَى الليلُ والأَعْمَى السَّيْلُ وهما الأَبهمانِ أَيضاً بالباء للسَّيْلِ والليلِ وفي الحديث نَعُوذُ بالله مِنَ الأَعْمَيَيْن هما السَّيْلُ والحَريق لما يُصيبُ من يُصيبانِهِ من الحَيْرَة في أَمرِه أَو لأَنهما إذا حَدَثا ووَقَعا لا يُبْقِيان موضِعاً ولا يَتَجَنَّبانِ شيئاً كالأَعْمَى الذي لا يَدْرِي أَينَ يَسْلك فهو يَمشِي حيث أَدَّته رجْلُه وأَنشد ابن بري ولما رَأَيْتُك تَنْسَى الذِّمامَ ولا قَدْرَ عِنْدَكَ للمُعْدِمِ وتَجْفُو الشَّرِيفَ إذا ما أُخِلَّ وتُدْنِي الدَّنيَّ على الدِّرْهَمِ وَهَبْتُ إخاءَكَ للأَعْمَيَيْن وللأَثْرَمَيْنِ ولَمْ أَظْلِمِ أُخِلَّ من الخَلَّة وهي الحاجة والأَعْمَيانِ السَّيْل والنارُ والأَثْرَمان الدهْرُ والموتُ والعَمْيَاءُ والعَمَايَة والعُمِيَّة والعَمِيَّة كلُّه الغَوايةُ واللَّجاجة في الباطل والعُمِّيَّةُ والعِمِّيَّةُ الكِبرُ من ذلك وفي حديث أُم مَعْبَدٍ تَسَفَّهُوا عَمايَتَهُمْ العَمايةُ الضَّلالُ وهي فَعالَة من العَمَى وحكى اللحياني تَرَكْتُهم في عُمِّيَّة وعِمِّيَّة وهو من العَمَى وقَتيلُ عِمِّيَّا أَي لم يُدْرَ من قَتَلَه وفي الحديث مَنْ قاتَلَ تحتَ راية عِمِّيَّة يَغْضَبُ لعَصَبَةٍ أَو يَنْصُرُ عَصَبَةً أَو يَدْعو إلى عَصَبَة فقُتِلَ قُتِلَ قِتْلَةً جاهلِيَّةً هو فِعِّيلَةٌ من العَماء الضَّلالِة كالقتالِ في العَصَبِيّةِ والأَهْواءِ وحكى بعضُهم فيها ضَمَّ العَيْن وسُئل أَحْمدُ بن حَنْبَل عَمَّنْ قُتِلَ في عِمِّيَّةٍ قال الأَمرُ الأَعْمَى للعَصَبِيَّة لا تَسْتَبِينُ ما وجْهُه قال أَبو إسحق إنما مَعنى هذا في تَحارُبِ القَوْمِ وقتل بعضهم بعضاً يقول مَنْ قُتِلَ فيها كان هالكاً قال أَبو زيد العِمِّيَّة الدَّعْوة العَمْياءُ فَقَتِيلُها في النار وقال أَبو العلاء العَصَبة بنُو العَمِّ والعَصَبيَّة أُخِذَتْ من العَصَبة وقيل العِمِّيَّة الفِتْنة وقيل الضَّلالة وقال الراعي كما يَذُودُ أَخُو العِمِّيَّة النَّجدُ يعني صاحبَ فِتْنَةٍ ومنه حديث الزُّبَير لئلا يموتَ مِيتَةَ عِمِّيَّةٍ أَي مِيتَةَ فِتْنَةٍ وجَهالَةٍ وفي الحديث من قُتِلَ في عِمِّيّاً في رَمْيٍ يكون بينهم فهوخطأٌ وفي رواية في عِمِّيَّةٍ في رِمِّيًّا تكون بينهم بالحجارة فهو خَطَأٌ العِمِّيَّا بالكسر والتشديد والقصر فِعِّيلى من العَمَى كالرِّمِّيَّا من الرَّمْي والخِصِّيصَى من التَّخَصُّصِ وهي مصادر والمعنى أَن يوجَدَ بينهم قَتِيلٌ يَعْمَى أَمرُه ولا يَبِينُ قاتِلُه فحكمُه حكْمُ قتيلِ الخَطَإ تجب فيه الدِّية وفي الحديث الآخر يَنزُو الشيطانُ بينَ الناس فيكون دَماً في عَمياء في غَير ضَغِينَة أَي في جَهالَةٍ من غير حِقْدٍ وعَداوة والعَمْياءُ تأْنيثُ الأَعْمَى يُريدُ بها الضلالة والجَهالة والعماية الجهالة بالشيء ومنه قوله تَجَلَّتْ عماياتُ الرِّجالِ عن الصِّبَا وعَمايَة الجاهِلَّيةِ جَهالَتها والأعماءُ المَجاهِلُ يجوز أن يكون واحدُها عَمىٌ وأَعْماءٌ عامِيَةٌ على المُبالَغة قال رؤبة