ولقد شُبَّتِ الحُرُوبُ فما غَمْ مَرْتَ فيها إذ قَلَّصَتْ عن حِيالِ أي قلَّصَتْ بعد حِيالها وقال في قول لبيد لوِرْدٍ تَقْلِصُ الغِيطانُ عنه يَبُكُّ مسافَةَ الخِمْسِ الكَمالِ
( * قوله « يبك مسافة إلخ » كذا أَنشده هنا كالتهذيب وأَنشده في مادة قلص كالمحكم يبذ مفازة الخمس الكلالا )
قال قوله عنه أَي من أَجله والعرب تقول سِرْ عنك وانْفُذْ عنك أَي امضِ وجُزْ لا معنى لعَنْك وفي حديث عمر رضي الله عنه أَنه طاف بالبيت مع يَعْلَى بن أُميَّة فلما انتهى إلى الركن الغرْبيِّ الذي يلي الأَسْودَ قال له أَلا تسْتَلِمُ ؟ فقال له انْفُذْ عنك فإِن النبي صلى الله عليه وسلم لم يسْتَلِمْه وفي الحديث تفسيره أَي دَعْه ويقال جاءنا الخبر عن النبي صلى الله عليه وسلم فتخفض النون ويقال جاءنا مِنَ الخير ما أَوجب الشكر فتفتح النون لأَن عن كانت في الأَصل عني ومن أَصلها مِنَا فدلت الفتحة على سقوط الأَلف كما دلت الكسرة في عن على سقوط الياء وأَنشد بعضهم مِنَا أن ذَرَّ قَرْنُ الشَّمْسِ حتى أَغاثَ شَرِيدَهمْ مَلَثُ الظَّلامِ وقال الزجاج في إِعراب من الوقفُ إِلا أَنها فتحت مع الأَسماء التي تدخلها الأَلف واللام لالتقاء الساكنين كقولك من الناس النون من من ساكنة والنون من الناس ساكنة وكان في الأَصل أَن تكسر لالتقاء الساكنين ولكنها فتحت لثقل اجتماع كسرتين لو كان من الناس لثَقُلَ ذلك وأَما إِعراب عن الناس فلا يجوز فيه إِلا الكسر لأَن أَول عن مفتوح قال والقول ما قال الزجاج في الفرق بينهما
( عنه ) قال ابن بري العِنْهُ نَبْتٌ واحدتُه عِنْهَةٌ قال رؤبة يصف الحمار وسَخِطَ العِنْهَةَ والقَيْصُوما ( عنا ) قال الله تعالى وعَنَتِ الوُجُوهُ للْحَيِّ القَيُّوم قال الفراء عَنَتِ الوُجوهُ نَصِبَتْ له وعَمِلتْ له وذكر أَيضاً أَنه وضْعُ المُسْلِمِ يَدَيْه وجَبْهَته وركْبَتَيْه إِذا سَجَد ورَكَع وهو في معنى العَرَبيَّة أَن تقول للرجل عَنَوْتُ لَكَ خَضَعْت لك وأَطَعْتُك وعَنَوْتُ للْحَقِّ عُنُوّاً خَضَعْت قال ابن سيده وقيل كلُّ خاضِعٍ لِحَقٍّ أَو غيرِه عانٍ والاسم من كلّ ذلك العَنْوة والعَنْوة القَهْرُ وأَخَذْتُه عَنْوةً أَي قَسْراً وقَهْراً من باب أَتَيْته عَدْواً قال ابن سيده ولا يَطَّرِدُ عندَ سيبويه وقيل أَخَذَه عَنْوة أَي عن طَاعَة وعن غيرِ طاعَةٍ وفُتِحَتْ هذه البلدةُ عَنْوةً أَي فُتِحَت بالقتال قُوتِل أَهلُها حتى غُلِبوا عليها وفُتِحَت البلدةُ الأُخرى صُلْحاً أَي لم يُغْلبوا ولكن صُولِحُوا على خَرْج يؤدُّنه وفي حديث الفتح أَنه دَخَل مَكَّة عَنْوَةً أَي قَهْراً وغَلَبةً قال ابن الأَثير هو من عَنا يَعْنُو إِذا ذلَّ وخَضَع والعَنْوَة المَرَّة منه كأَنَّ المأْخُوذَ بها يَخْضَع ويَذلُّ وأُخِذَتِ البلادُ عَنْوَةً بالقَهْرِ والإِذْلالِ ابن الأَعرابي عَنا يَعْنُو إِذا أَخَذَ الشيءَ قَهْراً وعَنَا يَعْنُو عَنْوَةً فيهما إِذا أَخَذَ الشيءَ صُلْحاً بإكْرام ورِفْقٍ والعَنْوة أَيضاً الموَدَّة قال الأَزهري قولهم أَخَذْتُ الشيءَ عَنْوةً يكون غَلَبَةً ويكون عن تَسْلِيمٍ وطاعة ممن يؤْخَذُ منه الشيء وأَنشد الفراء لكُثَيِّر فما أَخَذُوها عَنْوةً عن مَوَدَّة ولكِنَّ ضَرْبَ المَشْرَفيِّ اسْتَقالهَا فهذا على معنى التَّسْلِيم والطَّاعَة بلا قِتالٍ وقال الأَخْفش في قوله تعالى وْعَنَتِ الوُجوهُ اسْتَأْسَرَتْ قال والعاني الأَسِيرُ وقال أَبو الهيثم العاني الخاضِعُ والعاني العَبْدُ والعاني السائِلُ من ماءٍ أَوْ دَمٍ يقال عَنَت القِرْبة تَعْنُو إِذا سالَ ماؤُها وفي المحكم وعَنَتِ القِرْبَةُ بماءٍ كَثِيرٍ تَعْنُو لم تَحْفَظْه فظهر قال المُتَنَخِّل الهُذَلي تَعْنُو بمَخْرُوتٍ له ناضحٌ ذُو رَيِّقٍ يَغْذُو وذُو شَلْشَل ويروى قاطِر بدَلَ ناضِحٍ قال شمر تعْنُو تَسِيلُ بمَخْرُوتٍ أَي من شَقّ مَخْرُوتٍ والخَرْتُ الشَّقُّ في الشِّنَّة والمَخْرُوتُ المَشْقُوقُ رَوَّاه ذُو شَلْشَلٍ قال الأَزهري معناه ذو قَطَرانٍ من الواشن وهو القاطِرُ ويروى ذو رَوْنَقٍ ودَمٌ عانٍ سائِلٌ قال لمَّا رأَتْ أُمُّه بالبابِ مُهْرَتَه على يَدَيْها دَمٌ من رَأْسِه عانِ وعَنَوْت فيهم وعَنَيْت عُنُوّاً وعَناءً صرتُ أَسيراً وأَعْنَيْته أَسَرْته وقال أَبو الهيثم العَناء الحَبْس في شدة وذُلٍّ يقال عَنا الرجُلُ يَعْنُو عُنُوّاً وعَناءً إِذا ذلَّ لك واسْتَأْسَرَ قال وعَنَّيْتُه أُعَنّيه تَعْنِيَةً إِذا أَسَرْتَه وحَبَسْته مُضَيِّقاً عليه وفي الحديث اتَّقُوا اللهَ في النِّساء فإِنَّهُنَّ عندكم عَوانٍ أَي أَسْرى أَو كالأَسْرَى واحدة العَواني عانِيَةٌ وهي الأَسيرة يقول إنما هُنَّ عندكم بمنزلة الأَسْرى قال ابن سيده والعَواني النساءُ لأَنَّهُنَّ يُظْلَمْنَ فلا يَنْتَصِرْنَ وفي حديث المِقْدامِ الخالُ وارِثُ منْ لا وارِثَ له يَفُكُّ عانَه أَي عانِيَه فحذَف الياء وفي رواية يَفُكُّ عُنِيَّه بضم العين وتشديد الياء يقال عَنَا يَعْنُو عُنُوّاً وعُنِيّاً ومعنى الأَسر في هذا الحديث ما يَلْزَمهُ ويتعلق به بسبب الجنايات التي سَبيلُها أَن يَتَحَمَّلَها العاقلَة هذا عند من يُوَرِّث الخالَ ومن لا يُوَرِّثه يكونُ معناه أَنها طُعْمَة يُطْعَمُها الخالُ لا أَن يكون وارثاً ورجلٌ عانٍ وقوم عُناة ونِسْوَةٌ عَوانٍ ومنه قول النبي صلى الله عليه وسلم عُودُوا المَرْضى وفُكُّوا العانيَ يعني الأسيرَ وفي حديث