توجب قَلْب الواو ياءً وليستْ تقتضي قلبَ الياء واواً أَلا تراهم قالوا طَوَيْت طَيّاً وشوَيْت شَيّاً وأَصلُهما طَوْياً وشَوْياً فقلت الواوَ ياءً فهلاَّ إذ كان أَصل العَوَّا عَوْيَا قالوا عَيّاً فقلَبوا الواو ياءً كما قلبوها في طَوَيت طَيّاً وشَوَيت شَيّاً ؟ فالجواب أَن فَعْلَى إذا كانت اسماً لا وصفاً وكانت لامُها ياءً فقلبت ياؤها واواً وذلك نحو التَّقْوَى أَصلُها وَقْيَا لأَنها فَعْلَى من وَقَيْت والثَّنْوَى وهي فَعْلَى من ثَنَيْتُ والبَقْوَى وهي فَعْلى من بَقِيت والرَّعْوَى وهي فَعْلَى من رَعَيْت فكذلك العَوَّى فَعْلى من عَوَيْت وهي مع ذلك اسمٌ لا صفة بمنزلة البَقْوَى والتَّقْوَى والفَتْوَى فقلبت الياء التي هي لامٌ واواً وقبلها العين التي هي واو فالتقت واوان الأُولى ساكنة فأُدغمت في الآخِرة فصارت عَوًّا كما تَرَى ولو كانت فَعْلَى صفة لما قُلِبَت ياؤها واواً ولَبَقِيَت بحالها نحو الخَزْيَا والصَّدْيا ولو كانت قبل هذه الياء واوٌ لَقُلِبَت الواوُ ياءً كما يجب في الواوِ والياء إذ التَقَتا وسَكَن الأَوَّل منهما وذلك نحو قولهم امرأَة طَيَّا ورَيَّا وأَصلُهما طوْيَا ورَوْيَا لأَنهما من طَوَيْت ورَوِيت فقلبت الواوُ منهما ياءً وأُدغِمَت في الياء بَعْدَها فصارت طَيَّا وريَّا ولو كانت ريّاً اسماً لوَجَب أَن يُقال رَوَّى وحالُها كحالِ العَوَّا قال وقد حُكِيَ عنهم العَوَّاءُ بالمدِّ في هذا المنزِلِ من منازِل القَمر قال ابن سيده والقولُ عندي في ذلك أَنه زاد للمدّ الفاصل أَلفَ التأْنيثِ التي في العَوَّاء فصار في التقدير مثالُ العَوَّاا أَلفين كما ترى ساكنين فقلبت الآخرة التي هي علم التأْنيث همزة لمَّا تحركت لالتقاء الساكنين والقولُ فيها القولُ في حمراء وصَحْراءَ وصَلْفاءَ وخَبْراءَ فإن قيل فلَمَّا نُقِلَت من فَعْلى إلى فَعْلاء فزال القَصْرُ عنها هلاّ رُدَّت إلى القياس فقلبت الواو ياء لزوال وزن فَعْلى المقصورة كما يقال رجل أَلْوى وامرأَة لَيَّاءُ فهلاَّ قالوا على هذا العَيَّاء ؟ فالجواب أَنهم لم يَبْنوا الكَلِمةِ على أَنها ممدودة البَتْة ولو أَرادوا ذلك لقالوا العَيَّاء فمدّوا وأَصله العَوْياء كما قالوا امرأَة لَيَّاء وأَصلها لَوْياء ولكنهم إنما أَرادوا القَصْر الذي في العَوّا ثم إنهم اضْطُرُّوا إلى المدّ في بعض المواضِع ضرورة فبَقّوا الكلمة بحالِها الأُولى من قلب الياء التي هي لامٌ واواً وكان تَرْكُهُم القلبَ بحالِه أَدلَّ شيءٍ على أَنهم لم يَعتَزِموا المدّ البتَّة وأَنهم إنما اضْطُرُّوا إليه فَرَكبوه وهم حينئذ للقصر ناوُون وبه مَعْنيُّون قال الفرزدق فلَو بَلَغَتْ عَوّا السِّماكِ قَبيلةٌ لزادَت علَيها نَهْشَلٌ ونَعَلَّت ونسبه ابن بري إلى الحطيئة الأزهري والعوّاء النابُ من الإبلِ ممدودةٌ وقيل هي في لُغة هُذيل النابُ الكَبيرة التي لا سَنامَ لها وأنشد وكانوا السَّنامَ اجْتُثَّ أَمْسِ فقَوْمُهُم كَعَوَّاءَ بعد النِّيِّ غابَ رَبِيعُها وعَواهُ عن الشيء عَيّاً صَرفه وعَوَّى عن الرجُل كَذَّب عنه وردَّ على مُغْتابه وأَعواءٌ موضع قال عبدُ منافِ بنُ رِبْع الهُذ أَلا رُبَّ داعٍ لا يُجابُ ومُدَّعٍ صلى الله عليه وسلم بساحةِ أَعْواءِ وناجِ مُوائِلِ الجوهري العَوَّاءُ سافِلَة الإنسانِ وقد تُقْصر ابن سيده العَوَّا والعُوَّى والعَوَّاء والعُوَّة كلُّه الدُّبُر والعَوَّةُ عَلَم من حِجارة يُنْصَب على غَلْظِ الأَرض والعَوَّةُ الضَّوَّة وعَوْعَى عَوْعاةً زجَرَ الضأْنَ الليث العَوَّا والعَوّة لغتان وهي الدُّبُر
وأَنشد قِياماً يُوارُون عَوّاتِهمْ ... بِشَتْمِي وعَوََّّاتُهُم أَظْهَر
وقال الآخر في العَوَّا بمعنى العَوَّة فَهَلاَّ شَدَدْتَ العَقْدَ أَو بِتَّ طاوِياً ولم يفرح العوّا كما يفرح القتْبُ
( * قوله « ولم يفرح إلخ » هكذا في الأصل )
والعَوّةُ والضَّوَّةُ الصَّوْتُ والجلَبَة يقال سمِعت عَوَّةَ القومِ وضَوَّتَهُم أَي أَصْواتَهُم وجَلَبَتَهُم والعَوُّ جمع عَوَّةٍ وهي أُمُّ سُوَيْد وقال الليث عَا مَقْصورٌ زجْرٌ للضِّئِينَ ورُبَّما قالوا عَوْ وعاء وعايْ كل ذلك يُقال والفعل منه عاعَى يُعاعِي مُعاعاةً وعاعاةً ويقال أَيضاً عَوْعَى يُعَوْعِي عَوْعاةً وعَيْعَى يُعَيْعِي عَيْعاة وعِيعاءً وأَنشد وإنّ ثِيابي من ثِيابِ مُحَرَّقٍ ولمْ أَسْتَعِرْها من مُعاعٍ وناعِقِ
( عيب ) ابن سيده العَابُ والعَيْبُ والعَيْبَةُ الوَصْمة قال سيبويه أَمالوا العابَ تشبيهاً له بأَلف رَمَى لأَنها منقلبة عن ياء وهو نادر والجمع أَعْيابٌ وعُيُوبٌ الأَول عن ثعلب وأَنشد
كَيْما أَعُدَّكُمُ لأَبْعَدَ منكُمُ ... ولقد يُجاءُ إِلى ذوي الأَعْيابِ
ورواه ابن الأَعرابي إِلى ذوي الأَلباب والمَعابُ والمَعِيبُ العَيْبُ وقول أَبي زُبَيْدٍ الطَّائيّ
إِذا اللَّثى رَقَأَتْ بعدَ الكَرى وذَوَتْ ... وأَحْدَثَ الرِّيقُ بالأَفْواه عَيَّابا
يجوز فيه أَن يكون العَيَّابُ اسماً للعَيْبِ كالقَذَّافِ والجَبَّانِ ويجوز أَن يُريدَ عَيْبَ عَيَّابٍ فحَذَفَ المضاف وأَقام المضاف إِليه مُقامه