كتاب لسان العرب - ط المعارف (اسم الجزء: 5)

والغارِبُ الكاهِلُ من الخُفِّ وهو ما بين السَّنام والعُنُق ومنه قولهم حَبْلُكِ على غارِبكِ وكانت العربُ إِذا طَلَّقَ أَحدُهم امرأَته في الجاهلية قال لها حَبْلُك على غارِبك أَي خَلَّيتُ سبيلك فاذْهَبي حيثُ شِئْتِ قال الأَصمعي وذلك أَنَّ الناقة إِذا رَعَتْ وعليها خِطامُها أُلْقِيَ على غارِبها وتُرِكَتْ ليس عليها خِطام لأَنها إِذا رأَت الخِطامَ لم يُهْنِها المَرْعى قال معناه أَمْرُكِ إِلَيكِ اعمَلي ما شِئْتِ والغارِب أَعْلى مُقَدَّم السَّنام وإِذا أُهْمِلَ البعيرُ طُرِحَ حَبلُه على سَنامه وتُرِكَ يَذْهَبُ حيث شاءَ وتقول أَنتَ مُخَلًّى كهذا البعير لا يُمْنَعُ من شيءٍ فكان أَهل الجاهلية يُطَلِّقونَ بهذا وفي حديث عائشة رضي اللّه عنها قالت ليَزِيدَ بن الأَصَمِّ رُمِيَ بِرَسَنِك على غارِبك أَي خُلِّيَ سَبِيلُك فليس لك أَحدٌ يمنعك عما تريد تَشْبيهاً بالبعير يُوضَعُ زِمامُه على ظهرِه ويُطْلَقُ يَسرَح أَين أَراد في المرْعى وورد في الحديث في كنايات الطلاق حَبْلُكِ على غارِبِك أَي أَنتِ مُرْسَلةٌ مُطْلَقة غير مشدودة ولا مُمْسَكة بعَقْدِ النكاح والغارِبانِ مُقَدَّمُ الظهْر ومُؤَخَّرُه وغَوارِبُ الماءِ أَعاليه وقيل أَعالي مَوْجِه شُبِّهَ بغَوارِبِ الإِبل وقيل غاربُ كلِّ شيءٍ أَعْلاه الليث الغارِبُ أَعْلى المَوْج وأَعلى الظَّهر والغارِبُ أَعلى مُقَدَّمِ السَّنام وبعيرٌ ذُو غارِبَين إِذا كان ما بَينَ غارِبَيْ سَنامِه مُتَفَتِّقاً وأَكثرُ ما يكون هذا في البَخاتِيِّ التي أَبوها الفالِجُ وأُمها عربية وفي حديث الزبير فما زال يَفْتِلُ في الذِّرْوَةِ والغارِب حتى أَجابَتْه عائشةُ إِلى الخُروج الغاربُ مُقَدَّمُ السَّنام والذِّرْوَةُ أَعلاه أَراد أَنه ما زال يُخادِعُها ويَتَلطَّفُها حتى أَجابَتهُ والأَصل فيه أَن الرجل إِذا أَراد أَن يُؤَنِّسَ البعيرَ الصَّعْبَ لِيَزُمَّه ويَنْقاد له جَعَل يُمِرُّ يَدَه عليه ويَمسَحُ غاربَه ويَفتِلُ وبَرَه حتى يَسْتَأْنِسَ ويَضَعَ فيه الزِّمام [ ص 645 ] والغُرابانِ طَرَفا الوَرِكَينِ الأَسْفَلانِ اللَّذان يَلِيانِ أَعالي الفَخِذَين وقيل هما رُؤُوس الوَرِكَين وأَعالي فُرُوعهما وقيل بل هما عَظْمانِ رَقيقانِ أَسفل من الفَراشة وقيل هما عَظْمانِ شاخصانِ يَبْتَدّانِ الصُّلْبَ والغُرابانِ من الفَرس والبعير حَرفا الوَرِكَينِ الأَيْسَرِ والأَيمنِ اللَّذانِ فوقَ الذَّنَب حيث التَقَى رأْسا الوَرِكِ اليُمْنى واليُسْرى والجمع غِربانٌ قال الراجز يا عَجَبا للعَجَبِ العُجابِ خَمْسَةُ غِرْبانٍ على غُرابِ وقال ذو الرمة
وقَرَّبْنَ بالزُّرْقِ الحَمائلَ بَعْدما ... تَقَوَّبَ عن غِرْبان أَوْراكها الخَطْرُ
أَراد تَقَوَّبَتْ غِرْبانُها عن الخَطْرِ فقلبه لأَن المعنى معروف كقولك لا يَدْخُلُ الخاتَمُ في إِصْبَعِي أَي لا يَدْخُلُ إِصْبَعي في خاتَمي وقيل الغِرْبانُ أَوْراكُ الإِبل أَنْفُسها أَنشد ابن الأَعرابي
سأَرْفَعُ قَوْلاً للحُصَينِ ومُنْذِرٍ ... تَطِيرُ به الغِرْبانُ شَطْرَ المَواسم
قال الغِرْبانُ هنا أَوْراكُ الإِبِلِ أَي تَحْمِلُه الرواةُ إِلى المواسم والغِرْبانُ غِرْبانُ الإِبِلِ والغُرابانِ طَرَفا الوَرِك اللَّذانِ يَكونانِ خَلْفَ القَطاةِ والمعنى أَن هذا الشِّعْرَ يُذْهَبُ به على الإِبِل إِلى المَواسم وليس يُرِيدُ الغِربانَ دونَ غيرِها وهذا كما قال الآخر
وإِنَّ عِتاقَ العِيسِ سَوْفَ يَزُورُكُمْ ... ثَنائي على أَعْجازِهِنَّ مُعَلَّقُ
فليس يريد الأَعجاز دون الصُّدور وقيل إِنما خصَّ الأَعْجازَ والأَوْراكَ لأَنَّ قائِلَها جَعل كِتابَها في قَعْبَةٍ احْتَقَبها وشدَّها على عَجُز بعيره والغُرابُ حَدُّ الوَرك الذي يلي الظهْرَ والغُرابُ الطائرُ الأَسْوَدُ والجمع أَغْرِبة وأَغْرُبٌ وغِرْبانٌ وغُرُبٌ قال وأَنْتُم خِفافٌ مِثْلُ أَجْنحةِ الغُرُبْ وغَرابِينُ جمعُ الجمع والعرب تقول فلانٌ أَبْصَرُ من غُرابٍ وأَحْذَرُ من غُرابٍ وأَزْهَى من غُرابٍ وأَصْفَى عَيْشاً من غُرابٍ وأَشدُّ سواداً من غُرابٍ وإِذا نَعَتُوا أَرْضاً بالخِصْبِ قالوا وَقَعَ في أَرْضٍ لا يَطِير غُرابُها ويقولون وجَدَ تَمْرَةَ الغُرابِ وذلك أَنه يتَّبِعُ أَجودَ التَّمْر فيَنْتَقِيه ويقولون أَشْأَمُ من غُرابٍ وأَفْسَقُ من غُراب ويقولون طارَ غُرابُ فلانٍ إِذا شاب رأْسُه ومنه قوله ولمَّا رَأَيْتُ النَّسْرَ عَزَّ ابنَ دَايةٍ أَراد بابْنِ دايةٍ الغُرابَ وفي الحديث أَنه غَيَّرَ اسمَ غُرابٍ لمَا فيه من البُعْدِ ولأَنه من أَخْبَث الطُّيور وفي حديث عائشة لمّا نَزَلَ قولُه تعالى ولْيَضْرِبْنَ بخُمُرِهِنَّ على جُيوبِهِنَّ فأَصْبَحْنَ على رؤوسِهِنَّ الغِرْبانُ شَبَّهَتِ الخُمُرَ في سوادها بالغِرْبان جمع غُراب كما قال الكميت كغِرْبانِ الكُروم الدوالِجِ وقوله
زَمانَ عَليَّ غُرابٌ غُدافٌ ... فطَيَّرَهُ الشَّيْبُ عنِّي فطارا
إِنما عَنى به شِدَّةَ سوادِ شعره زمانَ شَبابِه وقوله غرب الغَرْبُ والمَغْرِبُ بمعنى واحد ابن سيده الغَرْبُ خِلافُ فَطَيَّرَه الشَّيْبُ لم يُرِدْ أَن جَوْهَرَ الشَّعر زال لكنه أَراد أَنّ السَّوادَ أَزالَه الدهرُ فبَقِي الشعرُ مُبْيَضّاً وغُرابٌ غاربٌ على المبالغة كما قالوا شِعْرٌ شاعِرٌ ومَوتٌ مائِتٌ قال رؤبة فازْجُرْ من الطَّيرِ الغُرابَ الغارِبا والغُرابُ قَذالُ الرأْس يقال شابَ غُرابُه أَي شَعَرُ قَذالِه وغُرابُ الفأْسِ حَدُّها وقال الشَّمّاخ يصف رجلاً قَطَعَ نَبْعةً

الصفحة 3229