كتاب لسان العرب - ط المعارف (اسم الجزء: 5)

يَخُون أُمّته وتفسير ذلك أَن الغَنائم جمعها سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في غَزَاة فجاءه جماعة من المسلمين فقالوا لا تقسم غنائمنا فقال النبي صلى الله عليه وسلم لو أَفاء الله عليّ مثل أُحُد ذهباً ما منعتكم درهماً أَترَوْنني أَغُلُّكم مَغْنَمكم ؟ قال ومن قرأَ أَن يُغَل فهو جائز على ضرْبين أَحدهما ما كان لنبي أَن يَغُله أَصحابه أَي يخونوه وجاء عن النبي صلى الله عليه وسلم أَنه قال لأَعْرِفَنّ أَحدكم يجيء يوم القيامة ومعه شاة قد غَلَّها لها ثُغاءٌ ثم قال أَدّوا الخِياطَ والمِخْيَط والوجه الثاني أَن يكون يُغَل يخوَّن وكان أَبو عمرو بن العَلاء ويونس يختاران وما كان لنبي أَن يَغُل قال يونس كيف لا يُغَل ؟ بلى ويقتل وقال أَبو عبيد الغُلول من المَغْنَم خاصة ولا نراه من الخيانة ولا من الحِقْد ومما يبين ذلك أَنه يقال من الخيانة أَغَلّ يُغِلّ ومن الحِقْد غَلّ يَغِلّ بالكسر ومن الغُلول غَلّ يَغُلّ بالضم قال ابن بري قلّ أَن نجد في كلام العرب ما كان لفلان أَن يُضْرَب على أَن يكون الفعل مبنيّاً للمفعول وإِنما نجده مبنيّاً للفاعل كقولك ما كان لمؤمن أَن يَكْذِب وما كان لنبي أَن يَخُون وما كان لمُحرِم أَن يلبَس قال وبهذا تعلم صحة قراءة من قرأَ وما كان لنبي أَن يَغُل على إِسناد الفعل للفاعل دون المفعول قال والشاهد على قوله يُقال من الخيانة أَغَلَّ يُغِل قول الشاعر حَدَّثْتَ نَفسَكَ بالوَفاء ولم تكن للغَدْر خائنة مُعِلّ الإِصبع وفي الحديث أَنه صلى الله عليه وسلم أَمْلى في صُلْح الحُدَيْبية أَن لا إِغْلال ولا إِسْلال قال أَبو عبيد الإِغْلال الخِيانة والإِسْلال السَّرِقة وقيل الإِغلال السرقة أَي لا خيانة ولا سرقة ويقال لا رِشْوة قال ابن الأَثير وقد تكرر ذكر الغُلول في الحديث وهو الخيانة في المَغْنم والسرقة من الغَنيمة وكلُّ من خان في شيء خُفْية فقد غل وسميت غُلولاً لأَن الأَيدي فيها مَغْلولة أَي ممنوعة مجعول فيها غُلّ وهو الحديدة التي تجمع يد الأَسير إِلى عُنقه ويقال لها جامِعَة أَيضاً وأَحاديث الغُلول في الغنيمة كثيرة أَبو عبيدة رجل مُغِلّ مُسِلّ أَي صاحب خيانة وسَلَّةٍ ومنه قول شريح ليس على المُستعير غير المُغِلّ ولا على المُستودَع غير المُغِلّ ضَمان إِذا لم يَخُن في العارِيَّة والوَدِيعة فلا ضمان عليه من الإِغْلال الخِيانةِ يعني الخائن وقيل المُغِل ههنا المُسْتَغِلّ وأَراد به القابض لأَنه بالقَبْض يكون مُسْتَغِلاًّ قال ابن الأَثير والأَوَّل الوَجْه وقيل الإِغْلال الخيانة والسرقة الخفيّة والإِسْلال من سَلّ البعيرَ وغيرَه في جوف الليل إِذا انتزعه من الإِبل وهي السَّلَّة وقيل هو الغارة الظاهرة يقال غَلّ يَغُلّ وسَلّ يَسُلّ فأَما أَغَلَّ وأَسَلَّ فمعناه صار ذا غُلول وسَلَّة ويكون أَيضاً أَن يُعِينَ غيره عليهما وقيل الإِغْلال لُبْس الدُّروع والإِسْلال سَلّ السيوف وقال النبي صلى الله عليه وسلم ثلاث لا يُغِل عليهنّ قلبُ مؤمن إِخْلاصُ العمل لله ومُناصَحة ذوي الأَمْر ولزوم جماعة المسلمين فإِنَّ دعوتهم تُحيط من ورائهم قيل معنى قوله لا يُغِل عليهنّ قلب مؤمن أَي لا يكون معها في قلبه غَشّ ودَغَل ونِفاق ولكن يكون معها الإِخلاص في ذات الله عز وجل وروي لا يَغِلّ ولا يُغِلّ فمن قال يَغِلّ بالفتح للياء وكسر الغين فإِنه يجعل ذلك من الضَّغْن والغِلّ وهو الضِّغْن والشَّحْناء أَي لا يدخله حِقْد يُزيله عن الحق ومن قال يُغِل بضم الياء جعله من الخيانة وأَما غَلَّ يَغُلّ غُلولاً فإِنه الخيانة في المَغْنَم خاصة والإِغْلال الخيانة في المَغانم وغيرها ويقال من الغِلّ غَلّ يَغِلّ ومن الغُلول غَلّ يَغُلّ وقال الزجاج غَلّ الرجلُ يَغُلّ إِذا خان لأَنه أَخْذ شيء في خَفاء وكل من خان في شيء في خفاء فقد غَلّ يَغُلّ غُلولاً وكل ما كان في هذا الباب راجع إِلى هذا من ذلك الغالّ وهو الوادي المطمئن الكثير الشجر وجمعه غُلاَّن ومن ذلك الغِلّ وهو الحِقْد الكامِن وقال ابن الأَثير في تفسير لا يُغِلّ عليهنّ قلب مؤمن قال ويروى يَغِلُ بالتخفيف من الوُغول الدخول في الشيء قال والمعنى أَن هذه الخِلال الثلاث تُستصلَح بها القلوب فمن تمسك بها طهُر قلبه من الدَّغَل والخيانة والشرّ قال وعليهنّ في موضع الحال تقديره لا يَغِلُ كائناً عليهن وفي حديث أَبي ذر غَلَلْتم والله أَي خُنْتم في القول والعمل ولم تَصْدُقوه ابن الأَعرابي في النوادر غُلّ بصرُ فلان حاد عن الصواب من غَلَّ يَغِلُّ وهو معنى قوله ثلاث لا يَغِلّ عليهن قلبُ امرئ أَي لا يحيد عن الصواب غاشًّا وأَغَلَّ الخطيب إِذا لم يصب في كلامه قال أَبو وجزة خُطباء لا خُرْق ولا غُلل إِذا خطباء غيرهمُ أَغَلَّ شِرارُها وأَغَلَّ في الجِلْد أَخذ بعض اللحم والإِهابَ يقال أَغْلَلْت الجلد إِذا سلخته وأَبقيت فيه شيئاً من الشَّحم وأَغْلَلْت في الإِهاب سلخته فتركت على الجلد اللحم والغَلَل اللحم الذي ترك على الإِهاب حين سلخ وأَغَلَّ الجازر في الإِهاب إِذا سلَخ فترك من اللحم ملتزِقاً بالإِهاب والغَلَل داء في الإِحليل مثل الرَّفَقِ وذلك أَن لا يَنْفُض الحالب الضَّرْع فيترك فيه شيئاً من اللبن فيعود دماً أَو خَرَطاً

الصفحة 3286