كتاب لسان العرب - ط المعارف (اسم الجزء: 5)

يُفاعِلني من اللَّوْم ولا معنى له في هذا الحديث وقول عمر في حديثه لوْما أَبقَيْتَ أي هلاَّ أَبقيت وهي حرف من حروف المعاني معناها التحضيض كقوله تعالى لوما تأْتينا بالملائكة واللام حرف هجاء وهو حرف مجهور يكون أَصلاً وبدلاً وزائداً قال ابن سيده وإنما قضيت على أن عينها منقلبة عن واو لما تقدم في أخواتها مما عينه أَلف قال الأزهري قال النحويون لَوّمْت لاماً أي كتبته كما يقال كَوَّفْت كافاً قال الأزهري في باب لَفيف حرف اللام قال نبدأ بالحروف التي جاءت لمعانٍ من باب اللام لحاجة الناس إلى معرفتها فمنها اللام التي توصل بها الأسماء والأفعال ولها فيها معانٍ كثيرة فمنها لامُ المِلْك كقولك هذا المالُ لزيد وهذا الفرس لمحَمد ومن النحويين من يسمِّيها لامَ الإضافة سمّيت لامَ المِلْك لأنك إذا قلت إن هذا لِزيد عُلِمَ أنه مِلْكُه فإذا اتصلت هذه اللام بالمَكْنيِّ عنه نُصِبَت كقولك هذا المالُ له ولنا ولَك ولها ولهما ولهم وإنما فتحت مع الكنايات لأن هذه اللامَ في الأصل مفتوحة وإنما كسرت مع الأسماء ليُفْصَل بين لام القسم وبين لام الإضافة ألا ترى أنك لو قلت إنّ هذا المالَ لِزيدٍ عُلِم أنه مِلكه ؟ ولو قلت إن هذا لَزيدٌ عُلم أن المشار إليه هو زيد فكُسِرت ليُفرق بينهما وإذا قلت المالُ لَك فتحت لأن اللبس قد زال قال وهذا قول الخليل ويونس والبصريين ( لام كي ) كقولك جئتُ لِتقومَ يا هذا سمّيت لامَ كَيْ لأن معناها جئتُ لكي تقوم ومعناه معنى لام الإضافة أيضاً وكذلك كُسِرت لأن المعنى جئتُ لقيامك وقال الفراء في قوله عز وجل رَبَّنا لِيَضِلُّلوا عن سبيلك هي لام كَيْ المعنى يا ربّ أَعْطيْتهم ما أَعطَيتَهم لِيضِلُّلوا عن سبيلك وقال أبو العباس أحمد بن يحيى الاختيار أن تكون هذه اللام وما أَشبهها بتأْويل الخفض المعنى آتيتَهم ما آتيتَهم لضلالهم وكذلك قوله فالتَقَطَه آلُ فهرْعون ليكونَ لهم معناه لكونه لأنه قد آلت الحال إلى ذلك قال والعرب تقول لامُ كي في معنى لام الخفض ولام الخفض في معنى لام كَي لِتقارُب المعنى قال الله تعالى يَحْلِفون لكم لِترضَوْا عنهم المعنى لإعْراضِكم
( * قوله « يحلفون لكم لترضوا عنهم المعنى لاعراصكم إلخ » هكذا في الأصل ) عنهم وهم لم يَحْلِفوا لكي تُعْرِضوا وإنما حلفوا لإعراضِهم عنهم وأنشد سَمَوْتَ ولم تَكُن أَهلاً لتَسْمو ولكِنَّ المُضَيَّعَ قد يُصابُ أَراد ما كنتَ أَهلا للسُمُوِّ وقال أبو حاتم في قوله تعالى لِيَجّزِيَهم الله أَحسنَ ما كانوا يَعْملون اللام في لِيَجْزيَهم لامُ اليمين كأنه قال لَيَجْزِيَنّهم الله فحذف النون وكسروا اللام وكانت مفتوحة فأَشبهت في اللفظ لامَ كي فنصبوا بها كما نصبوا بلام كي وكذلك قال في قوله تعالى لِيَغْفِرَ لك اللهُ ما تقدَّم من ذنبك وما تأَخر المعنى لَيَغْفِرنَّ اللهُ لك قال ابن الأَنباري هذا الذي قاله أبو حاتم غلط لأنَّ لامَ القسم لا تُكسَر ولا ينصب بها ولو جاز أن يكون معنى لِيَجزيَهم الله لَيَجْزيَنَّهم الله لقُلْنا والله ليقومَ زيد بتأْويل والله لَيَقُومَنَّ زيد وهذا معدوم في كلام العرب واحتج بأن العرب تقول في التعجب أَظْرِفْ بزَيْدٍ فيجزومونه لشبَهِه بلفظ الأَمر وليس هذا بمنزلة ذلك لأن التعجب عدل إلى لفظ الأَمر ولام اليمين لم توجد مكسورة قط في حال ظهور اليمين ولا في حال إضمارها واحتج مَن احتج لأبي حاتم بقوله إذا هو آلى حِلْفةً قلتُ مِثْلَها لِتُغْنِيَ عنِّي ذا أَتى بِك أَجْمَعا قال أَراد هو آلى حِلْفةً قلتُ مِثْلَها لِتُغْنِيَ عنّي ذا أَتى بِكَ أَجْمَعا قال أَراد لَتُغْنِيَنَّ فأَسقط النون وكسر اللام قال أَبو بكر وهذه رواية غير معروفة وإنما رواه الرواة إذا هو آلى حِلْفَةً قلتُ مِثلَها لِتُغْنِنَّ عنِّي ذا أَتى بِك أَجمَعا قال الفراء أصله لِتُغْنِيَنّ فأسكن الياء على لغة الذين يقولون رأيت قاضٍ ورامٍ فلما سكنت سقطت لسكونها وسكون النون الأولى قال ومن العرب من يقول اقْضِنٍَّ يا رجل وابْكِنَّ يا رجل والكلام الجيد اقْضِيَنَّ وابْكِيَنَّ وأَنشد يا عَمْرُو أَحْسِنْ نَوالَ الله بالرَّشَدِ واقْرَأ سلاماً على الأنقاءِ والثَّمدِ وابْكِنَّ عَيْشاً تَوَلَّى بعد جِدَّتِه طابَتْ أَصائلُه في ذلك البَلدِ قال أبو منصور والقول ما قال ابن الأَنباري قال أبو بكر سأَلت أبا العباس عن اللام في قوله عز وجل لِيَغْفِرَ لك اللهُ قال هي لام كَيْ معناها إنا فتَحْنا لك فَتْحاً مُبِيناً لكي يجتمع لك مع المغفرة تمام النعمة في الفتح فلما انضم إلى المغفرة شيءٌ حادثٌ واقعٌ حسُنَ معنى كي وكذلك قوله ليَجْزِيَ الذين آمنوا وعمِلوا الصالحاتِ هي لامُ كي تتصل بقوله لا يعزُبُ عنه مثقال ذرّة إلى قوله في كتاب مبين أَحصاه عليهم لكيْ يَجْزِيَ المُحْسِنَ بإحسانه والمُسِيءَ بإساءَته ( لام الأمر ) وهو كقولك لِيَضْرِبْ زيدٌ عمراً وقال أبو إسحق أَصلها نَصْبٌ وإنما كسرت ليفرق بينها وبين لام التوكيد ولا يبالىَ بشَبهِها بلام الجر لأن لام الجر

الصفحة 4102