كتاب لسان العرب - ط المعارف (اسم الجزء: 6)

وجل على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم فإِن النهي عن المتعة الشرطية صح من جهات لو لم يكن فيه غير ما روي عن أَمير المؤمنين علي بن أَبي طالب رضي الله عنه ونهيه ابن عباس عنها لكان كافياً وهي المتعة كانت ينتفع بها إِلى أَمد معلوم وقد كان مباحاً في أَوّل الإِسلام ثم حرم وهو الآن جائز عند الشيعة وَمَتَعَ النهارُ يَمْتَعُ مُتُوعاً ارْتَفَعَ وبَلَغَ غايةَ ارْتفاعِه قبل الزوال ومنه قول الشاعر وأَدْرَكْنا بها حَكَمَ بْنَ عَمْرٍو وقَدْ مَتَعَ النَّهارُ بِنا فَزَالا وقيل ارتفع وطال وأَنشد ابن بري قول سويد ابن أَبي كاهل يَسْبَحُ الآلُ على أَعْلامِها وعلى البِيدِ إِذا اليَوْمُ مَتَعْ ومَتَعَت الضُّحَى مُتُوعاً تَرَجَّلَت وبلغت الغاية وذلك إِلى أَوّل الضّحى وفي حديث ابن عباس أَنه كان يُفْتي الناس حتى إِذا مَتَعَ الضحى وسَئِمَ مَتَعَ النهارُ طالَ وامتدَّ وتعالى ومنه حديث مالك بن أَوس بينا أَناجالس في أَهلي حِينَ مَتَعَ النهارُ إِذا رسول عمَرَ رضي الله عنه فانطلقت إِليه ومَتَعَ السَّرابُ مُتُوعاً ارتفع في أَوّل النهار وقول جرير ومِنّا غَداةَ الرَّوْعِ فِتْيانُ نَجْدةٍ إِذا مَتَعَتْ بعد الأَكُفِّ الأَشاجِعُ أَي ارتفعت من وقولك مَتَعَ النهارُ والآلُ ورواه ابن الأَعرابي مُتِعَتْ ولم يفسره وقيل قوله إِذا مَتَعَتْ أَي إِذا احمرّت الأَكُفُّ والأَشاجِعُ من الدم ومُتْعةُ المرأَة ما وُصِلَتْ به بعدَ الطلاقِ وقد مَتَّعَها قال الأَزهريّ وأَما قوله تعالى وللمُطَلَّقاتِ مَتاعٌ بالمَعْروفِ حَقّاً على المتقين وقال في موضع آخر لا جُناح عليكم إِن طلقتم الناساء ما لم تمسوهن أَو تفرضوا لهن فريضة ومَتّعُوهُنّ على الموسع قدره وعلى المقتر قدره متاعاً بالمعروف حقّاً على المحسنين قال الأَزهريّ وهذا التمتيع الذي ذكره الله عز وجل للمطلقات على وجهين أَحدهما واجب لا يسعه تركه والآخر غير واجب يستحب له فعله فالواجب للمطلقة التي لم يكن زوجها حين تزوّجها سمَّى لها صداقاً ولم يكن دخل بها حتى طلقها فعليه أَن يمتعها بما عز وهان من متاع ينفعها به من ثوب يُلبسها إِياه أَو خادم يَخْدُمُها أَو دراهم أَو طعام وهو غير مؤقت لأَن الله عز وجل لم يحصره بوقت وإِنما أَمر بتمتيعها فقط وقد قال على الموسع قدره وعلى المقتر قدره متاعاً بالمعروف وأَما المُتْعةُ التي ليست بواجبة وهي مستحبة من جهة الإِحسان والمحافظة على العهد فأَن يتزوّج الرجل امرأَة ويسمي لها صداقاً ثم يطلقها قبل دخوله بها أَو بعده فيستحب له أَن يمتعها بمتعة سوى نصف المهر الذي وجب عليه لها إِن لم يكن دخل بها أَو المهر الواجب عليه كله إِن كان دخل بها فيمتعها بمتعة ينفعها بها وهي غير واجبة عليه ولكنه استحباب ليدخل في جملة المحسنين أَو المتقين والعرب تسمي ذلك كله مُتْعةً ومَتاعاً وتَحْميماً وحَمّاً وفي الحديث أَنّ عبد الرحمن طلق امرأَة فَمَتَّعَ بِوَليدة أَي أَعطاها أَمةً هو من هذا الذي يستحب للمطلق أَن يُعْطِيَ امرأَته عند طلاقها شيئاً يَهَبُها إِيّاه ورجلٌ ماتِعٌ طويل وأَمْتَعَ بالشيء وتَمَتَّعَ به واسْتَمْتَع دام له ما يسْتَمِدُّه منه وفي التنزيل واسْتَمْتَعْتُمْ بها قال أَبو ذؤَيب مَنايا يُقَرِّبْنَ الحُتُوفَ مِنَ هْلِها جِهاراً ويَسْتَمْتِعْنَ بالأَنَسِ الجبْلِ يريد أَن الناس كلهم مُتْعةٌ للمَنايا والأَنسُ كالإِنْسِ والجبْلُ الكثير ومَتَّعه الله وأَمْتَعه بكذا أَبْقاه لِيَسْتَمْتِع به يقال أَمْتَعَ الله فُلاناً بفلانٍ إِمْتاعاً أَي أَبقاه لِيَسْتَمْتِع به فيما يُحِبُّ من الانْتفاعِ به والسُّرور بمكانه وأَمْتَعه الله بكذا ومَتَّعَه بمعنًى وفي التنزيل وأَن استغفِروا ربكم ثم توبوا إِليه يُمَتّعكم مَتاعاً حسَناً إِلى أَجلٍ مُسمًّى فمعناه أَي يُبْقِكم بَقاء في عافِيةٍ إِلى وقت وفاتكم ولا يَسْتَأْصِلْكُمْ بالعذاب كما استأْصل القُرى الذين كفروا ومَتَّعَ الله فلاناً وأمْتَعه إِذا أَبقاه وأَنْسَأَه إِلى أَن يَنْتَهِيَ شَبابُه ومنه قول لبيد يصف نخلاً نابتاً على الماء حتى طالَ طِوالُه إِلى السماء فقال سُحُقٌ يُمَتِّعُها الصّفا وسَرِيُّه عُمٌّ نواعِمُ بَيْنَهُنَّ كُرُومُ والصَّفا والسَّرِيُّ نهرانِ مُتَخَلِّجانِ من نهر مُحَلِّمٍ الذي بالبحرين لسقي نخيل هَجَرَ كلّها وقوله تعالى مَتاعاً إِلى الحوْلِ غيرَ إِخْراجٍ أَرادَ مَتِّعُوهُنّ تمتيعاً فوضع متاعاً موضع تمتيع ولذلك عدَّاه بإِلى قال الأَزهري هذه الآية منسوخة بقوله والذين يُتَوَفَّوْنَ منكم ويَذَرُونَ أَزواجاً يَتَرَبَّصْنَ بأَنْفسهن أَربعة أَشهر وعشراً فَمُقامُ الحولِ منسوج باعتداد أَربعة أَشهر وعشر والوصية لهن منسوخة بما بين الله من ميراثها في آية المواريث وقرئ وصيَّةٌ لأَزواجهم ووصيةً بالرفع والنصب فمن نصب فعلى المصدر الذي أُريد به الفعل كأَنه قال لِيُوصُوا لهن وصية ومن رفع فعلى إِضمار فعليهم وصية لأَزواجهم ونصب قوله متاعاً على المصدر أَيضاً أَراد متِّعوهن متاعاً والمَتاعُ والمُتْعةُ اسْمانِ يَقُومانِ مَقامَ المصدر الحقيقي وهو التمتيع أَي انفعوهن بما تُوصُونَ به لهن من صِلةٍ تَقُوتُهن إِلى الحول وقوله تعالى أَفرأَيت إِنْ مَتَّعْناهُم سِنينَ ثم جاءهم ما كانوا يُوعَدُونَ قال ثعلب معناه أَطلنا أَعمارهم ثم جاءهم الموت

الصفحة 4128