كتاب لسان العرب - ط المعارف (اسم الجزء: 6)

بذلك وقال بعض العلماء لا يُترك لهم شيءٌ شائِعٌ في جملة النخل بل يُفْرَدُ لهم نَخلاتٌ مَعْدودةٌ قد عُلِمَ مِقْدارُ ثمرها بالخَرْصِ وقيل معناه أَنهم إِذا لم يرضوا بِخَرْصِكُم فدَعوا لهم الثلث أَو الربع ليتصرفوا فيه ويضمنوا حقّه ويتركوا الباقي إِلى أَن يَجِفَّ ويُؤخذ حَقُّه لا أَنه يترك لهم بلا عوض ولا اخراج ومنه الحديث دَعْ داعِيَ اللَّبنِ أَي اتْرُكْ منه في الضَّرْع شيئاً يَسْتَنْزِلُ اللَّبَنَ ولا تَسْتَقْصِ حَلْبَه والوَداعُ تَوْدِيعُ الناس بعضهم بعضاً في المَسِيرِ وتَوْدِيعُ المُسافِرِ أَهلَه إِذا أَراد سفراً تخليفُه إِيّاهم خافِضِينَ وادِعِينَ وهم يُوَدِّعُونه إِذا سافر تفاؤُلاً بالدَّعةِ التي يصير إِليها إِذا قَفَلَ ويقال ودَعْتُ بالتخفيف فَوَوَدَعَ وأَنشد ابن الأَعرابي وسِرْتُ المَطِيّةَ مَوْدُوعةً تُضَحّي رُوَيْداً وتُمْسي زُرَيْقا وهو من قولهم فرَسٌ ودِيعٌ ومَوْدُوعٌ وموَدَّعٌ وتَوَدَّعَ القومُ وتَوادَعُوا وَدَّعَ بعضهم بعضاً والتوْدِيعُ عند الرَّحِيل والاسم الوَادع بالفتح قال شمر والتوْدِيعُ يكون للحيّ والميت وأَنشد بيت لبيد فَوَدِّعْ بالسَّلام أَبا حُرَيْزٍ وقَلَّ وداعُ أَرْبَدَ بالسلامِ وقال القطامي قِفي قَبْلَ التَّفَرُّقِ يا ضُباعا ولا يَكُ مَوْقِفٌ مِنْك الوَداعا أَراد ولا يَكُ مِنْكِ مَوْقِفَ الوَداعِ وليكن موقف غِبْطةٍ وإِقامة لأَنَّ موقف الوداع يكون لِلفِراقِ ويكون مُنَغَّصاً بما يتلوه من التبارِيحِ والشوْقِ قال الأَزهريّ والتوْدِيعُ وإِن كان أَصلُه تَخْليفَ المُسافِرِ أَهْله وذَوِيه وادِعينَ فإِنّ العرب تضعه موضع التحيةِ والسلام لأَنه إِذا خَلَّفَ دعا لهم بالسلامة والبقاء ودَعوْا بمثْلِ ذلك أَلا ترى أَن لبيداً قال في أخيه وقد مات فَوَدِّعْ بالسلام أَبا حُرَيْزٍ أَراد الدعاء له بالسلام بعد موته وقد رثاه لبيد بهذا الشعر وودَّعَه تَوْدِيعَ الحيّ إِذا سافر وجائز أَن يكون التوْدِيعُ تَرْكَه إِياه في الخفْضِ والدَّعةِ وفي نوادر الأَعراب تُوُدِّعَ مِنِّي أَي سُلِّمَ عَلَيَّ قال الأَزهري فمعنى تُوُدِّعَ منهم أَي سُلِّمَ عليهم للتوديع وأَنشد ابن السكيت قول مالك بن نويرة وذكر ناقته قاظَتْ أُثالَ إِلى المَلا وتَرَبَّعَتْ بالحَزْنِ عازِبةً تُسَنُّ وتُودَعُ قال تُودَعُ أَي تُوَدَّعُ تُسَنُّ أَي تُصْقَلُ بالرَّعْي يقال سَنَّ إِبلَه إِذا أَحْسَنَ القِيامَ عليها وصَقَلَها وكذلك صَقَلَ فَرَسَه إِذا أَراد أَن يَبْلُغَ من ضُمْرِه ما يبلغ الصَّيْقَلُ من السيف وهذا مثل وروى شمر عن محارب ودَّعْتُ فلاناً من وادِع السلام ووَدَّعْتُ فلاناً أَي هَجَرْتُه والوَداعُ القِلى والمُوادَعةُ والتَّوادُعُ شِبْهُ المُصالحةِ والتَّصالُحِ والوَدِيعُ العَهْدُ وفي حديث طَهْفةَ قال عليه السلام لكم يا بني نهْدٍ ودائِعُ الشِّرْكِ ووضائعُ المال ودائِعُ الشرْكِ أَي العُهودُ والمَواثِيقُ يقال أَعْطَيْتُه وَدِيعاً أَي عَهْداً قال ابن الأَثير وقيل يحتمل أَن يريدوا بها ما كانوا اسْتُودِعُوه من أَمْوالِ الكفار الذين لم يدخلوا في الإِسلام أَراد إِحْلالَها لهم لأَنها مال كافر قُدِرَ عليه من غير عَهْدٍ ولا شرْطٍ ويدل عليه قوله في الحديث ما لم يكن عَهْدٌ ولا مَوْعِدٌ وفي الحديث أَنه وادَعَ بَني فلان أَي صالَحَهم وسالَمَهم على ترك الحرب والأَذى وحقيقة المُوادعةِ المُتاركةُ أَي يَدَعُ كل واحد منهما ما هو فيه ومنه الحديث وكان كعب القُرَظِيُّ مُوادِعاً لرسول الله صلى الله عليه وسلم وفي حديث الطعام غَيْرَ مَكْفُورٍ ولا مُوَدَّعٍ لا مُسْتَغْنًى عنه رَبّنا أَي غير مَتْرُوكِ الطاعةِ وقيل هو من الوَداعِ وإِليه يَرْجِعُ وتَوادَعَ القوم أَعْطى بعضُهم بعضاً عَهْداً وكله من المصالحة حكاه الهرويّ في الغريبين وقال الأَزهري تَوادَعَ الفَريقانِ إِذا أَعْطى كل منهم الآخرِينَ عهداً أَن لا يَغْزُوَهُم تقول وادَعْتُ العَدُوَّ إِذا هادَنْتَه مُوادَعةً وهي الهُدْنةُ والمُوادعةُ وناقة مُوَدَّعةٌ لا تُرْكَب ولا تُحْلَب وتَوْدِيعُ الفَحلِ اقْتِناؤُه للفِحْلةِ واسْتَوْدَعه مالاً وأَوْدَعَه إِياه دَفَعَه إِليه ليكون عنده ودِيعةً وأَوْدَعَه قَبِلَ منه الوَدِيعة جاء به الكسائي في باب الأَضداد قال الشاعر اسْتُودِعَ العِلْمَ قِرْطاسٌ فَضَيَّعَهُ فبِئْسَ مُسْتَودَعُ العِلْمِ القَراطِيسُ وقال أَبو حاتم لا أَعرف أَوْدَعْتُه قَبِلْتُ وَدِيعَته وأَنكره شمر إِلا أَنه حكى عن بعضهم اسْتَوْدَعَني فُلانٌ بعيراً فأَبَيْتُ أَن أُودِعَه أَي أَقْبَلَه قال الأَزهري قاله ابن شميل في كتاب المَنْطِقِ والكسائِيُّ لا يحكي عن العرب شيئاً إِلا وقد ضَبَطَه وحفِظه ويقال أَوْدَعْتُ الرجل مالاً واسْتَوْدَعْتُه مالاً وأَنشد يا ابنَ أَبي ويا بُنَيَّ أُمِّيَهْ أَوْدَعْتُكَ اللهَ الذي هُو حَسْبِيَهْ وأَنشد ابن الأَعرابي حتى إِذا ضَرَبَ القُسُوس عَصاهُمُ ودَنا منَ المُتَنَسِّكينَ رُكُوعُ أَوْدَعْتَنا أَشْياءَ واسْتَوْدعْتَنا أَشْياءَ ليْسَ يُضِيعُهُنَّ مُضِيعُ وأَنشد أَيضاً إِنْ سَرَّكَ الرّيُّ قُبَيْلَ النَّاسِ فَوَدِّعِ الغَرْبَ بِوَهْمٍ شاسِ ودِّعِ الغَرْبَ أَي اجعله ودِيعةً لهذا الجَمَل أَي أَلْزِمْه الغَرْبَ والوَدِيعةُ واحدة الوَدائِعِ وهي ما اسْتُودِعَ وقوله تعالى فمُسْتَقَرٌّ ومُسْتَوْدَعٌ المُسْتَوْدَعُ ما في الأَرحام

الصفحة 4798