كتاب لسان العرب - ط المعارف (اسم الجزء: 6)

أَهلُ اللغة لأَن العرب تستعمل التمثيل كثيراً فَتُمَثِّل القَبِيلةَ بالوادي والقاعِ وما أَشبهه فخيرُ الوادي وسَطُه فيقال هذا من وَسَط قومِه ومن وَسَطِ الوادي وسَرَرِ الوادي وسَرارَته وسِرِّه ومعناه كله من خَيْر مكان فيه وكذلك النبي صلّى اللّه عليه وسلّم من خير مكان في نسَب العرب وكذلك جُعِلتْ أُمّته أُمة وسَطاً أَي خِياراً وقال أَحمد بن يحيى الفرق بين الوسْط والوَسَط أَنه ما كانَ يَبِينُ جُزْء من جُزْء فهو وسْط مثل الحَلْقة من الناس والسُّبْحةِ والعِقْد قال وما كان مُصْمَتاً لا يَبِينُ جزء من جزء فهو وسَط مثل وسَطِ الدارِ والراحة والبُقْعة وقال الليث الوسْط مخففة يكون موضعاً للشيء كقولك زيد وسْطَ الدارِ وإِذا نصبت السين صار اسماً لما بين طَرَفَيْ كل شيء وقال محمد ابن يزيد تقول وَسْطَ رأْسِك دُهْنٌ يا فَتى لأَنك أَخبرت أَنه استقرّ في ذلك الموضع فأَسكنت السين ونصبت لأَنه ظرف وتقول وسَطُ رأْسِك صُلْب لأَنه اسم غير ظرف وتقول ضربْت وسَطَه لأَنه المفعول به بعينه وتقول حَفَرْتُ وسَطَ الدارِ بئراً إِذا جعلت الوَسَط كله بِئراً كقولك حَرَثْت وسَطَ الدار وكل ما كان معه حرف خفض فقد خرج من معنى الظرف وصار اسماً كقولك سِرْت من وَسَطِ الدار لأَنَّ الضمير لِمنْ وتقول قمت في وسَط الدار كما تقول في حاجة زيد فتحرك السين من وسَط لأَنه ههنا ليس بظرف الفراء أَوْسَطْت القومَ ووَسَطْتُهم وتوَسَّطْتُهم بمعنى واحد إِذا دخلت وسْطَهم قال اللّه عزّ وجلّ فوَسَطْنَ به جَمْعاً وقال الليث يقال وَسَطَ فلانٌ جماعةً من الناس وهو يَسِطُهم إِذا صار وَسْطَهم قال وإِنما سمي واسِطُ الرحْل واسِطاً لأَنه وسَطٌ بين القادِمة والآخرةِ وكذلك واسِطةُ القِلادةِ وهي الجَوْهرة التي تكون في وسَطِ الكِرْسِ المَنْظُوم قال أَبو منصور في تفسير واسِطِ الرَّحْل ولم يَتَثَبَّتْه وإِنما يعرف هذا من شاهَدَ العَربَ ومارَسَ شَدَّ الرِّحال على الإِبل فأَما من يفسِّر كلام العرب على قِياساتِ الأَوْهام فإِنَّ خَطأَه يكثر وللرحْلِ شَرْخانِ وهما طَرَفاه مثل قرَبُوسَيِ السَّرْج فالطرَفُ الذي يلي ذنب البعير آخِرةُ الرحل ومُؤْخِرَتُه والطرف الذي يلي رأْس البعير واسِطُ الرحل بلا هاء ولم يسمَّ واسطاً لأَنه وَسَطٌ بين الآخرة والقادِمة كما قال الليث ولا قادمة للرحل بَتَّةً إِنما القادمةُ الواحدةُ من قَوادِم الرِّيش ولضَرْع الناقة قادِمان وآخِران بغير هاء وكلام العرب يُدَوَّن في الصحف من حيث يصح إِمّا أَن يُؤْخَذَ عن إِمام ثِقَة عَرَفَ كلام العرب وشاهَدَهم أَو يقبل من مؤدّ ثقة يروي عن الثقات المقبولين فأَما عباراتُ مَن لا معرفة له ولا أَمانة فإِنه يُفسد الكلام ويُزيله عن صِيغته قال وقرأْت في كتاب ابن شميل في باب الرحال قال وفي الرحل واسِطُه وآخِرَتُه ومَوْرِكُه فواسطه مُقَدَّمه الطويل الذي يلي صدر الراكب وأَما آخِرته فمُؤخرَته وهي خشبته الطويلة العريضة التي تحاذي رأْس الراكب قال والآخرةُ والواسط الشرْخان ويقال ركب بين شَرْخَيْ رحله وهذا الذي وصفه النضْر كله صحيح لا شك فيه قال أَبو منصور وأَما واسِطةُ القِلادة فهي الجوهرة الفاخرة التي تجعل وسْطها والإِصْبع الوُسطى وواسِطُ موضع بين الجَزيرة ونَجْد يصرف ولا يصرف وواسِط موضع بين البصرة والكوفة وُصف به لتوسُّطِه ما بينهما وغلبت الصفة وصار اسماً كما قال ونابِغةُ الجَعْدِيُّ بالرَّمْلِ بَيْتُه عليه تُرابٌ من صَفِيحٍ مُوَضَّع قال سيبويه سموه واسطاً لأَنه مكان وسَطٌ بين البصرة والكوفة فلو أَرادوا التأْنيث قالوا واسطة ومعنى الصفة فيه وإِن لم يكن في لفظه لام قال الجوهري وواسِط بلد سمي بالقصر الذي بناه الحجاج بين الكوفة والبصرة وهو مذكر مصروف لأَن أَسماء البُلدان الغالب عليه التأْنيث وتركُ الصرف إِلاَّ مِنىً والشام والعراق وواسطاً ودابِقاً وفَلْجاً وهَجَراً فإِنها تذكر وتصرف قال ويجوز أَن تريد بها البقعة أَو البلْدة فلا تصرفه كما قال الفرزدق يرثي به عمرو بن عبيد اللّه بن مَعْمر أَمّا قُرَيْشٌ أَبا حَفْصٍ فقد رُزِئتْ بالشامِ إِذ فارَقَتْك السمْعَ والبَصَرا كم من جَبانٍ إِلى الهَيْجا دَلَفْتَ به يومَ اللِّقاء ولولا أَنتَ ما صَبرا مِنهنَّ أَيامُ صِدْقٍ قد عُرِفْتَ بها أَيامُ واسِطَ والأَيامُ مِن هَجَرا وقولهم في المثل تَغافَلْ كأَنَّك واسِطِيٌّ قال المبرد أَصله أَن الحجاج كان يتسخَّرُهم في البِناء فيَهْرُبون ويَنامون وسْط الغُرباء في المسجد فيجيء الشُّرَطِيُّ فيقول يا واسِطيّ فمن رفع رأْسه أَخذه وحمله فلذلك كانوا يتَغافلون والوَسُوط من بيوت الشعَر أَصغرها والوَسُوط من الإِبل التي تَجُرُّ أَربعين يوماً بعد السنة هذه عن ابن الأَعرابي قال فأَما الجَرُور فهي التي تجرّ بعد السنة ثلاثة أَشهر وقد ذكر ذلك في بابه والواسطُ الباب هُذَليّة
( وسع ) في أَسْمائِه سبحانه وتعالى الواسِعُ هو الذي وَسِعَ رِزْقُه جميعَ خَلْقِه ووَسِعتْ رحمتُه كل شيء وغِناه كل فَقْرٍ وقال ابن الأَنباري الواسع من أَسماءِ الله الكثيرُ العطاءِ الذي يَسَعُ لما يُسْأَلُ قال وهذا قول أَبي عبيدة ويقال الواسِعُ المُحِيطُ بكل شيء من قوله وَسِعَ كل شيءٍ عِلْماً وقال أُعْطِيهِمُ الجَهْدَ مِني بَلْهَ ما أَسَعُ معناه فَدَعْ ما أُحِيطُ به وأَقْدِر عليه المعنى

الصفحة 4834