كتاب لسان العرب - ط المعارف (اسم الجزء: 6)

ذَهَبَتِ الواو مِن يَطَأُ فلم تَثْبُتْ كما تَثْبُتُ في وَجِل يَوْجَلُ لأَن وَطِئَ يَطَأُ بُني على تَوَهُّم فَعِلَ يَفْعِلُ مثل وَرِمَ يَرِمُ غير أَنَّ الحرفَ الذي يكون في موضع اللام من يَفْعَلُ في هذا الحدِّ إِذا كان من حروف الحَلْقِ الستة فإِن أَكثر ذلك عند العرب مفتوح ومنه ما يُقَرُّ على أَصل تأْسيسه مثل وَرِمَ يَرِمُ وأَمَّا وَسِعَ يَسَعُ ففُتحت لتلك العلة والواطِئةُ الذين في الحديث هم السابِلَةُ سُمُّوا بذلك لوَطْئِهم الطريقَ التهذيب والوَطَأَةُ هم أَبْنَاءُ السَّبِيلِ مِنَ الناس سُمُّوا وطَأَةً لأَنهم يَطَؤُون الأَرض وفي الحديث أَنه قال للخُرَّاصِ احْتَاطوا لأَهْل الأَمْوالِ في النائِبة والواطِئةِ الواطِئةُ المارَّةُ والسَّابِلةُ يقول اسْتَظْهِرُوا لهم في الخَرْصِ لِما يَنُوبُهمْ ويَنْزِلُ [ ص 197 ] بهم من الضِّيفان وقيل الواطِئَةُ سُقاطةُ التمر تقع فتُوطَأُ بالأَقْدام فهي فاعِلةٌ بمعنى مَفْعُولةٍ وقيل هي من الوَطايا جمع وَطِيئةِ وهي تَجْري مَجْرَى العَرِيَّة سُمِّيت بذلك لأَنَّ صاحِبَها وطَّأَها لأَهله أَي ذَلَّلَها ومَهَّدها فهي لا تدخل في الخَرْص ومنه حديث القَدَرِ وآثارٍ مَوْطُوءة أَي مَسْلُوكٍ عَلَيْها بما سَبَقَ به القَدَرُ من خَيْر أَو شرٍّ وأَوطَأَه العَشْوةَ وعَشْوةً أَرْكَبَه على غير هُدًى يقال مَنْ أَوطأَكَ عَشْوةً وأَوطَأْتُه الشيءَ فَوَطِئَه ووَطِئْنا العَدُوَّ بالخَيل دُسْناهم وَوَطِئْنا العَدُوَّ وطْأَةً شَديدةً والوَطْأَةُ موضع القَدَم وهي أَيضاً كالضَّغْطةِ والوَطْأَةُ الأَخْذَة الشَّديدةُ وفي الحديث اللهم اشْدُدْ وطْأَتَكَ على مُضَرَ أَي خُذْهم أَخْذاً شَديداً وذلك حين كَذَّبوا النبيَّ صلى اللّه عليه سلم فَدَعا علَيهم فأَخَذَهم اللّهُ بالسِّنِين ومنه قول الشاعر
ووَطِئْتَنا وَطْأً على حَنَقٍ ... وَطْءَ المُقَيَّدِ نابِتَ الهَرْمِ
وكان حمّادُ بنُ سَلَمة يروي هذا الحديث اللهم اشْدُدْ وَطْدَتَكَ على مُضَر والوَطْدُ الإِثْباتُ والغَمْزُ في الأَرض ووَطِئْتُهم وَطْأً ثَقِيلاً ويقال ثَبَّتَ اللّهُ وَطْأَتَه وفي الحديث زَعَمَتِ المرأَةُ الصالِحةُ خَوْلةُ بنْتُ حَكِيمٍ أَنَّ رسولَ اللّهِ صلى اللّه عليه وسلم خَرَجَ وهو مُحْتَضِنٌ أَحَدَ ابْنَي ابْنَتِه وهو يقول إِنَّكُمْ لتُبَخِّلُون وتُجَبِّنُونَ وإِنكم لَمِنْ رَيْحانِ اللّه وإِنَّ آخِرَ وَطْأَةٍ وطِئَها اللّهُ بِوَجٍّ أَي تَحْمِلُون على البُخْلِ والجُبْنِ والجَهْلِ يعني الأَوْلاد فإِنَّ الأَب يَبْخَل بانْفاق مالِه ليُخَلِّفَه لهم ويَجْبُنُ عن القِتال ليَعِيشَ لهم فيُرَبِّيَهُمْ ويَجْهَلُ لأَجْلِهم فيُلاعِبُهمْ ورَيْحانُ اللّهِ رِزْقُه وعَطاؤُه ووَجٌّ من الطائِف والوَطْءُ في الأَصْلِ الدَّوْ سُ بالقَدَمِ فسَمَّى به الغَزْوَ والقَتْلَ لأَن مَن يَطَأُ على الشيءِ بِرجله فقَدِ اسْتَقْصى في هَلاكه وإِهانَتِه والمعنى أَنَّ آخِرَ أَخْذةٍ ووقْعة أَوْقَعَها اللّهُ بالكُفَّار كانت بِوَجٍّ وكانت غَزْوةُ الطائِف آخِرَ غَزَواتِ سيدنا رَسولِ اللّه صلى اللّه عليه وسلم فإِنه لم يَغْزُ بعدَها إلا غَزْوةَ تَبُوكَ ولم يَكن فيها قِتالٌ قال ابن الأَثير ووجهُ تَعَلُّقِ هذا القول بما قَبْلَه مِن ذِكر الأَولاد أَنه إِشارةٌ إِلى تَقْلِيل ما بقي من عُمُره صلى اللّه عليه وسلم فكنى عنه بذلك ووَطِئَ المرأَةَ يَطَؤُها نَكَحَها ووَطَّأَ الشيءَ هَيَّأَه الجوهريُّ وطِئْتُ الشيءَ بِرجْلي وَطْأً ووَطِئَ الرجُلُ امْرَأَتَه يَطَأُ فيهما سقَطَتِ الواوُ من يَطَأُ كما سَقَطَتْ من يَسَعُ لتَعَدِّيهما لأَن فَعِلَ يَفْعَلُ مما اعتلَّ فاؤُه لا يكون إِلا لازماً فلما جاءا من بين أَخَواتِهما مُتَعَدِّيَيْنِ خُولِفَ بهما نَظائرُهما وقد تَوَطَّأْتُه بِرجلي ولا تقل تَوَطَّيْتُه وفي الحديث إِنَّ جِبْرِيلَ صلَّى بِيَ العِشاءَ حينَ غَابَ الشَّفَقُ واتَّطَأَ العِشاءُ وهو افْتَعَلَ من وَطَّأْتُه يقال وطَّأْتُ الشيءَ فاتَّطَأَ أَي هَيَّأْتُه فَتَهَيَّأَ أَراد أَن الظَّلام كَمَلَ [ ص 198 ] وواطَأَ بعضُه بَعْضاً أَي وافَقَ قال وفي الفائق حين غابَ الشَّفَقُ وأْتَطَى العِشاءُ قال وهو من قَوْلِ بَني قَيْسٍ لم يَأْتَطِ الجِدَادُ ومعناه لم يأْتِ حِينُه وقد ائْتَطَى يأْتَطي كَأْتَلى يَأْتَلي بمعنى المُوافَقةِ والمُساعَفةِ قال وفيه وَجْهٌ آخَر أَنه افْتَعَلَ مِنَ الأَطِيطِ لأَنّ العَتَمَةَ وَقْتُ حَلْبِ الإِبل وهي حينئذ تَئِطُّ أي تَحِنُّ إِلى أَوْلادِها فجعَل الفِعْلَ للعِشاءِ وهو لها اتِّساعاً ووَطَأَ الفَرَسَ وَطْأً ووَطَّأَهُ دَمَّثه ووَطَّأَ الشيءَ سَهَّلَه ولا تقل وَطَّيْتُ وتقول وطَّأْتُ لك الأَمْرَ إِذا هَيَّأْتَه ووَطَّأْتُ لك الفِراشَ ووَطَّأْتُ لك المَجْلِس تَوْطِئةً والوطيءُ من كلِّ شيءٍ ما سَهُلَ ولان حتى إِنهم يَقولون رَجُلٌ وَطِيءٌ ودابَّةٌ وَطِيئةٌ بَيِّنة الوَطاءة وفي الحديث أَلا أُخْبِرُكم بأَحَبِّكم إِلَيَّ وأَقْرَبِكُمْ مِنِّي مَجالِسَ يومَ القيامةِ أَحاسِنُكم أَخْلاقاً المُوَطَّؤُونَ أَكْنافاً الذينَ يَأْلَفُون ويُؤْلَفون قال ابن الأَثير هذا مَثَلٌ وحَقيقَتُه من التَّوْطِئةِ وهي التَّمهيِدُ والتَّذليلُ وفِراشٌ وطِيءٌ لا يُؤْذي جَنْبَ النائِم والأَكْنافُ الجَوانِبُ أَراد الذين جوانِبُهم وَطِيئةٌ يَتَمَكَّن فيها مَن يُصاحِبُهم ولا يَتَأَذَّى وفي حديث النِّساءِ ولَكُم عَلَيهِنَّ أن لا يُوطِئْنَ فُرُشَكم أَحَداً تَكْرَهونه أَي لا يَأْذَنَّ ِلأَحدٍ من الرِّجال الأَجانِب أَن يَدْخُلَ عليهنَّ فَيَتَحَدَّث اليهنَّ وكان ذلك من عادةِ العرب لا يَعُدُّونه رِيبَةً ولا يَرَوْن به بأْساً فلمَّا نزلت آيةُ الحِجاب نُهُوا عن ذلك وشيءٌ وَطِيءٌ بَيِّنُ الوَطاءة والطِّئَةِ والطَّأَةِ مثل الطِّعَةِ والطَّعَةِ فالهاءُ عوض من الواو فيهما وكذلك دابَّةٌ وَطِيئةٌ بَيِّنةُ الوَطاءة والطَّأَةِ بوزن الطَّعَةِ أَيضاً قال الكميت
أَغْشَى المَكارِهَ أَحْياناً ويَحْمِلُنِي ... منه على طَأَةٍ والدَّهْرُ ذُو نُوَبِ

الصفحة 4863