كتاب لسان العرب - ط المعارف (اسم الجزء: 6)

من العَذاب وكلُّ مَن وَقع في هَلَكة دَعا بالوَيْل ومعنى النِّداءِ فيه يا حَزَني ويا هَلاكي ويا عَذابي احْضُر فهذا وقْتُك وأَوانك فكأَنه نادَى الوَيْل أَن يَحْضُره لِما عَرض له من الأَمر الفَظيع وهو النَّدَم على تَرْك السجود لآدمَ عليه السلام وأَضاف الوَيْلَ إِلى ضمير الغائب حَمْلاً على المعنى وعَدَلَ عن حكاية قَوْلِ إِبليس يا وَيْلي كَراهية أَن يُضيف الوَيْلَ إِلى نفسه قال وقد يَرِدُ الوَيْلُ بمعنى التَّعْجُّب ابن سيده ووَيْل كلمة عَذاب غيره وفي التنزيل العزيز وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِين ووَيْلٌ لكُلِّ هُمَزةٍ قال أَبو إِسحق وَيْلٌ رَفْعٌ بالابتداء والخبرُ لِلْمُطَفِّفين قال ولو كانت في غير القرآن لَجاز وَيْلاً على معنى جعل الله لهم وَيْلاً والرفع أَجْودُ في القرآن والكلام لأَن المعنى قد ثبَت لهم هذا والوَيْلُ كلمة تقال لكل مَن وَقع في عذاب أَو هَلَكةٍ قال وأَصْلُ الوَيْلِ في اللغة العَذاب والهَلاك والوَيْلُ الهَلاك يُدْعَى به لِمَنْ وقع في هَلَكة يَسْتَحِقُّها تقول وَيْلٌ لزيد ومنه وَيْلٌ للمُطَفِّفِين فإِن وَقع في هَلَكة لم يستَحِقَّها قلت وَيْح لزيد يكون فيه معنى التِّرَحُّم ومنه قول سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وَيْحُ ابنِ سُمَيَّة تَقْتُله الفِئةُ الباغِية ووَيْلٌ وادٍ في جهنَّم وقيل بابٌ من أَبوابها وفي الحديث عن أَبي سعيد الخُدْريّ قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الوَيْلُ وادٍ في جهنم يَهْوِي فيه الكافِر أَربعين خَرِيفاً لو أُرسلت فيه الجبال لَمَاعَتْ من حَرِّه قبل أَن تبلغ قَعْرَه والصَّعُودُ جبَل من نار يَصَّعَّد فيه سبعين خَريفاً ثم يَهْوِي كذلك وقال سيبويه في قوله تعالى وَيْلٌ للمُطفِّفين وَيْلٌ للمُكَذِّبين قال لا ينبغي أَن يقال وَيْلٌ دعاء ههنا لأَنه قَبيح في اللفظ ولكن العباد كُلِّموا بكلامهم وجاء القُرآن على لغتهم على مِقدار فَهْمِهم فكأَنه قيل لهم وَيْلٌ للمُكَذِّبين أَي هؤلاء مِمَّن وجَب هذا القَوْلُ لهم ومثله قاتَلَهم اللهُ أُجْرِيَ هذا على كلام العرب وبه نزل القرآن قال المازني حفظت عن الأَصْمَعي الوَيْلُ قُبُوح والوَيْحُ تَرحُّم والوَيْسُ تصغيرهما أَي هي دونهما وقال أَبو زيد الوَيْل هَلَكة والوَيْح قُبُوحٌ والوَيْسُ ترحُّم وقال سيبويه الوَيْل يقال لِمَنْ وقَع في هَلَكة والوَيْحُ زَجْرٌ لمن أَشرف على هَلَكة ولم يذكر في الوَيْسِ شيئاً ويقال وَيْلاً له وائِلاً كقولك شُغْلاً شاغِلاً قال رؤبة والهامُ يَدْعُو البُومَ وَيْلاً وائلا
( * قوله « والهام إلخ » بعده كما في التكملة والبوم يدعو الهام ثكلاً ثاكلا )
قال ابن بري وإِذا قال الإِنسان يا وَيْلاهُ قلت قد تَوَيَّل قال الشاعر تَوَيَّلَ إِنْ مَدَدْت يَدي وكانت يَميني لا تُعَلّلُ بالقَلِيل وإِذا قالت المرأَة واوَيْلَها قلت وَلْوَلَتْ لأَنَّ ذلك يَتَحَوَّل إِلى حكايات الصَّوْت قال رؤبة كأَنَّما عَوْلَتُه من التَّأَقْ عَوْلةُ ثَكْلى ولْوَلَتْ بعد المَأَقْ وروى المنذري عن أَبي طالب النحوي أَنه قال قولهم وَيْلَه كان أَصلها وَيْ وُصِلَتْ بِلَهُ ومعنى وَيْ حُزْنٌ ومنه قولهم وايْه معناه حُزْنٌ أُخْرِجَ مُخْرَج النُّدْبَة قال والعَوْلُ البكاء في قوله وَيْلَه وعَوْلَه ونُصِبا على الذمِّ والدعاء وقال ابن الأَنباري وَيْلُ الشيطان وعَوْلُه في الوَيْل ثلاثة أَقوال قال ابن مسعود الوَيْلُ وادٍ في جهنم وقال الكلبي الوَيْل شِدَّة من العذاب وقال الفراء الأَصل وَيْ للشَّيطان أَي حُزْنٌ للشيطان من قولهم وَيْ لِمَ فعلْت كذا وكذا قال وفي قولهم وَيْل الشيطان ستة أَوجه وَيْلَ الشيطان بفتح اللام ووَيْلِ بالكسر ووَيْلُ بالضم ووَيْلاً ووَيْلٍ ووَيْلٌ فمن قال وَيْلِ الشيطان قال وَيْ معناه حُزْنٌ للشيطان فانكسرت اللام لأَنها لام خفض ومن قال وَيْلَ الشيطان قال أَصل اللام الكسر فلما كثر استعمالُها مع وَيْ صار معها حرفاً واحداً فاختاروا لها الفتحة كما قالوا يالَ ضَبَّةَ ففتحوا اللام وهي في الأَصل لام خفْض لأَنَّ الاستعمال فيها كثر مع يَا فجعلا حرفاً واحداً وقال بعض شعراء هذيل فَوَيْلٌ بِبَزّ جَرَّ شَعْلٌ على الحصى فَوُقِّرَ ما بَزٌّ هنالك ضائعُ
( * قوله « فويل ببز إلخ » تقدم في مادة بزز بلفظ
فويل ام بز جرّ شعل على الحصى ... ووقر بز ما هنالك ضائع
وشرحه هناك بما هو أوضح مما هنا )
شَعْلٌ لقَب تأَبَّط شرًّا وكان تأَبَّط قصيراً فلبس سيفَه فجرَّه على الحصى فوَقَّره جعل فيه وَقْرةً أَي فُلولاً قال وَيْل ببزّ فتعجَّب منه قال ابن بري ويقال وَيْبَك بمعنى وَيْلَك قال المُخَبَّل يا زِبْرِقان أَخا بني خَلَفٍ ما أَنت وَيْبَ أَبيك والفَخْر قال ويقال معنى ويْبَ التصغير والتحقير بمعنى وَيْس وقال اليزيدي وَيْح لزيد بمعنى وَيْل لزيد قال ابن بري ويقوِّيه عندي قول سيبويه تَبًّا له ووَيْحاً وويحٌ له وتَبٌّ وليس فيه معنى الترحُّم لأَن التَّبَّ الخَسار ورجلٌ وَيْلِمِّهِ ووَيْلُمِّهِ كقولهم في المُسْتجادِ وَيْلُمِّهِ يريدون وَيْلَ أُمِّه كما يقولون لابَ لك يريدون لا أَبَ لك فركَّبوه وجعلوه كالشيء الواحد ابن جني هذا خارج عن الحكاية أَي يقال له من دَهائه وَيْلِمِّهِ ثم أُلحقت الهاء للمبالغة كداهِيةٍ وفي الحديث في قوله لأَبي بعصِير وَيْلُمِّهِ مِسْعَر حَرْب تَعَجُّباً من شجاعته

الصفحة 4939