كتاب لسان العرب - ط المعارف (اسم الجزء: 6)

على أَفْعُل قال أَيٍّ وأَصلها أَوْيُوٌ فلما اجتمعت الواو والياء وسَبَقت الواوُ بالسكون قُلِبت الواو ياء وأُدغمت الأُولى في الثانية فصارت أَيُّوٌ فلما وقعت الواو طرَفاً مضموماً ما قبلها أُبْدِلت من الضمة كسرة ومن الواو ياء على ما ذكرناه الآنَ فصار التقدير أَيْيِيٌ فلما اجتمعَت ثَلاثُ ياءَاتٍ والوُسْطَى منهن مكسورة حُذفت الياء الأَخيرة كما حذفت في تَحْقِير أَحْوَى أُحَيٍّ وأَعْيا أُعَيٍّ فكذلك قلت أَنت أَيضاً أَيٍّ كأَدْلٍ وحكى ثعلب أَن بعضهم يقول أَوَّيْتُ واواً حَسَنةً يجعل الواو الأُولى هَمزةً لاجتماع الواوات قال ابن جني وتُبْدَلُ الواو من الباء في القَسَم لأَمْرَيْنِ أَحدهما مُضارَعَتُها إِياها لفظاً والآخر مُضارَعَتُها إِيَّاها مَعْنًى أَما اللفظ فلأنّ الباء من الشفة كما أَنَّ الواو كذلك وأَما المعنى فلأَنَّ الباء للإِلصاق والواوَ للاجتماع والشيءُ إِذا لاصَقَ الشيءَ فقد اجتمع معه قال الكسائي ما كان من الحُرُوف على ثلاثة أَحْرُفٍ وسَطُه أَلف ففي فِعْلِه لغتان الواو والياء كقولك دَوَّلْت دالاً وقَوَّفْتُ قافاً أَي كَتَبْتها إِلا الواو فإِنها بالياء لا غير لكثرة الواوات تقول فيها وَيَّيْتُ واواً حَسَنةً وغير الكسائي يقول أَوَّيْتُ أَوْ وَوَّيْتُ وقال الكسائي تقول العرب كلِمةٌ مُؤَوَّاةٌ مثل مُعَوّاةٍ أَي مَبْنِيَّةٌ من بناتِ الواو وقال غيره كلمة مُوَيَّاةٌ من بنات الواو وكلمة مُيَوّاةٌ من بنات الياء وإِذا صَغَّرْتَ الواو قُلتَ أُوَيَّةٌ ويقال هذه قصيدة واوِيَّةٌ إِذا كانت على الواو قال الخليل وجدْتُ كلَّ واو وياء في الهجاء لا تعتمد على شيء بعدها ترجع في التصريف إِلى الياء نحو يَا وفَا وطَا ونحوه والله أَعلم التهذيب الواو
( * قوله « التهذيب الواو إلخ » كذا بالأصل ) معناها في العَطْفِ وغَيْرِه فعل الأَلف مهموزة وساكنة فعل الياء الجوهري الواو من حروف العطف تجمع الشيئين ولا تدلُّ على الترتيب ويدخل عليها أَلف الاستفهام كقوله تعالى أَوَعَجِبْتُم أَنْ جاءَكم ذِكْرٌ مِنْ رَبِّكم على رَجُل كما تقول أَفَعَجِبْتُم وقد تكون بمعنى مَعْ لما بينهما من المناسبة لأَن مَع للمصاحبة كقول النبي صلى الله عليه وسلم بُعِثْتُ أنا والساعةَ كهاتَيْنِ وأَشار إِلى السَّبَّابةِ والإِبْهام أَي مَع الساعةِ قال ابن بري صوابه وأَشار إِلى السبَّابةِ والوُسْطَى قال وكذلك جاء في الحديث وقد تكون الواو للحال كقولهم قُمْتُ وأَصُكُّ وجْهَه أَي قمتُ صاكًّا وجْهَه وكقولك قُمتُ والناسُ قُعودٌ وقد يُقْسَمُ بها تقول واللهِ لقد كان كذا وهو بَدَلٌ من الباء وإِنما أُبْدِل منه لقُربه منه في المَخرج إِذ كان من حروف الشَّفة ولا يَتجاوَزُ الأَسماءَ المُظْهَرةَ نحو والله وحَياتِك وأَبيك وقد تكون الواو ضمير جماعة المذكَّر في قولك فعَلُوا ويَفْعَلُون وافْعَلُوا وقد تكون الواو زائدة قال الأَصمعي قلت لأَبي عمرو قولهم رَبَّنا ولكَ الحمدُ فقال يقول الرجل للرجل بِعْني هذا الثوبَ فيقول وهو لك وأَظنه أَراد هو لك وأَنشد الأَخفش فإِذا وذلِك يا كُبَيْشةُ لَمْ يَكُنْ إِلاَّ كَلَمَّةِ حالِمِ بخَيالِ كأَنه قال فإِذا ذلك لم يكنْ وقال زهير بن أَبي سُلْمى قِفْ بالدِّيارِ التي لم يَعْفُها القِدَمُ بَلى وغَيَّرَها الأَرْواحُ والدِّيَمُ يريد بلى غَيَّرَها وقوله تعالى حتى إِذا جاؤُوها وفُتِحَتْ أَبوابها فقد يجوز أَن تكون الواو هنا زائدة قال ابن بري ومثل هذا لأَبي كَبير الهُذلي عن الأَخفش أَيضاً فإِذا وذلِكَ ليسَ إِلاَّ ذِكْرَه وإِذا مَضى شيءٌ كأَنْ لم يُفْعَلِ قال وقد ذَكر بعضُ أَهلِ العلم أَنَّ الواوَ زائدةٌ في قوله تعالى وأَوْحَيْنا إِليه لَتُنَبِّئَنَّهم بأَمرهم هذا لأَنه جواب لَمَّا في قوله فلمَّا ذَهَبُوا به وأَجْمَعُوا أَن يَجْعَلُوه في غَيابَةِ الجُبِّ التهذيب الواواتُ لها مَعانٍ مختلفة لكل معنًى منها اسم يُعْرَفُ به فمنها واوُ الجمع كقولك ضَرَبُوا ويَضْرِبُون وفي الأَسماء المُسْلِمون والصالحون ومنها واو العطف والفرقُ بينها وبين الفاءِ في المعطوف أَو الواو يُعْطَفُ بها جملة على جملةٍ لا تدلُّ على الترتيب في تَقْديم المُقَدَّمِ ذِكْرُه على المؤخَّر ذكره وأَما الفراء فإِنه يُوَصِّلُ بها ما بَعْدَها بالذي قبلها والمُقَدَّمُ هو الأَوَّل وقال الفراء إِذا قلتَ زُرْتُ عبدَ اللهِ وزيْداً فأَيَّهُما شئت كان هو المبتدأَ بالزيارة وإِن قلتَ زُرْتُ عبدَ الله فزَيْداً كان الأَولُ هو الأَولَ والآخِرُ هو الآخِر ومنها واو القَسم تَخْفِضُ ما بَعْدَها وفي التنزيل العزيز والطُّورِ وكِتابٍ مَسْطُور فالواو التي في الطُّور هي واو القَسَمِ والواوُ التي هي في وكتابٍ مسْطورٍ هي واوُ العَطف أَلا ترى أَنه لو عُطِف بالفاء كان جائزاً والفاء لا يُقْسَم بها كقوله تعالى والذَّارِياتِ ذَرْواً فالحامِلاتِ وِقْراً غير أَنه إِذا كان بالفاء فهو مُتَّصِلٌ باليمين الأُولى وإِن كان بالواو فهو شيء آخَرُ أُقْسِمَ به ومنها واوُ الاسْتِنْكارِ إِذا قلت جاءَني الحَسَنُ قال المُسْتَنْكِرُ أَلحَسَنُوهْ وإِذا قلت جاءَني عَمرو قال أَعْمْرُوهْ يَمُدُّ بواو والهاء للوقفة ومنها واو الصِّلة في القَوافي كقوله قِفْ بالدِّيار التي لم يَعْفُها القِدَمُو فَوُصِلَتْ ضَمَّةُ المِيمِ بواو تَمَّ بها وزن البيت ومنها واوُ الإِشْباع مثل قولهم البُرْقُوعُ والمُعْلُوقُ والعرب تصل الضمة بالواو وحكى الفراء أَنْظُور في موضع أَنْظُر

الصفحة 4942