كتاب لسان العرب - ط المعارف (اسم الجزء: 6)

الكمال لا نقص في واحدة منهما لأَن الشمال تنقص عن اليمين قال وكل ما جاء في القرآن والحديث من إضافة اليد والأَيدي واليمين وغير ذلك من أَسماء الجوارح إلى الله عز وجل فإنما هو على سبيل المجاز والاستعارة والله منزَّه عن التشبيه والتجسيم وفي حديث صاحب القرآن يُعْطَى الملْكَ بِيَمِينه والخُلْدَ بشماله أَي يُجْعَلانِ في مَلَكَتِه فاستعار اليمين والشمال لأَن الأَخذ والقبض بهما وأَما قوله قَدْ جَرَتِ الطَّيرُ أَيامِنِينا قالتْ وكُنْتُ رجُلاً قَطِينا هذا لعَمْرُ اللهِ إسْرائينا قال ابن سيده عندي أَنه جمع يَميناً على أَيمانٍ ثم جمع أَيْماناً على أَيامِين ثم أَراد وراء ذلك جمعاً آخر فلم يجد جمعاً من جموع التكسير أَكثر من هذا لأَن باب أَفاعل وفواعل وفعائل ونحوها نهاية الجمع فرجع إلى الجمع بالواو والنون كقول الآخر فهُنَّ يَعْلُكْنَ حَدائداتها لَمّا بلَغ نهاية الجمع التي هي حَدَائد فلم يجد بعد ذلك بناء من أَبنية الجمع المكسَّر جَمَعه بالأَلف والتاء وكقول الآخر جَذْبَ الصَّرَارِيِّينَ بالكُرور جَمَع صارِياً على صُرَّاء ثم جَمع صُرَّاء على صَراريّ ثم جمعه على صراريين بالواو والنون قال وقد كان يجب لهذا الراجز أَن يقول أَيامينينا لأَن جمع أَفْعال كجمع إفْعال لكن لمَّا أَزمَع أَن يقول في النصف الثاني أَو البيت الثاني فطينا ووزنه فعولن أَراد أَن يبني قوله أَيامنينا على فعولن أَيضاً ليسوي بين الضربين أَو العروضين ونظير هذه التسوية قول الشاعر قد رَوِيَتْ غيرَ الدُّهَيْدِهينا قُلَيِّصاتٍ وأُبَيْكِرينا كان حكمه أَن يقول غير الدُّهَيْدِيهينا لأَن الأَلف في دَهْداهٍ رابعة وحكم حرف اللين إذا ثبت في الواحد رابعاً أَن يثبت في الجمع ياء كقولهم سِرْداح وسَراديح وقنديل وقناديل وبُهْلُول وبَهاليل لكن أَراد أَن يبني بين
( * قوله « يبني بين » كذا في بعض النسخ ولعل الأظهريسوي بين كما سبق ) دُهَيْدِهينا وبين أُبَيْكِرينا فجعل الضَّرْبَيْنِ جميعاً أو العَرُوضَيْن فَعُولُن قال وقد يجوز أَن يكون أَيامنينا جمعَ أَيامِنٍ الذي هو جمع أَيمُنٍ فلا يكون هنالك حذف وأَما قوله قالت وكنتُ رجُلاً فَطِينا فإن قالت هنا بمعنى ظنت فعدّاه إلى مفعولين كما تعَدَّى ظن إلى مفعولين وذلك في لغة بني سليم حكاه سيبويه عن الخطابي ولو أَراد قالت التي ليست في معنى الظن لرفع وليس أَحد من العرب ينصب بقال التي في معنى ظن إلاَّ بني سُلَيم وهي اليُمْنَى فلا تُكَسَّرُ
( * قوله « وهي اليمنى فلا تكسر » كذا بالأصل فانه سقط من نسخة الأصل المعول عليها من هذه المادة نحو الورقتين ونسختا المحكم والتهذيب اللتان بأيدينا ليس فيهما هذه المادة لنقصهما ) قال الجوهري وأَما قول عمر رضي الله عنه في حديثه حين ذكر ما كان فيه من القَشَفِ والفقر والقِلَّة في جاهليته وأَنه واخْتاً له خرجا يَرْعَيانِ ناضِحاً لهما قال أَلْبَسَتْنا أُمُّنا نُقْبَتَها وزَوَّدَتْنا بيُمَيْنَتَيها من الهَبِيدِ كلَّ يومٍ فيقال إنه أَراد بيُمَيْنَتَيْها تصغير يُمْنَى فأَبدل من الياء الأُولى تاء إذ كانت للتأْنيث قال ابن بري الذي في الحديث وزوَّدتنا يُمَيْنَتَيْها مخففة وهي تصغير يَمْنَتَيْن تثنية يَمْنَة يقال أَعطاه يَمْنَة من الطعام أَي أَعطاه الطعام بيمينه ويده مبسوطة ويقال أَعطى يَمْنَةً ويَسْرَةً إذا أَعطاه بيده مبسوطة والأَصل في اليَمْنةِ أَن تكون مصدراً كاليَسْرَة ثم سمي الطعام يَمْنَةً لأَنه أُعْطِي يَمْنَةً أَي باليمين كما سَمَّوا الحَلِفَ يَميناً لأَنه يكون بأْخْذِ اليَمين قال ويجوز أَن يكون صَغَّر يَميناً تَصْغِيرَ الترخيم ثم ثنَّاه وقيل الصواب يَمَيِّنَيْها تصغير يمين قال وهذا معنى قول أَبي عبيد قال وقول الجوهري تصغير يُمْنى صوابه أَن يقول تصغير يُمْنَنَيْن تثنية يُمْنَى على ما ذكره من إبدال التاء من الياء الأُولى قال أَبو عبيد وجه الكلام يُمَيِّنَيها بالتشديد لأَنه تصغير يَمِينٍ قال وتصغير يَمِين يُمَيِّن بلا هاء قال ابن سيده وروي وزَوَّدتنا بيُمَيْنَيْها وقياسه يُمَيِّنَيْها لأَنه تصغير يَمِين لكن قال يُمَيْنَيْها على تصغير الترخيم وإنما قال يُمَيْنَيْها ولم يقل يديها ولا كفيها لأَنه لم يرد أَنها جمعت كفيها ثم أَعطتها بجميع الكفين ولكنه إنما أَراد أَنها أَعطت كل واحد كفّاً واحدة بيمينها فهاتان يمينان قال شمر وقال أَبو عبيد إنما هو يُمَيِّنَيْها قال وهكذا قال يزيد بن هرون قال شمر والذي آختاره بعد هذا يُمَيْنَتَيْها لأَن اليَمْنَةَ إنما هي فِعْل أَعطى يَمْنةً ويَسْرَة قال وسعت من لقيت في غطفانَ يتكلمون فيقولون إذا أهْوَيْتَ بيمينك مبسوطة إلى طعام أَو غيره فأَعطيت بها ما حَمَلَتْه مبسوطة فإنك تقول أَعطاه يَمْنَةً من الطعام فإن أَعطاه بها مقبوضة قلت أَعطاه قَبْضَةً من الطعام وإن حَشَى له بيده فهي الحَثْيَة والحَفْنَةُ قال وهذا هو الصحيح قال أَبو منصور والصواب عندي ما رواه أَبو عبيد يُمَيْنَتَيْها وهو صحيح كما روي وهو تصغير يَمْنَتَيْها أَراد أَنها أَعطت كل واحد منهما بيمينها يَمْنةً فصَغَّرَ اليَمْنَةَ ثم ثنَّاها فقال يُمَيْنَتَيْنِ قال وهذا أَحسن الوجوه مع السماع وأَيْمَنَ أَخَذَ يَميناً ويَمَنَ به ويامَنَ ويَمَّن وتَيامَنَ ذهب به ذاتَ اليمين وحكى سيبويه يَمَنَ يَيْمِنُ أَخذ ذاتَ

الصفحة 4968