كتاب لسان العرب - ط المعارف (اسم الجزء: 1)

والرُّكْبتانِ والقَدَمانِ والآرابُ قِطَعُ اللحمِ وأَرِبَ الرَّجُلُ قُطِعَ إِرْبُه وأَرِبَ عُضْوُه أَي سَقَطَ وأَرِبَ الرَّجُل تَساقَطَتْ أَعْضاؤُه وفي حديث جُنْدَبٍ خَرَج برَجُل أُرابٌ قيل هي القَرْحَةُ وكأَنَّها مِن آفاتِ الآرابِ أَي الأَعْضاءِ وقد غَلَبَ في اليَد فأَمَّا قولُهم في الدُّعاءِ ما لَه أَرِبَتْ يَدُه فقيل قُطِعَتْ يَدُه وقيل افْتَقَر فاحْتاجَ إِلى ما في أَيدي الناس ويقال أَرِبْتَ مِنْ يَدَيْكَ أَي سَقَطتْ آرَابُكَ من اليَدَيْنِ خاصَّةً وجاء رجل إِلى النبي صلى اللّه عليه وسلم فقال دُلَّني على عَمَل يُدْخِلُني الجَنَّةَ فقال أَرِبٌ ما لَهُ ؟ معناه أَنه ذو أَرَبٍ وخُبْرةٍ وعِلمٍ أَرُبَ الرجل بالضم فهو أَرِيبٌ أَي صار ذا فِطْنةٍ وفي خبر ابن مسعود رضي اللّه عنه أَنَّ رجلاً اعترض النبي صلى اللّه عليه وسلم لِيَسْأَلَه فصاح به الناسُ فقال عليه السلام دَعُوا الرَّجلَ أَرِبَ ما لَه ؟ قال ابن الأَعرابي احْتاجَ فَسَأَلَ ما لَه وقال القتيبي في قوله أَرِبَ ما لَه أَي سَقَطَتْ أَعْضاؤُه وأُصِيبت قال وهي كلمة تقولها العرب لا يُرادُ بها إِذا قِيلت وقُوعُ الأَمْرِ كما يقال عَقْرَى حَلْقَى وقَوْلِهم تَرِبَتْ يدَاه قال ابن الأَثير في هذه اللفظة ثلاث رِوايات إِحداها أَرِبَ بوزن عَلِمَ ومعناه الدُّعاء عليه أَي أُصِيبَتْ آرابُه وسقَطَتْ وهي كلمة لا يُرادُ بها وقُوعُ الأَمر كما يقال تَرِبَتْ يدَاك وقاتَلكَ اللّهُ وإِنما تُذكَر في معنى التعجب قال وفي هذا الدعاء من النبي صلى اللّه عليه وسلم قولان أَحدهما تَعَجُّبُه من حِرْصِ السائل ومُزاحَمَتِه والثاني أَنه لَمَّا رآه بهذه الحال مِن الْحِرص غَلَبه طَبْعُ البَشَرِيَّةِ فدعا عليه وقد قال في غير هذا الحديث اللهم إِنما أَنا بَشَرٌ فَمَن دَعَوْتُ عليه فاجْعَلْ دُعائي له رَحْمةً وقيل معناه احْتاجَ فسأَلَ مِن أَرِبَ الرَّجلُ يَأْرَبُ إِذا احتاجَ ثم قال ما لَه أَي أَيُّ شيءٍ به وما يُرِيدُ قال والرواية الثانية أَرَبٌ مَّا لَه بوزن جمل أَي حاجةٌ له وما زائدة للتقليل أَي له حاجة يسيرة وقيل معناه حاجة جاءَت به فحذَفَ ثم سأَل فقال ما لَه قال والرواية الثالثة أَرِبٌ بوزن كَتِفٍ والأَرِبُ الحاذِقُ الكامِلُ أَي هو أَرِبٌ فحذَف المبتدأَ ثم سأَل فقال ما لَه أَي ما شأْنُه وروى المغيرة بن عبداللّه عن أَبيه أَنه أَتَى النبيَّ صلى اللّه عليه سلم بِمِنىً فَدنا منه فَنُحِّيَ فقال النبي صلى اللّه عليه وسلم دَعُوه فأَرَبٌ مَّا لَهُ قال فَدَنَوْتُ ومعناه فحاجَةٌ ما لَه فدَعُوه يَسْأَلُ قال أَبو منصور وما صلة قال ويجوز أَن يكون أَراد فَأَرَبٌ منالآرابِ جاءَ به فدَعُوه وأَرَّبَ العُضْوَ قَطَّعه مُوَفَّراً يقال أَعْطاه [ ص 211 ] عُضْواً مُؤَرَّباً أَي تامّاً لم يُكَسَّر وتَأْرِيبُ الشيءِ تَوْفِيرُه وقيل كلُّ ما وُفِّرَ فقد أُرِّبَ وكلُّ مُوَفَّر مُؤَرَّبٌ والأُرْبِيَّةُ أَصل الفخذ تكون فُعْلِيَّةً وتكون أُفْعولةً وهي مذكورة في بابها والأُرْبةُ بالضم العُقْدةُ التي لا تَنْحَلُّ حتى تُحَلَّ حَلاًّ وقال ثعلب الأُرْبَةُ العُقْدةُ ولم يَخُصَّ بها التي لا تَنْحَلُّ قال الشاعر
هَلْ لَكِ يا خَدْلةُ في صَعْبِ الرُّبَهْ ... مُعْتَرِمٍ هامَتُه كالحَبْحَبه
قال أَبو منصور قولهم الرُّبَة العقدة وأَظنُّ الأَصل كان الأُرْبَة فحُذفت الهمزة وقيل رُبةٌ وأَرَبَها عَقَدها وشَدَّها وتَأْرِيبها إِحْكامُها يقال أَرِّبْ عُقْدتَك أَنشد ثعلب لكِناز بن نُفَيْع يقوله
لجَرِير
غَضِبْتَ علينا أَنْ عَلاكَ ابنُ غالِبٍ ... فَهَلاَّ على جَدَّيْكَ في ذاك تَغْضَبْ
هما حينَ يَسْعَى المَرْءُ مَسْعاةَ جَدِّه ... أَناخَا فَشَدّاك العِقال المُؤَرَّبْ
واسْتَأْرَبَ الوَتَرُ اشْتَدَّ وقول أَبي زُبَيْد
على قَتِيل مِنَ الأَعْداءِ قد أَرُبُوا ... أَنِّي لهم واحِدٌ نائي الأَناصِيرِ
قال أَرُبُوا وَثِقُوا أَني لهم واحد وأَناصِيري ناؤُونَ عني جمعُ الأَنْصارِ ويروى وقد عَلموا وكأَنّ أَرُبُوا من الأَرِيب أَي من تَأْرِيب العُقْدة أَي من الأَرْب وقال أَبو الهيثم أَي أَعجبهم ذاك فصار كأَنه حاجة لهم في أَن أَبْقَى مُغْتَرِباً نائِياً عن أَنْصاري والمُسْتَأْرَبُ الذي قد أَحاطَ الدَّيْنُ أَو غيره من النَّوائِب بآرابِه من كل ناحية ورجل مُسْتَأْرَبٌ بفتح الراءِ أَي مديون كأَن الدَّين أَخَذ بآرابه قال
وناهَزُوا البَيْعَ مِنْ تِرْعِيَّةٍ رَهِقٍ ... مُسْتَأْرَبٍ عَضَّه السُّلْطانُ مَدْيُونُ
وفي نسخة مُسْتَأْرِب بكسر الراءِ قال هكذا أَنشده محمد بن أَحمد المفجع أَي أَخذه الدَّين من كل ناحية والمُناهَزةُ في البيع انْتِهازُ الفُرْصة وناهَزُوا البيعَ أَي بادَرُوه والرَّهِقُ الذي به خِفَّةٌ وحِدّةٌ وقيل الرَّهِقُ السَّفِه وهو بمعنى السَّفِيه وعَضَّهُ السُّلْطانُ أَي أَرْهَقَه وأَعْجَلَه وضَيَّق عليه الأَمْرَ والتِّرْعِيةُ الذي يُجِيدُ رِعْيةَ الإِبلِ وفلان تِرْعِيةُ مالٍ أَي إِزاءُ مالٍ حَسَنُ القِيام به وأَورد الجوهري عَجُزَ هذا البيت مرفوعاً قال ابن بري هو مخفوض وذكر البيت بكماله وقولُ ابن مقبل في الأُرْبةِ
لا يَفْرَحُون إِذا ما فازَ فائزُهم ... ولا يُرَدُّ عليهم أُرْبَةُ اليَسَرِ
قال أَبو عمرو أَراد إِحْكامَ الخَطَرِ من تأْرِيبِ العُقْدة والتَّأْرِيبُ تَمَامُ النَّصيبِ قال أَبو عمرو اليَسر ههنا المُخاطَرةُ وأَنشد لابن مُقبل
بِيض مَهاضِيم يُنْسِيهم مَعاطِفَهم ... ضَرْبُ القِداحِ وتأْرِيبٌ على الخَطَرِ
وهذا البيت أَورد الجوهري عجزه وأَورد ابن بري صدره شُمّ مَخامِيص يُنْسِيهم مَرادِيَهُمْ وقال قوله شُمّ يريد شُمَّ الأُنُوفِ وذلك مما يُمدَحُ به والمَخامِيصُ يريد به خُمْصَ البُطونِ لأَن كثرة الأَكل وعِظَمَ البطنِ مَعِيبٌ والمَرادِي الأَرْدِيةُ واحدتها مِرْداةٌ وقال أَبو عبيد التَّأْرِيبُ الشُّحُّ والحِرْصُ قال والمشهور في الرواية وتأْرِيبٌ على اليَسَرِ

الصفحة 56