كتاب لسان العرب - ط المعارف (اسم الجزء: 1)

ألا لا أَرَى ماءَ الجُراوِيِّ شافِياً صَدَايَ وإن رَوَّى غَلِيلَ الرَّكائِب وجِرْوٌ وجُرَيٌّ وجُرَيَّةُ أَسماء وبنو جِرْوة بطنٌ من العرب وكان ربيعة بن عبد العُزَّى بن عبد شمس بن عبد مناف يقال له جِرْوُ البَطْحاءِ وجِرْوةُ اسم فرس شدّادٍ العَبْسيّ أَبي عَنْتَرَةَ قال شدّاد فَمنْ يَكُ سائلاً عَنِّي فإنِّي وجِرْوَة لا تَرُودُ ولا تُعارُ وجِرْوةُ أَيضاً فرس أَبي قتادة شهد عليه يوم السَّرْحِ وجَرَى الماءُ والدمُ ونحوه جَرْياً وجَرْيةً وجَرَياناً وإنه لحَسَنُ الجِرْيةِ وأَجْراه هو وأَجْريته أَنا يقال ما أَشدَّ جِرْيةَ هذا الماء بالكسر وفي الحديث وأَمسك الله جِرْيةَ الماء هي بالكسر حالة الجريان ومنه وعالَ قَلَمُ زَكَرِيَّا الجِرْيَةَ وجَرَت الأَقْلامُ مع جِرْيَةِ الماء كلُّ هذا بالكسر وفي حديث عمر إذا أَجْرَيْتَ الماءَ على الماءِ أَجْزَأَ عنك يريد إذا صببت الماء على البول فقد طَهُر المحلُّ ولا حاجة بك إلى غسله ودَلْكه وجَرَى الفرسُ وغيرُه جَرْياً وجِراءً أَجْراه قال أَبو ذؤيب يُقَرِّبُه للمُسْتضيفِ إذا دَعا جِراءٌ وشَدٌّ كالحَرِيقِ ضَرِيجُ أَراد جرْيَ هذا الرجل إلى الحَرْب ولا يَعْني فَرَساً لأَن هُذَيْلاً إنَّما همْ عَراجِلَةٌ رَجّالة والإجْرِيّا ضرب من الجَرْيِ قال غَمْرُ الأَجارِيِّ مِسَحّاً مِهْرَجا وقال رؤبة غَمْرُ الأَجارِيِّ كَرِيم السِّنْح أَبْلَج لَمْ يُولَدْ بِنَجْمِ الشُّحِّ أَراد السِّنْخَ فأَبدل الخاء حاء وجَرَت الشمسُ وسائرُ النجومِ سارت من المشرق إلى المغرب والجاربة الشمس سميت بذلك لجَرْيِها من القُطر إلى القُطْر التهذيب والجاريةُ عين الشمس في السماء قال الله عز وجل والشمسُ تَجْري لمُسْتَقَرٍّ لها والجاريةُ الريح قال الشاعر فَيَوْماً تَراني في الفَرِيقِ مُعَقَّلاً ويوماً أُباري في الرياح الجَوَارِيَا وقوله تعالى فلا أقسم بالخُنَّسِ الجَواري الكُنَّسِ يعني النجومَ وجَرَتِ السفينةُ جَرْياً كذلك والجاريةُ السفينة صفة غالبة وفي التنزيل حَمَلْناكم في الجَارِية وفيه وله الجَوارِ المُنْشَآتُ في البحر وقوله عز وجل بسم الله مُجْراها ومُرْساها هما مصدران من أُجْرِيت السفينةُ وأُرْسِيَتْ ومَجْراها ومَرْساها بالفتح من جرَتِ السفينةُ ورَسَتْ وقول لبيد وغَنِيتُ سبتاً قبل مَجْرَى داحِسٍ لو كان للنفسِ اللَّجُوجِ خُلُودُ ومَجْرى داحِسٍ كذلك الليث الخَيْلُ تَجْرِي والرِّياح تَجْرى والشمسُ تَجْرِي جَرْياً إلا الماء فإنه يَجْرِي جِرْيَةً والجِراء للخيل خاصّةً وأَنشد غَمْر الجِراء إذا قَصَرْتَ عِنانَهُ وفرس ذو أَجارِيَّ أَي ذو فُنون في الجَرْيِ وجاراه مُجاراةً وجِراءً أَي جَرَى معه وجاراه في الحديث وتَجَارَوْا فيه وفي حديث الرياء من طَلَبَ العِلْمَ ليُجارِيَ به العُلَماءَ أَي يَجْري معهم في المُناظرة والجِدال ليُظْهِرَ علمه إلى الناس رياء وسُمْعةً ومنه الحديث تَتَجارَى بهم الأَهْواءُ كما يَتَجارَى الكَلَبُ بصاحِبهِ أَي يَتَواقَعُون في الأَهْواء الفاسدة ويَتَدَاعَوْنَ فيها تشبيهاً بِجَرْيِ الفرس والكَلَب بالتحريك داء معروف يَعْرِضُ للكَلْب فمن عَضَّه قَتَله ابن سيده قال الأَخفش والمَجْرَى في الشِّعْرِ حركة حرف الرويّ فتْحَتُه وضَمَّتُه وكَسْرتُه وليس في الرويّ المقيد مَجْرىً لأَنه لا حركة فيه فتسمى مَجْرىً وإنما سمي ذلك مَجْرىً لأَنه موضع جَرْيِ حركات الإعراب والبناء والمَجارِي أَواخِرُ الكَلِم وذلك لأَن حركات الإعراب والبناء إنما تكون هنالك قال ابن جني سمي بذلك لأَن الصوت يبتدئ بالجَرَيان في حروف الوصل منه ألا ترى أَنك إذا قلت قَتِيلان لم يَعْلم لنا الناسُ مَصْرَعا فالفتحة في العين هي ابتداء جريان الصوت في الأَلف وكذلك قولك يا دارَ مَيَّةَ بالعَلْياءِ فالسَّندِ تَجِدُ كسرة الدال هي ابتداء جريان الصوت في الياء وكذا قوله هُرَيْرةَ ودَّعْها وإنْ لامَ لائِمُ تجد ضمة الميم منها ابتداءَ جَرَيانِ الصوت في الواو قال فأَما قول سيبويه هذا باب مَجارِي أَواخر الكَلِم من العربية وهي تَجْرِي على ثمانية مَجارٍ فلم يَقْصُر المَجارِيَ هنا على الحركات فقط كما قَصَر العروضيون المَجْرَى في القافية على حركة حرف الرويّ دون سكونه لكنْ غَرَضُ صاحب الكتاب في قوله مَجاري أَواخر الكلم أَي أَحوال أَواخر الكلم وأَحكامها والصُّوَرِ التي تتشكل لها فإذا كانت أَحوالاً وأَحكاماً فسكونُ الساكن حال له كما أَن حركة المتحرّك حال له أَيضاً فمن هنا سَقَط تَعَقُّبُ من تَتَبَّعه في هذا الموضع فقال كيف ذَكَرَ الوقف والسكون في المجاري وإنما المجاري فيما ظَنَّه الحركاتُ وسبب ذلك خَفاءُ غرض صاحب الكتاب عليه قال وكيف يجوز أَن يُسَلط الظنُّ على أَقل أَتباع سيبويه فيما يلطف عن هذا الجليّ الواضح فضلاً عنه نفسِه فيه ؟ أَفتراه يريد الحركة ويذكر السكون ؟ هذه غَباوة ممن أَوردها وضعف نظر وطريقة دَلَّ على سلوكه إياها قال أَوَلَمْ يَسْمَعْ هذا المتتبع بهذا القدر قولَ الكافة أَنت تَجْرِي عندي مَجْرَى فلان وهذا جارٍ مَجْرَى هذا ؟ فهل يراد بذلك أَنت تتحرك عندي بحركته أَو يراد صورتك عندي صورته وحالُك في نفسي ومُعْتَقَدِي حالُه ؟ والجارية عينُ كل حيوان والجارية النعمة من الله على عباده وفي الحديث الأَرْزاق جاريةٌ والأَعطياتُ دارَّة متصلة قال شمر هما واحد يقول هو دائم يقال جَرَى له ذلك الشيءُ ودَرَّ له بمعنى دام له وقال ابنُ حازم يصف امرأَة

الصفحة 610