كتاب لسان العرب - ط المعارف (اسم الجزء: 1)

غَذَاها فارِضٌ يَجْرِي عليها ومَحْضٌ حينَ يَنْبَعِثُ العِشارُ قال ابن الأَعرابي ومنه قولك أَجْرَيْتُ عليه كذا أَي أَدَمْتُ له والجِرَايةُ الجارِي من الوظائف وفي الحديث أَن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إذا ماتَ الإنسانُ انْقَطَعَ عَمَلُه إلا من ثلاثٍ صَدَقةٍ جاريةٍ أَي دارَّة متصلة كالوُقُوفِ المُرْصَدَةِ لأَبواب البِرِّ والإجْرِيَّا والإجْرِيَّاءُ الوَجْهُ الذي تأَخذ فيه وتَجْرِي عليه قال لبيد يصف الثور ووَلَّى كنَصْلِ السَّيْفِ يَبْرُقُ مَتْنُه على كلِّ إجْرِيَّا يَشُقُّ الخَمائلا وقالوا الكَرَمُ من إجْرِيَّاهُ ومن إجْرِيَّائه أَي من طَبيعته عن اللحياني وذلك لأَنه إذا كان الشيء من طبعه جَرَى إليه وجَرَنَ عليه والإجْرِيَّا بالكسر الجَرْيُ والعادة مما تأْخذ فيه قال الكميت ووَلَّى بإجْرِيَّا وِلافٍ كأَنه على الشَّرَفِ الأَقْصَى يُساطُ ويُكْلَبُ وقال أَيضاً على تِلْكَ إجْرِيَّايَ وهي ضَريبَتي ولو أَجْلَبُوا طُرّاً عَلَيَّ وأَحْلَبُوا وقولهم فعلتُ ذلك من جَرَاكَ ومن جَرَائِكَ أَي من أَجلك لغة في جَرَّاكَ ومنه قول أَبي النجم فاضَتْ دُمُوعُ العينِ من جَرَّاها ولا تقل مَجْراكَ والجَرِيُّ الوكيلُ الواحد والجمع والمؤنث في ذلك سواء ويقال جَرِيُّ بَيِّنُ الجَرَايةِ والجِرايةِ وجَرَّى جَرِيّاً وكَّلَه قال أَبو حاتم وقد يقال للأُنثى جَرِيَّة بالهاء وهي قليلة قال الجوهري والجمع أَجْرِياءُ والجَرِيُّ الرسول وقد أَجْراه في حاجته قال ابن بري شاهده قول الشماخ تقَطَّعُ بيننا الحاجاتُ إلاَّ حَوائجَ يُحْتَمَلْنَ مع الجَريّ وفي حديث أُم إسمعيل عليه السلام فأَرْسَلُوا جَرِيّاً أَي رسولاً والجَرِيُّ الخادِمُ أَيضاً قال الشاعر إذا المُعْشِياتُ مَنَعْنَ الصَّبُو حَ حَثَّ جَرِيُّكَ بالمُحْصَنِ قال المُحْصَنُ المُدَّخَرُ للجَدْب والجَرِيُّ الأَجير عن كراع ابن السكيت إنِّي جَرَّيْتُ جَرِيّاً واسْتَجْرَيْتُ أَي وكلت وكيلاً وفي الحديث أَنتَ الجَفْنةُ الغَرّاء فقال قُولوا بقَوْلكم ولا يَسْتَجْرِيَنَّكُم الشيطانُ أَي لا يَسْتَغْلِبَنَّكُم كانت العرب تَدْعُو السيدَ المِطْعامَ جَفْنةً لإِطعامه فيها وجعلوها غَرَّاءَ لما فيها من وَضَحِ السَّنامِ وقوله ولا يستجرينكم من الجَرِيِّ وهو الوكيل تقول جَرَّيْتُ جَرِيّاً واستجريتُ جَرِيّاً أَي اتخذت وكيلاً يقول تَكَلَّموا بما يَحْضُركم من القول ولا تتَنَطَّعُوا ولا تَسْجَعُوا ولا تتكلفوا كأَنكم وكلاء الشيطان ورُسُلُه كأَنما تنطقون عن لسانه قال الأَزهري وهذا قول القتيبي ولم أَر القوم سَجَعُوا في كلامهم فنهاهم عنها ولكنهم مَدَحُوا فكَرِهَ لهم الهَرْفَ في المَدْحِ فنهاهم عنه وكان ذلك تأْديباً لهم ولغيرهم من الذين يمدحون الناس في وجوههم ومعنى لا يستجرينكم أَي لا يَسْتتبعنكم فيتخذكم جَرِيَّه ووكِيلَه وسمي الوكيلُ جَرِيّاً لأَنه يَجْري مَجْرَى مُوَكِّله والجَرِيُّ الضامنُ وأَما الجَرِيءُ المِقْدامُ فهو من باب الهمز والجارِيَةُ الفَتِيَّةُ من النساء بيِّنةُ الجَرَاية والجَرَاءِ والجَرَى والجِراء والجَرَائِيَةِ الأَخيرة عن ابن الأَعرابي أَبو زيد جاريةٌ بَبِّنة الجَرايةِ والجَراء وجَرِيّ بيِّنُ الجَرَايَةِ وأَنشد الأَعشى والبِيضُ قد عَنَسَتْ وطالَ جِرَاؤُها ونَشَأْنَ في قِنٍّ وفي أَذْوادِ ويروى بفتح الجيم وكسرها قال ابن بري صواب إِنشاده والبيضِ بالخفضِ عطف على الشَّرْبِ في قوله قبله ولقد أُرَجِّلُ لِمَّتي بعَشِيَّةٍ للشَّرْبِ قبل سَنابِك المُرْتادِ أَي أَتزين للشَّرْبِ وللبِيضِ وقولهم كان ذلك في أَيام جَرَائها بالفتح أَي صِباها والجِرِّيُّ ضرب من السمك والجِرِّيَّة الحَوْصَلة ومن جعلهما ثنائيين فهما فِعْلِيٌّ وفِعْلِيَّة وكل منهما مذكور في موضعه الفراء يقال أَلْقِه في جِرِّيَّتِكَ وهي الحَوْصلة أَبو زيد هي القِرِّيَّةُ والجِرِّيَّةُ والنَّوْطَةُ لحوصلة الطائر هكذا رواه ثعلب عن ابن نَجْدَةَ بغير همز وأَما ابنُ هانئ فإِنه الجرِيئَةُ مهموز لأَبي زيد
( جزأ ) الجُزْء والجَزْءُ البَعْضُ والجمع أَجْزاء سيبويه لم يُكَسَّر الجُزءُ على غير ذلك وجَزَأَ الشيءَ جَزْءاً وجَزَّأَه كلاهما جَعله أَجْزاء وكذلك التجْزِئةُ وجَزَّأَ المالَ بينهم مشدّد لا غير قَسَّمه وأَجزأَ منه جُزْءاً أَخذه والجُزْءُ في كلام العرب النَّصِيبُ وجمعه أَجْزاء وفي الحديث قرأَ جُزْأَه مِن الليل الجُزْءُ النَّصِيبُ والقِطعةُ من الشيء وفي الحديث الرُّؤْيا الصّالِحةُ جُزْءٌ من ستة وأَربعين جُزْءاً من النُّبُوَّة قال ابن الأَثير وإِنما خَصَّ هذا العدَدَ المذكور لأَن عُمُرَ النبيِّ صلى اللّه عليه وسلم في أَكثر الروايات الصحيحة كان ثلاثاً وستين سنة وكانت مدّةُ نُبوَّتِه منها ثلاثاً وعشرين سنة لأَنه بُعث عند استيفاء الأَربعين وكان في أَوّل الأَمر يَرَى الوحي في المنام ودامَ كذلك نِصْفَ سنة ثم رأَى المَلَكَ في اليَقَظة فإِذا نَسَبْتَ مُدَّةَ الوَحْيِ في النَّوْمِ وهي نِصْفُ سَنَةٍ إِلى مُدّة نبوّته وهي ثلاث وعشرون سنة كانتْ نِصْفَ جُزْءٍ من ثلاثة وعشرين جُزْءاً وهو جزءٌ واحد من ستة وأَربعين جزءاً قال وقد تعاضدت الروايات في أَحاديث الرؤيا بهذا العدد وجاء في بعضها جزءٌ من خمسة وأَربعين جُزْءاً ووَجْهُ ذلك أَنّ عُمُره لم يكن قد استكمل ثلاثاً وستين سنة ومات في أَثناء السنة الثالثة والستين ونِسبةُ نصفِ السنة إِلى اثنتين وعشرين سنة وبعضِ الاخرى كنسبة جزء من خمسة وأَربعين وفي بعض الروايات جزء من أَربعين ويكون محمولاً على مَن رَوى أَنّ عمره كان ستين سنة

الصفحة 611