كتاب لسان العرب - ط المعارف (اسم الجزء: 1)

فيكون نسبة نصف سنة إِلى عشرين سنة كنسبة جزءٍ إِلى أَربعين ومنه الحديث الهَدْيُ الصّالِحُ والسَّمْتُ الصّالِحُ جُزْءٌ من خمسة وعشرين جزءاً من النبوة أَي إِنّ هذه الخِلالَ من شَمائلِ الأَنْبياء ومن جُملة الخصالِ المعدودة من خصالهم وإِنها جزءٌ معلوم من أَجزاء أَفعالِهم فاقْتَدوُا بهم فيها وتابِعُوهم وليس المعنى أنَّ النُّبوّة تتجزأُ ولا أَنّ من جمَع هذه الخِلالَ كان فيه جُزءٌ من النبوَّة فان النبوَّة غير مُكْتَسَبةٍ ولا مُجْتَلَبة بالأَسباب وإِنما هي كَرامةٌ من اللّه عز وجل ويجوز أَن يكون أَراد بالنبوّة ههنا ما جاءتْ به النبوّة ودَعَت اليه من الخَيْرات أَي إِن هذه الخِلاَلَ جزءٌ من خمسة وعشرين جزءاً مما جاءت به النبوّة ودَعا اليه الأَنْبياء وفي الحديث أَن رجلاً أَعْتَقَ ستة مَمْلُوكين عند موته لم يكن له مالٌ غيرهُم فدعاهم رسولُ اللّه صلى اللّه عليه وسلم فَجَزَّأَهم أَثلاثاً ثم أَقْرَعَ بينهم فأَعْتَق اثنين وأَرقَّ أَربعة أَي فَرَّقهم أَجزاء ثلاثة وأَراد بالتَّجزئةِ أَنه قَسَّمهم على عِبْرة القيمة دون عَدَد الرُّؤُوس إِلا أَنَّ قيمتهم تساوت فيهم فخرج عددُ الرُّؤُوس مساوياً للقِيَم وعَبيدُ أَهلِ الحِجاز إِنما هُم الزُّنوجُ والحَبَشُ غالباً والقِيَمُ فيهم مُتساوِية أَو مُتقارِبة ولأَن الغرَض أَن تَنْفُذ وصِيَّته في ثُلُث ماله والثلُثُ انما يُعتبر بالقِيمة لا بالعَدَد وقال بظاهر الحديث مالك والشافعي وأَحمد وقال أَبو حنيفة رحمهم اللّه يُعْتَقُ ثُلُثُ كلّ واحد منهم ويُسْتَسْعَى في ثلثيه التهذيب يقال جَزَأْتُ المالَ بينهم وجَزَّأْتُه أَي قسَّمْته [ ص 46 ] والمَجْزُوءُ مِن الشِّعر ما حُذِف منه جُزْآن أَو كان على جُزْأَينِ فقط فالأُولى على السَّلبِ والثانيةُ على الوُجُوب وجَزَأَ الشِّعْرَ
جَزْءاً وجَزَّأَه فيهما حذَف منه جُزْأَينِ أَو بَقَّاه على جُزْأَين
التهذيب والمَجْزُوء مِن الشِّعر إِذا ذهب فعل كل واحد من فَواصِله كقوله
يَظُنُّ الناسُ بالمَلِكَيْ ... نِ أَنَّهما قدِ التأَما
فانْ تَسْمَعْ بلأْمِهِما ... فإِنَّ الأَمْر قد فَقَما
ومنه قوله
أَصْبَحَ قَلْبي صَرِدا ... لايَشْتَهي أَنْ يَرِدا
ذهب منه الجُزء الثالث من عَجُزه والجَزْءُ الاستِغناء بالشيء عن الشيء وكأَنَّه الاستغناء بالأَقَلّ عن الأَكثر فهو راجع إِلى معنى الجُزْء ابن الاعرابي يُجْزِئُ قليل من كثير ويُجْزِئُ هذا من هذا أَي كلُّ واحد منهما يَقومُ مقَام صاحِبه وجَزَأَ بالشيء وتَجَزَّأَ قَنِعَ واكْتَفَى به وأَجْزأَهُ الشيءُ كفَاه وأَنشد
لقد آلَيْتُ أَغْدِرُ في جَداعِ ... وإِنْ مُنِّيتُ أُمّاتِ الرِّباعِ
بأَنَّ الغَدْرَ في الأَقْوام عارٌ ... وأَنَّ المَرْءَ يَجْزَأُ بالكُراعِ
أَي يَكْتَفِي به ومنه قولُ الناس اجْتَزَأْتُ بكذا وكذا وتَجَزَّأْتُ به بمعنَى اكْتَفَيْت وأَجْزَأْتُ بهذا المعنى وفي الحديث ليس شيء يُجْزِئُ من الطَّعامِ والشَّرابِ إِلا اللبَنَ أَي ليس يكفي وجَزِئَتِ الإِبلُ إِذا اكتفت بالرُّطْبِ عن الماء وجزَأَتْ تَجْزأُ جَزْءاً وجُزْءاً بالضم وجُزُوءاً أَي اكْتَفَت والاسم الجُزْء وأَجْزَأَها هو وجَزَّأَها تَجْزئةً وأَجزأَ القومُ جَزِئَتْ إِبلُهم وظَبْيَةٌ جازِئةٌ اسْتَغْنَتْ بالرُّطْب عن الماء والجَوازِئُ الوحْشُ لتجَزُّئها بالرُّطْب عن الماء وقول الشمّاخ بن ضِرار واسمه مَعْقِلٌ وكنيته أَبو سَعِيد
إِذا الأَرْطَى تَوسَّدَ أَبْرَدَيْهِ ... خُدُودُ جَوازئٍ بالرَّمْلِ عِينِ
لا يعني به الظِّباء كما ذهب اليه ابن قتيبة لأَن الظباء لا تَجْزأُ بالكَلإِ عن الماء وانما عنى البَقَر ويُقَوّي ذلك أَنه قال عِين والعِينُ من صِفات البَقَر لا من صِفاتِ الظِّباء والأَرطى مقصور شجر يُدبغ به وتَوَسَّدَ أَبرديه أَي اتخذ الأَرطى فيهما كالوِسادة والأَبْردان الظل والفَيءُ سميا بذلك لبردهما والأَبْردانِ أَيضاً الغَداة والعشي وانتصاب أَبرديه على الظرف والأَرطى مفعول مقدم بتوسدَ أَي توسد خُدودُ البقر الأَرْطى في أَبرديه والجوازئ البقر والظباء التي جَزَأَت بالرُّطْب عن الماء والعِينُ جمع عَيناء وهي الواسعة العين وقول ثعلب بن عبيد
جَوازِئ لم تَنْزِعْ لِصَوْبِ غَمامةٍ ... ورُوّادُها في الأَرض دائمةُ الرَّكْض
قال انما عنى بالجَوازِئِ النخلَ يعني أَنها قد استغنت عن السَّقْيِ فاسْتَبْعَلَت وطعامٌ لا جَزْءَ له أَي لا يُتَجَزَّأُ بقليلهِ وأَجْزَأَ عنه مَجْزَأَه ومَجْزَأَتَه ومُجْزَأَهُ ومُجْزَأَتَه أَغْنى عنه مَغْناه وقال ثعلب البقرةُ تُجْزِئُ عن سبعة [ ص 47 ] وتَجْزِي فَمَنْ هَمَزَ فمعناه تُغْني ومن لم يَهْمِزْ فهو من الجَزاء وأَجْزَأَتْ عنكَ شاةٌ لغة في جَزَتْ أَي قضَتْ وفي حديث الأُضْحِيَة ولن تُجْزِئ عن أَحدٍ بَعْدَكَ أَي لنْ تَكْفِي مَن أَجْزَأَني الشيءُ أَي كفاني ورجل له جَزْءٌ أَي غَنَاء قال
إِني لأَرْجُو مِنْ شَبِيبٍ بِرَّا ... والجَزْءَ إِنْ أَخْدَرْتُ يَوْماً قَرَّا
أَي أَن يُجْزِئَ عني ويقوم بأَمْري وما عندَه جُزْأَةُ ذلك أَي قَوامُه ويقال ما لفلانٍ جَزْءٌ وما له إِجْزاءٌ أَي ما له كِفايةٌ وفي حديث سَهْل ما أَجْزَأَ مِنَّا اليومَ أَحَدٌ كما أَجْزَأَ فلانٌ أَي فَعَلَ فِعْلاً ظَهَرَ أَثرُه وقامَ فيه مقاماً لم يقُمْه غيرهُ ولا كَفَى فيه كِفايَتَه والجَزأَة أَصْل مَغْرِزِ الذّنَب وخصَّ به بعضُهم أَصل ذنب البعير من مَغْرِزِه والجُزْأَةُ بالضمِّ نصابُ السِّكِّين والإِشْفى والمِخْصَفِ المِيثَرةِ وهي الحَدِيدةُ التي يُؤْثَرُ بها أَسْفَلُ خُفِّ البعير وقد أَجْزَأَها وجَزَّأَها وأَنْصَبها جعل لها نِصاباً وجُزْأَةً وهما عَجُزُ السِّكِّين قال أَبو زيد الجُزْأَةُ لا تكون للسيف ولا للخَنْجَر ولكن للمِيثَرةِ التي يُوسَم بها أَخْفافُ الابل والسكين وهي المَقْبِضْ

الصفحة 612