كتاب لسان العرب - ط المعارف (اسم الجزء: 1)

لأَنه رأْسُ آيةٍ ولا يحسُن أَن ما بعده صفةٌ له وهو في موضع نصب ولا جِنَّ بهذا الأَمرِ أَي لا خَفاءِ قال الهذلي ولا جِنَّ بالبَغْضاءِ والنَّظَرِ الشَّزْرِ فأَما قول الهذلي أَجِنِي كلَّما ذُكِرَتْ كُلَيْبٌ أَبِيتُ كأَنني أُكْوَى بجَمْر فقيل أَراد بجِدِّي وذلك أَن لفظ ج ن إنما هو موضوع للتستُّر على ما تقدم وإنما عبر عنه بجنِّي لأَن الجِدَّ مما يُلابِسُ الفِكْرَ ويُجِنُّه القلبُ فكأَنَّ النَّفْسَ مُجِنَّةٌ له ومُنْطوية عليه وقالت امرأَة عبد الله بن مسعود له أَجَنَّك من أَصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قال أَبو عبيد قال الكسائي وغيره معناه من أَجْلِ أَنك فترَكَتْ مِنْ والعرب تفعل ذلك تدَعُ مِن مع أَجْل كما يقال فعلتُ ذلك أَجْلَك وإِجْلَك بمعنى مِن أَجْلِك قال وقولها أَجَنَّك حذفت الأَلف واللام وأُلْقِيَت فتحةُ الهمزة على الجيم كما قال الله عز وجل لكنَّا هو الله ربِّي يقال إن معناه لكنْ أَنا هو الله ربِّي فحذف الأَلف والتقى نُونانِ فجاء التشديد كما قال الشاعر أَنشده الكسائي لَهِنَّكِ مِنْ عَبْسِيّة لَوَسيمةٌ على هَنَواتٍ كاذِبٍ مَنْ يَقُولُها أَراد لله إنَّك فحذف إحدى اللامَينِ من لله وحذَفَ الأَلف من إنَّك كذلك حُذِفَتْ اللامُ من أَجل والهمزةُ من إنَّ أَبو عبيد في قول عدي ابن زيد أَجْلَ أَنَّ اللهَ قد فَضَّلَكم فوقَ مَن أَحْكى بصُلْبٍ وإزار الأَزهري قال ويقال إجْل وهو أَحبُّ إلي أَراد من أجّل ويروى فوق مَن أَحكأَ صلباً بإزار أَراد بالصلْب الحَسَبَ وبالإزارِ العِفَّةَ وقيل في قولهم أَجِنَّك كذا أَي من أَجلِ أَنك فحذفوا الأَلف واللام اختصاراً ونقلوا كسرة اللام إلى الجيم قال الشاعر أَجِنَّكِ عنْدي أَحْسَنُ الناسِ كلِّهم وأَنكِ ذاتُ الخالِ والحِبَراتِ وجِنُّ الشَّبابِ أَوَّلُه وقيل جِدَّتُه ونشاطُه ويقال كان ذلك في جِنِّ صِباه أَي في حَدَاثَتِه وكذلك جِنُّ كلِّ شيء أَوَّلُ شِدّاته وجنُّ المرَحِ كذلك فأَما قوله لا يَنْفُخُ التَّقْريبُ منه الأَبْهَرا إذا عَرَتْه جِنُّه وأَبْطَرا قد يجوز أَن يكون جُنونَ مَرَحِه وقد يكونُ الجِنُّ هنا هذا النوع المُسْتَتِر عن العَين أَي كأَنَّ الجِنَّ تَسْتَحِثُّه ويُقوِّيه قولُه عَرَتْه لأَن جنَّ المرَح لا يؤَنَّث إنما هو كجُنونه وتقول افْعَلْ ذلك الأَمرَ بجِنِّ ذلك وحِدْثانِه وجِدِّه بجِنِّه أَي بحِدْثانِه قال المتنخل الهذلي كالسُّحُل البيضِ جَلا لَوْنَها سَحُّ نِجاءِ الحَمَلِ الأَسْوَلِ أَرْوَى بجِنِّ العَهْدِ سَلْمَى ولا يُنْصِبْكَ عَهْدُ المَلِقِ الحُوَّلِ يريد الغيثَ الذي ذكره قبل هذا البيت يقول سقى هذا الغيثُ سَلْمى بحِدْثانِ نُزولِه من السحاب قَبْل تغيُّره ثم نهى نفسَه أَن يُنْصِبَه حُبُّ من هو مَلِقٌ يقول من كان مَلِقاً ذا تَحوُّلٍ فَصَرَمَكَ فلا ينْصِبْكَ صَرْمُه ويقال خُذ الأَمرَ بجِنِّه واتَّقِ الناقةَ فإِنها بجِنِّ ضِراسِها أَي بحِدْثانِ نتاجِها وجِنُّ النَّبْتِ زَهْرُه ونَوْرُه وقد تجنَّنَتْ الأَرضُ وجُنَّتْ جُنوناً قال كُوم تَظاهرَ نِيُّها لمّا رَعَتْ رَوْضاً بِعَيْهَمَ والحِمَى مَجْنوناً وقيل جُنَّ النَّبْتُ جُنوناً غلُظ واكْتَهل وقال أَبو حنيفة نخلة مَجْنونة إذا طالت وأَنشد يا رَبِّ أَرْسِلْ خارِفَ المَساكِينْ عَجاجةً ساطِعَةَ العَثانِينْ تَنْفُضُ ما في السُّحُقِ المَجانِينْ قال ابن بري يعني بخارفِ المساكين الريحَ الشديدةَ التي تنفُض لهم التَّمْرَ من رؤُوس النخل ومثله قول الآخر أَنا بارِحُ الجَوْزاءِ ما لَك لا تَرى عِيالَكَ قد أَمْسَوا مَرامِيلَ جُوَّعاً ؟ الفراء جُنَّت الأَرض إذا قاءتْ بشيء مُعْجِبٍ وقال الهذلي أَلَمَّا يَسْلم الجِيرانُ منهم وقد جُنَّ العِضاهُ من العَميم ومرَرْتُ على أَرضِ هادِرة مُتَجَنِّنة وهي التي تُهال من عشبها وقد ذهب عُشْبها كلَّ مذهب ويقال جُنَّت الأَرضُ جُنوناً إذا اعْتَمَّ نبتها قال ابن أَحمر تَفَقَّأَ فوقَه القَلَعُ السَّواري وجُنَّ الخازِبازِ به جُنونا جُنونُه كثرةُ تَرَنُّمه في طَيَرانِه وقال بعضهم الخازِ بازِ نَبْتٌ وقيل هو ذُبابٌ وجنون الذُّباب كثرةُ تَرَنُّمِه وجُنَّ الذُّبابُ أَي كثُرَ صوته وجُنونُ النَّبْت التفافُه قال أَبو النجم وطالَ جَنُّ السَّنامِ الأَمْيَلِ أَراد تُمُوكَ السَّنامِ وطولَه وجُنَّ النبتُ جُنوناً أَي طالَ والْتَفَّ وخرج زهره وقوله وجُنَّ الخازِ بازِ به جُنونا يحتمل هذين الوجهين أَبو خيرة أَرضٌ مجنونةٌ مُعْشِبة لم يَرْعَها أَحدٌ وفي التهذيب شمر عن ابن الأَعرابي يقال للنخل المرتفع طولاً مجنونٌ وللنبتِ الملتَفّ الكثيف الذي قد تأَزَّرَ بعضُه في بعض مجنونٌ والجَنَّةُ البُسْتانُ ومنه الجَنّات والعربُ تسمِّي النخيلَ جَنَّةً قال زهير كأَنَّ عينيَّ في غَرْبَيْ مُقَتَّلةٍ من النَّواضِح تَسْقي جَنَّةً سُحُقاً والجَنَّةُ الحَديقةُ ذات الشجر والنخل وجمعها جِنان وفيها تخصيص ويقال للنخل وغيرها وقال أَبو علي في التذكرة لا تكون الجَنَّة في كلام العرب إلا وفيها نخلٌ وعنبٌ فإن لم يكن فيها ذلك وكانت ذات شجر فهي حديقة وليست بجَنَّةٍ وقد ورد ذكرُ الجَنَّة في القرآن العزيز والحديث الكريم في غير موضع والجَنَّةُ هي دارُ النعيم في الدار الآخرة

الصفحة 705