كتاب لسان العرب - ط المعارف (اسم الجزء: 1)

من الاجْتنان وهو السَّتْر لتَكاثُفِ أَشْجارِها وتظليلها بالتِفافِ أَغصانِها قال وسميت بالجَنَّة وهي المرَّة الواحدة من مَصْدر جَنَّة جَنّاً إذا ستَرَه فكأَنها ستْرةٌ واحدةٌ لشدَّةِ التِفافِها وإظْلالِها وقوله أَنشده ابن الأَعرابي وزعمَ أَنه للبيد دَرَى باليَسَارَى جَنَّةً عَبْقَرِيَّةً مُسَطَّعةَ الأَعْناق بُلْقَ القَوادِم قال يعني بالجَنَّة إبلاً كالبُسْتان ومُسطَّعة من السِّطاع وهي سِمةٌ في العنق وقد تقدم قال ابن سيده وعندي أَنه جِنَّة بالكسر لأَنه قد وصف بعبقرية أَي إبلاً مثل الجِنة في حِدَّتها ونفارها على أَنه لا يبعد الأَول وإن وصفها بالعبقرية لأَنه لما جعلها جَنَّة اسْتَجازَ أَن يَصِفَها بالعبقريّة قال وقد يجوز أَن يعني به ما أَخرج الربيعُ من أَلوانِها وأَوبارها وجميل شارَتِها وقد قيل كلُّ جَيِّدٍ عَبْقَرِيٌّ فإذا كان ذلك فجائز أَن يوصَف به الجِنَّة وأَن يوصف به الجَنَّة والجِنِّيَّة ثياب معروفة
( * قوله « والجنية ثياب معروفة » كذا في التهذيب وقوله « والجنية مطرف إلخ » كذا في المحكم بهذا الضبط فيهما وفي القاموس والجنينة مطرف كالطيلسان اه أي لسفينة كما في شرح القاموس ) والجِنِّيّةُ مِطْرَفٌ مُدَوَّرٌ على خِلْقة الطَّيْلَسان تَلْبَسُها النساء ومَجَنَّةُ موضعٌ قال في الصحاح المَجَنَّةُ اسمُ موضع على أَميال من مكة وكان بِلالٌ يتمثَّل بقول الشاعر أَلا ليْتَ شِعْري هل أَبِيتَنَّ ليلةً بمكةَ حَوْلي إذْ خِرٌ وجَليلُ ؟ وهل أَرِدَنْ يوماً مِياهَ مَجَنَّةٍ ؟ وهل يَبْدُوَنْ لي شامةٌ وطَفيلُ ؟ وكذلك مِجَنَّة وقال أَبو ذؤَيب فوافَى بها عُسْفانَ ثم أَتى بها مِجَنَّة تَصْفُو في القِلال ولا تَغْلي قال ابن جني يحتمل مَجَنَّةُ وَزْنَين أَحدهما أَن يكون مَفْعَلة من الجُنون كأَنها سميت بذلك لشيء يتصل بالجِنِّ أَو بالجِنَّة أَعني البُسْتان أَو ما هذا سَبيلُه والآخر أَن يكون فَعَلَّةً من مَجَنَ يَمْجُن كأَنها سمِّيت بذلك لأَن ضَرْباً من المُجون كان بها هذا ما توجبُه صنعةُ عِلْمِ العرب قال فأَما لأَيِّ الأَمرَينِ وقعت التسمية فذلك أَمرٌ طريقه الخبر وكذلك الجُنَيْنة قال مما يَضُمُّ إلى عِمْرانَ حاطِبُه من الجُنَيْنَةِ جَزْلاً غيرَ مَوْزون وقال ابن عباس رضي الله عنه كانت مَجَنَّةٌ وذو المَجاز وعُكاظ أَسواقاً في الجاهليَّة والاسْتِجْنانُ الاسْتِطْراب والجَناجِنُ عِظامُ الصدر وقيل رؤُوسُ الأَضْلاع يكون ذلك للناس وغيرهم قال الأَسَْقَرُ الجُعْفِيّ لكن قَعِيدةَ بَيْتِنا مَجْفُوَّةٌ بادٍ جَناجِنُ صَدْرِها ولها غِنا وقال الأعشى أَثَّرَتْ في جَناجِنٍ كإِران ال مَيْت عُولِينَ فوقَ عُوجٍ رِسالِ واحدها جِنْجِنٌ وجَنْجَنٌ وحكاه الفارسي بالهاء وغير الهاء جِنْجِن وجِنْجِنة قال الجوهري وقد يفتح قال رؤبة ومن عَجارِيهنَّ كلُّ جِنْجِن وقيل واحدها جُنْجون وقيل الجَناجِنُ أَطرافُ الأَضلاع مما يلي قَصَّ الصَّدْرِ وعَظْمَ الصُّلْب والمَنْجَنُونُ الدُّولابُ التي يُسْتَقى عليها نذكره في منجن فإِن الجوهري ذكره هنا وردَّه عليه ابنُ الأَعرابي وقال حقُّه أَن يذكر في منجن لأَنه رباعي وسنذكره هناك
( جنه ) الجُنَهِيُّ الخَيزُرانُ حكاه أَبو العباس عن ابن الأَعرابي وأَنشد للحزين الليثي ويقال هو للفرزدق يمدح عليّ بن الحسين زَيَّنَ العابدين في كَفِّه جُنَهِيٌّ رِيحُه عَبِقٌ من كَفِّ أَرْوَعَ في عِرْنِينِه شَمَمُ ويروى في كفه خَيْزُرانٌ قال وهو العَسَطوسُ أَيضاً
( جني ) : جَنَى الذنْبَ عليه جِنايةً : جَرَّه قال أَبو حَيَّةَ النُّميري : وإِنَّ دَماً لو تَعْلَمِينَ جَنَيْتُه على الحَيِّ جانِي مِثْلِه غَيْرُ سالمورجل جانٍ من قوم جُنَاة و جُنَّاء الأَخيرة عن سيبويه فأَما قولهم في المثل : أَبناؤها أَجْناؤُها فزعم أَبو عبيد أَن أَبْناءً جمع بانٍ و أَجْناءً جمع جانٍ كشاهد وأَشهاد وصاحب وأَصحاب . قال ابن سيده : وأُراهم لم يُكَسِّروا بانياً على أَبناء ولا جانياً على أَجناء إِلا في هذا المثل المعنى أَن الذي جَنَى وهَدَم هذه الدار هو الذي كان بناها بغير تدبير فاحتاج إِلى نقض ما عمل وإِفساده قال الجوهري : وأَنا أَظن أَن أَصل المثل جُناتُها بُناتُها لأَن فاعلاً لا يجمع على أَفعال وأَما الأَشهاد والأَصحاب فإِنما هما جمع شَهْدٍ وصَحْب إِلا أَن يكون هذا من النوادر لأَنه يجيء في الأَمثال ما لا يجيء في غيرها قال ابن بري : ليس المثلُ كما ظنّهالجوهري من قوله جُناتها بُناتُها بل المثل كما نَقَل لا خلاف بين أَحد من أَهل اللغة فيه قال : وقوله أَن أَشهاداً وأَصحاباً جمع شهد وصحب سهو منه لأَن فَعْلاً لا يجمع على أَفعال إِلا شاذاً قال : ومذهب البصريين أَن أَشهاداً وأَصحاباً وأَطياراً جمع شاهد وصاحب وطائر فإِن قيل : فإِن فَعْلاً إِذا كانت عينه واواً أَو ياء جاز جمعه على أَفعال نحو شيخ وأَشياخ وحَوْض وأَحواض فهلا كان أَطيار جمعاً لطير فالجواب في ذلك أَن طيراً للكثير وأَطياراً للقليل أَلا تراك تقول ثلاثة أَطيار ولو كان أَطيار في هذا جمعاً لطَيْر الذي هو جمع لكان المعنى ثلاثة جُموع من الطير ولم يُرَد ذلك قال :

الصفحة 706