كتاب لسان العرب - ط المعارف (اسم الجزء: 1)

يكون في رَمْلٍ ولا جَبَلٍ إِنما يكون في أَجلاد الأَرض ورِحابِها سمي جَوْبةً لانْجِيابِ الشجر عنها والجمع جَوْباتٌ وجُوَبٌ نادر والجَوْبةُ موضع يَنْجابُ في الحَرَّة والجمع جُوَبٌ التهذيب الجَوْبةُ شِبْهُ رَهْوة تكون بين ظَهْرانَيْ دُورِ القَوْمِ يَسِيلُ منها ماءُ المطَر وكل مُنْفَتِقٍ يَتَّسِعُ فهو جَوْبةٌ وفي حديث الاسْتِسْقاء حتى صارت المَدينةُ مِثلَ الجَوْبةِ قال هي الحُفْرةُ المُسْتَديرةُ الواسِعةُ وكلُّ مُنْفَتِقٍ بلا [ ص 287 ] بِناءٍ جَوْبةٌ أَي حتى صار الغَيْمُ والسَّحابُ مُحِيطاً بآفاق المدينةِ والجَوْبةُ الفُرْجةُ في السَّحابِ وفي الجبال وانْجابَتِ السَّحابةُ انْكَشَفَتْ وقول العَجَّاج
حتى إِذا ضَوْءُ القُمَيْرِ جَوَّبا ... لَيْلاً كأَثْناءِ السُّدُوسِ غَيْهَبا
قال جَوَّبَ أَي نَوَّرَ وكَشَفَ وجَلَّى وفي الحديث فانْجابَ السَّحابُ عن المدينةِ حتى صار كالإِكْلِيل أَي انْجَمَعَ وتَقَبَّضَ بعضُه إِلى بعض وانْكَشَفَ عنها والجَوْبُ كالبَقِيرة وقيل الجَوْبُ الدِّرْعُ تَلْبَسُه المرأَةُ والجَوْبُ الدَّلْو الضَّخْمةُ عن كراع والجَوْبُ التُّرْسُ والجمع أَجْوابٌ وهو المِجْوَبُ قال لبيد
فأَجازَني منه بِطِرْسٍ ناطِقٍ ... وبكلِّ أَطْلَسَ جَوْبُه في المَنْكِبِ
يعني بكل حَبَشِيٍّ جَوْبهُ في مَنْكِبَيْه وفي حديث غَزْوة أُحُدٍ وأَبو طلحةَ مُجَوِّبٌ على النبي صلى اللّه عليه وسلم بحَجَفَةٍ أَي مُتَرِّسٌ عليه يَقِيه بها ويقال للتُّرْسِ أَيضاً جَوبةٌ والجَوْبُ الكانُونُ قال أَبو نخلةَ كالجَوْبِ أَذْكَى جَمرَه الصَّنَوْبَرُ
وجابانُ اسمُ رجل أَلفُه منقلبة عن واو كأَنه جَوَبانُ فقلبت الواو قلباً لغير علة وإِنما قيل فيه إِنه فَعَلانُ ولم يقل إِنه فاعال من ج ب ن لقول الشاعر
عَشَّيْتُ جابانَ حتى اسْتَدَّ مَغْرِضُه ... وكادَ يَهْلِكُ لولا أَنه اطَّافا
قُولا لجَابانَ فلْيَلْحَقْ بِطِيَّتِه ... نَوْمُ الضُّحَى بَعْدَ نَوْمِ الليلِ إِسْرافُ ( 1 )
( 1 قوله « إسراف » هو بالرفع في بعض نسخ المحكم وبالنصب كسابقه في بعضه أيضاً وعليها فلا اقواء )
فَتَركَ صَرْفَ جابانَ فدلَّ ذلك على أَنه فَعَلانُ ويقال فلان فيه
جَوْبانِ من خُلُقٍ أَي ضَرْبان لا يَثْبُتُ على خُلُقٍ واحدٍ قال ذو الرمة جَوْبَيْنِ مِن هَماهِمِ الأَغْوالِ أَي تَسْمَعُ ضَرْبَيْنِ من أَصوات الغِيلانِ وفي صفةِ نَهَرِ الجنة حافَتاه الياقوتُ المُجَيَّبُ وجاءَ في مَعالِم السُّنَن المُجَيَّبُ أَو المُجَوَّبُ بالباءِ فيهما على الشك وأَصله من جُبْتُ الشيءَ إِذا قَطَعْتَه وسنذكره أَيضاً في جيب والجابَتانِ موضِعانِ قال أَبو صَخْرٍ الهُذلي
لمَن الدِّيارُ تَلُوحُ كالوَشْمِ ... بالجَابَتَيْنِ فَرَوْضةِ الحَزْمِ
وتَجُوبُ قَبيلةٌ من حِمْيَر حُلَفاءُ لمُرادٍ منهم ابن مُلْجَمٍ لَعَنَهُ اللّه قال الكميت
أَلا إِنَّ خَيْرَ الناسِ بَعْدَ ثلاثةٍ ... قَتِيلُ التَّجُوِبيِّ الذي جاءَ مِنْ مِصْرِ
هذا قول الجوهري قال ابن بري البيت للوَليد بن عُقْبة وليس للكميت كما ذكر وصواب إِنشاده قَتِيلُ التُّجِيبِيِّ الذي جاءَ من مصرِ [ ص 288 ] وإِنما غَلَّطه في ذلك أَنه ظَنَّ أَن الثلاثة أَبو بكر وعمرُ وعثمانُ رضوانُ اللّه عليهم فظَنَّ أَنه في عليّ رضي اللّه عنه فقال التَّجُوبِيّ بالواو وإِنما الثلاثة سيِّدُنا رسولُ اللّه صلى اللّه عليه وسلم وأَبو بكر وعمر رضي اللّه عنهما لأَن الوليد رَثَى بهذا الشِّعْر عثمانَ بن عفان رضي اللّه عنه وقاتِلُه كِنانةُ بن بِشر التُّجِيبيّ وأَما قاتل عليّ رضي اللّه عنه فهو التَّجُوبِيُّ ورأَيت في حاشيةٍ ما مِثالُه أَنشد أَبو عبيد البَكْرِيّ رحمه اللّه في كتابه فَصْلِ المقال في شرح كتاب الأَمثال هذا البيت الذي هو أَلا إِنَّ خير الناس بعد ثلاثة لِنائلةَ بنتِ الفُرافِصةِ بن الأَحْوَصِ الكَلْبِيَّةِ زَوْجِ عثمان رضي اللّه عنه تَرثِيه وبعده
وما لِيَ لا أَبْكِي وتَبْكِي قَرابَتي ... وقد حُجِبَتْ عنا فُضُولُ أَبي عَمْرِو
( جوت ) جَوْتَ جَوْتَ دُعاءُ الإِبل إِلى الماءِ فإِذا أَدخلوا عليه الأَلف واللام تركوه على حاله قبل دخولهما قال الشاعر أَنشده الكسائي دَعاهُنَّ رِدْفِي فارْعَوَيْنَ لِصَوْتِه كما رُعْتَ بالجَوْتَ الظِّماءَ الصَّوادِيا نصبه مع الأَلف واللام على الحكاية والرِّدْفُ الصاحبُ والتابعُ وكلُّ شيء تبع شيئاً فهو رِدْفُه وكان أَبو عمرو يكسر التاء من قوله بالجَوْتِ ويقول إِذا أُدخلت عليه الأَلف واللام ذَهَبَتْ منه الحكايةُ والأَوَّل قول الفراء والكسائي وكان أَبو الهيثم يُنْكِر النصب ويقول إِذا دخل عليه الأَلف واللام أُعرب وينشده كما رُعْتَ بالجَوْتِ وقال أَبو عبيد قال الكسائي أَراد به الحكاية مع اللام قال أَبو الحسن والصحيح أَن اللام هنا زائدة كزيادتها في قوله ولقد نَهَيْتُكَ عن بَناتِ الأَوْبَرِ فبقيت على بنائها ورواه يعقوب كما رُعْتَ بالجَوْت والقول فيها كالقول في الجَوْتِ وقد جاوَتَها والاسم منه الجُواتُ قال الشاعر جاوَتَها فهاجَها جُواتُه وقال بعضهم جايَتَها فهاجَها جُواتُه وهذا إِنما هو على المُعاقَبة أَصلها جاوَتَها لأَنه فاعَلَها مِن جَوْتِ جَوْتِ وطَلَبَ الخِفَّةَ فَقَلبَ الواو ياء أَلا تراه رَجَع في قوله فهاجَها جُواتُه إِلى الأَصل الذي هو الواو وقد يكون شاذّاً نادراً

الصفحة 718