كتاب لسان العرب - ط المعارف (اسم الجزء: 2)

الجوهري يعني بالمُقَرَّنةِ الجِبالَ التي يَدْنُو بَعضُها من بَعْضٍ قال ابن بري المُقَرّنةُ إِكامٌ صِغارٌ مُقْتَرنةٌ ودَلَجِي فاعِل بِفِعْل ذَكَره قبل البيت وهو
وبِجانِبَيْ نَعْمانَ قُلْ ... تُ أَلَنْ يُبَلِّغَنِي مآرِبْ
ودَلَجِي فاعلُ يُبَلِّغَني قال السكري الحبَاحِبُ السَّريعةُ الخَفِيفةُ قال يصف جبالاً كأَنها قُرِنَت لِتقارُبِها ونارُ الحُباحِب ما اقْتَدَحَ من شَرَرِ النارِ في الهَواءِ مِن تَصادُمِ الحِجارة وحَبْحَبَتُها اتّقادُها وقيل الحُباحِبُ ذُباب يَطِيرُ بالليل كأَنه نارٌ له شُعاع كالسِّراجِ قال النابغة يصف السُّيُوفَ
تَقُدُّ السَّلُوقِيَّ المُضاعَفَ نَسْجُه ... وتُوقِدُ بالصُّفّاحِ نارَ الحُبَاحِبِ
وفي الصحاح ويُوقِدْنَ بالصُّفَّاح والسَّلُوقِيُّ الدِّرْعُ المَنْسوبةُ إِلى سَلُوقَ قرية باليمن والصُّفَّاح الحَجَر العَريضُ وقال أَبو حنيفة نارُ حُباحِبٍ ونار أَبي حُباحِبٍ الشَّررُ الذي يَسْقُط مِن الزِّناد قال النابغة
أَلا إِنَّما نِيرانُ قَيْسٍ إِذا شَتَوْا ... لِطارِقِ لَيْلٍ مِثْلُ نارِ الحُباحِبِ
قال الجوهري وربما قالوا نارُ أَبي حُباحِبٍ وهو ذُبابٌ يَطِيرُ بالليل كأَنه نارٌ قال الكُمَيْتُ ووصف السيوف
يَرَى الرَّاؤُونَ بالشَّفَراتِ مِنْها ... كنارِ أَبي حُباحِبَ والظُّبِينا
وإِنما تَرَكَ الكُمَيْتُ صَرْفَه لأَنه جَعَلَ حُباحِبَ اسماً لمؤَنث قال أَبو حنيفة لا يُعْرَفُ حُباحِبٌ ولا أَبو حُباحِبٍ ولم نَسْمَع فيه عن العَرب شيئاً قال ويَزْعُمُ قَوم أَنه اليَراعُ واليراعُ فَراشةٌ إِذا طارَتْ في الليل لم يَشُكَّ مَن لم يَعْرِفْها أَنَّها شَرَرةٌ طارتْ عن نارٍ أَبو طالب يحكى عن الأَعراب أَنَّ الحُباحِبَ طائر أَطْوَلُ مِن الذُّباب في دِقَّةٍ يطير فيما بين المغرب والعشاء كأَنه شَرارةٌ قال الأَزهري وهذا معروف وقوله
يَذْرِينَ جَنْدلَ حائرٍ لِجُنُوبِها ... فكَأَنَّها تُذْكِي سَنابِكُها الحُبَا
إِنما أَراد الحُباحبَ أَي نارَ الحُباحِبِ يقول تُصِيبُ بالحَصى في جَرْيِها جُنُوبَها الفرَّاءُ يقال للخيل إِذا أَوْرَتِ النارَ بِحَوافِرها هي نارُ الحُباحِبِ وقيل كان أَبُو حُباحِبٍ مِن مُحارِبِ خَصَفَةَ وكان بَخِيلاً فكان لا يُوقِدُ نارَه إِلاَّ بالحَطَب الشَّخْتِ لئلا تُرَى وقيل اسمه حُباحِبٌ فضُرِبَ بِنارِه المَثَلُ لأَنه كان لا يُوقِدُ إِلا ناراً ضَعِيفةً مَخَافةَ الضِّيفانِ فقالوا نارُ الحُباحِبِ لِما تَقْدَحُه الخَيْلُ بحَوافِرها واشْتَقَّ ابن الأَعرابي نارَ الحُباحِبِ مِن الحَبْحَبة التي هي الضَّعْفُ ورُبَّما جَعَلُوا الحُباحِبَ اسماً لتلك النَّارِ قال الكُسَعِي
ما بالُ سَهْمي يُوقِدُ الحُباحِبا ؟ ... قدْ كُنْتُ أَرْجُو أَن يكونَ صائبا
[ ص 298 ] وقال الكلبي كان الحُباحِبُ رَجُلاً من أَحْياءِ العرب وكان مِن أَبْخَلِ الناس فبَخِلَ حتى بلَغَ به البُخْلُ أَنه كان لا يُوقِدُ ناراً بِلَيْلٍ إِلاَّ ضَعِيفةً فإِذا انْتَبَه مُنْتَبِهٌ ليَقْتَبِسَ منها أَطْفأَها فكذلك ما أوْرَتِ الخيل لا يُنْتَفَعُ به كما لا يُنتَفَعُ بنار الحُباحِبِ وأُمُّ حُباحِبٍ دُوَيْبَّةٌ مثل الجُنْدَب تَطِير صَفْراءُ خَضْراءُ رَقْطاءُ بِرَقَطِ صُفْرة وخُضْرة ويقولون إِذا رأَوْها أَخْرِجِي بُرْدَيْ أَبي حُباحِبٍ فتَنْشُر جَناحَيْها وهما مُزَيَّنانِ بأَحمر وأَصفر وحَبْحَبٌ اسم موضع قال النابغة
فَسافانِ فالحُرَّانِ فالصِّنْعُ فالرَّجا ... فجَنْبا حِمًى فالخانِقانِ فَحَبْحَبُ
وحُباحِبٌ اسم رجل قال
لَقَدْ أَهْدَتْ حُبابةُ بِنْتُ جَلٍّ ... لأِهْلِ حُباحِبٍ حَبْلاً طَوِيلا
اللحياني حَبْحَبْتُ بالجمَلِ حِبْحاباً وحَوَّبْتُ بِهِ تحْوِيباً إِذا قلت له حَوْبِ حَوْبِ وهو زَجْرٌ
( حبذ ) ذكر الأَزهري هذه الترجمة في الحاء والذال والباء قال وأَما قولهم حَبَّذا كذا وكذا بتشديد الباء فهو حرف معنى أُلِّف من حَبَّ وذا وقال في آخر الفصل وحبذا في الحقيقة فعل واسم حَبّ بمنزلة نِعْم وذا فاعل بمنزلة الرجل وقد ذكرناه نحن في ترجمة حبب فيما تقدّم والله أَعلم
( حبر ) الحِبْرُ الذي يكتب به وموضعه المِحْبَرَةُ بالكسر
( * قوله « وموضعه المحبرة بالكسر » عبارة المصباح وفيها ثلاث لغات أجودها فتح الميم والباء والثانية ضم الباء والثالثة كسر الميم لأنها آلة مع فتح الباء )
في الجَمالِ والبَهاء وسأَل عبدالله بن سلام كعباً عن الحِبْرِ فقال هو الرجل الصالح وجمعه أَحْبَارٌ وحُبُورٌ قال كعب بن مالك لَقَدْ جُزِيَتْ بِغَدْرَتِها الحُبُورُ كذاكَ الدَّهْرُ ذو صَرْفٍ يَدُورُ وكل ما حَسُنَ من خَطٍّ أَو كلام أَو شعر أَو غير ذلك فقد حُبِرَ حَبْراً وحُبِّرَ وكان يقال لطُفَيْلٍ الغَنَوِيِّ في الجاهلية مُحَبِّرٌ لتحسينه الشِّعْرَ وهو مأْخوذ من التَّحْبِيرِ وحُسْنِ الخَطِّ والمَنْطِقِ وتحبير الخط والشِّعرِ وغيرهما تحسينه الليث حَبَّرْتُ الشِّعْر والكلامَ حَسَّنْتُه وفي حديث أَبي موسى لو علمت أَنك تسمع لقراءتي لحَبَّرْتُها لك تَحْبِيراً يريد تحسين الصوت وحَبَّرتُ الشيء تَحْبِيراً إِذا حَسَّنْتَه قال

الصفحة 748