حَرْبى والواحد حَرِبٌ شَبِيهٌ بالكَلْبى والكَلِبِ وأَنشد قول الأَعشى
وشُيوخٍ حَرْبى بَشَطَّيْ أَرِيكٍ ... ونِساءٍ كَأَنَّهُنَّ السَّعالي
قال الأَزهري ولم أَسمع الحَرْبى بمعنى الكَلْبَى إِلاَّ ههنا قال ولعله شَبَّهه بالكَلْبَى أَنه على مِثاله وبنائِه وحَرَّبْتُ عليه غيرِي أَي أَغْضَبْتُه وحَرَّبَه أَغْضَبَه قال أَبو ذؤَيب
كأَنَّ مُحَرَّباً مِن أُسْدِ تَرْجٍ ... يُنازِلُهُم لِنابَيْهِ قَبِيبُ
وأَسَدٌ حَرِبٌ وفي حديث علي عليه السلام أَنه كتَب إلى ابن عباس رضي اللّه عنهما لما رأَيتَ العَدُوَّ قد حَرِبَ أَي غَضِبَ ومنه حديث عُيَيْنَةَ ابن حِصْنٍ حتى أُدْخِلَ على نِسائه من الحَرَبِ والحُزْنِ ما أُدْخِلَ على نِسائي وفي حديث الأَعشى الحِرمازِيّ فخَلَفْتني بِنزاعٍ وَحَرَبٍ أَي بخُصومة وغَضَبٍ وفي حديث ابن الزُّبير رضي اللّه عنهما عند إِحراق أَهلِ الشامِ الكعبةَ يريد أَن يُحَرِّبَهم أَي يَزِيدَ في غَضَبِهم على ما كان من إِحراقها والتَّحْرِيبُ التَّحْرِيشُ يقال حَرَّبْتُ فلاناً [ ص 305 ] تَحْرِيباً إِذا حَرَّشْته تَحْرِيشاً بإِنْسان فأُولِعَ بِه وبعَداوَته وحَرَّبْتُه أَي أَغْضَبْتُه وحَمَلْتُه على الغَضَب وعَرَّفْتُه بما يَغْضَب منه ويروى بالجيم والهمزة وهو مذكور في موضعه والحَرَبُ كالكَلَبِ وقَوْمٌ حَرْبى كَلْبى والفِعْلُ كالفِعْلِ والعَرَبُ تقول في دُعائها على الإِنسانِ ما لَه حَرِبُ وَجَرِبَ وسِنانٌ مُحَرَّبٌ مُذَرَّبٌ إِذا كان مُحَدَّداً مُؤَلَّلاً وحَرَّبَ السَّنانَ أَحَدَّه مثل ذَرَّبَه قال الشاعر
سَيُصْبحُ في سَرْحِ الرِّبابِ وَراءَها ... إِذا فَزِعَتْ أَلفا سِنانٍ مُحَرَّبِ
والحَرَبُ الطَّلْعُ يَمانِيةٌ واحدته حَرَبَةٌ وقد أَحْرَبَ النخلُ وحَرَّبَهُ إِذا أَطْعَمَه الحَرَبَ وهو الطَّلْع وأَحْرَبَه وجده مَحْروباً الأَزهريّ الحَرَبةُ الطَّلْعَةُ إِذا كانت بِقِشْرِها ويقال لِقِشْرِها إِذا نُزع القَيْقاءة والحُرْبةُ الجُوالِقُ وقيل هي الوِعاءُ وقيل هِي الغِرارةُ وأَنشد ابن الأَعرابي
وصاحِبٍ صاحَبْتُ غَيرِ أَبْعَدا ... تَراهُ بَينَ الحُرْبَتَينِ مُسْنَدا
والمِحْرابُ صَدْرُ البَيْتِ وأَكْرَمُ مَوْضِعٍ فيه والجمع المَحارِيبُ وهو أَيضاً الغُرْفةُ قال وضَّاحُ اليَمَنِ
رَبَّةُ مِحْرابٍ إِذا جِئْتُها ... لم أَلْقَها أَو أَرْتَقي سُلَّما
وأَنشد الأَزهري قول امرئ القيس كَغِزلانِ رَمْلٍ في مَحارِيبِ أَقْوال قال والمِحْرابُ عند العامة الذي يُقِيمُه النّاس اليَوْمَ مَقام الإِمامِ في المَسْجد وقال الزجاج في قوله تعالى وهل أَتاكَ نبَأُ الخَصْمِ إِذْ تَسَوَّروا المِحْرابِ قال المِحْرابُ أَرْفَعُ بَيْتٍ في الدَّارِ وأَرْفَعُ مَكانٍ في المَسْجِد قال والمِحْرابُ ههنا كالغُرْفةِ وأَنشد بيت وضَّاحِ اليَمَنِ وفي الحديث أَنّ النبيّ صلى اللّه عليه وسلم بَعَثَ عُروة بن مَسْعودٍ رضي اللّه عنه إِلى قومِه بالطَّائِف فأَتاهم ودَخَل مِحْراباً له فأَشْرَفَ عليهم عندَ الفَجْر ثم أَذَّن للصَّلاةِ قال وهذا يدل على أَنه غُرْفةٌ يُرْتَقَى إِليها والمَحارِيب صُدُور المَجالِس ومنه سُمّي مِحْرابُ المَسْجِد ومنه مَحارِيبُ غُمْدانَ باليَمَنِ والمِحْرابُ القِبْلةُ ومِحْرابُ المَسْجِد أَيضاً صَدْرُه وأَشْرَفُ موضع فيه ومَحارِيبُ بني إِسرائيلَ مَسَاجِدُهم التي كانوا يَجلسون فيها وفي التهذيب التي يَجْتَمِعُون فيها للصلاة وقولُ الأَعشى
وَتَرَى مَجْلِساً يَغَصُّ به المِحْ ... رابُ مِلْقَوْمِ والثِّيابُ رِقاقُ
قال أُراهُ يعني المَجْلِسَ وقال الأَزهري أَراد مِنَ القوم وفي حديث أَنس رضي اللّه عنه أَنه كان يَكْرَه المَحارِيبَ أَي لم يكن يُحِبُّ أَن يَجْلِسَ في صَدْرِ المَجْلِس ويَترَفَّعَ على الناسِ والمَحارِيبُ جمع مِحْرابٍ وقول الشاعر في [ ص 306 ] صفة أَسد
وَما مُغِبٌّ بِثِنْيِ الحِنْوِ مُجْتَعِلٌ ... في الغِيلِ في جانِبِ العِرِّيسِ محْرابا
جعَلَه له كالمجلِسِ وقوله تعالى فخرَجَ على قومِهِ مِن المِحْرابِ قالوا من المسجِدِ والمِحْرابُ أَكْرَمُ مَجالِس المُلوكِ عن أَبي حنيفة وقال أَبو عبيدة المِحْرابُ سَيِّدُ المَجالِس ومُقَدَّمُها وأَشْرَفُها قال وكذلك هو من المساجد الأَصمعي العَرَبُ تُسَمِّي القَصْرَ مِحْراباً لشَرَفِه وأَنشد
أَو دُمْية صُوِّرَ مِحْرابُها ... أَو دُرَّة شِيفَت إِلى تاجِر
أَراد بالمِحْرابِ القَصْر وبالدُّمْيةِ الصورةَ وروى الأَصمعي عن أَبي عَمْرو بن العَلاءِ دخلتُ مِحْراباً من مَحارِيب حِمْيرَ فَنَفَحَ في وجْهِي رِيحُ المِسْكِ أَراد قَصْراً أَو ما يُشْبِههُ وقيل المِحْرابُ الموضع الذي يَنْفَرِدُ فيه المَلِكُ فيَتَباعَدُ من الناسِ قال الأَزهري وسُمِّي المِحْرابُ مِحْراباً لانْفِراد الإِمام فيه وبُعْدِه من الناس قال ومنه يقال فلان حَرْبٌ لفلان إِذا كان بينهما تَباعُدٌ واحتج بقوله
وحارَبَ مِرْفَقُها دَفَّها ... وسامَى به عُنُقٌ مِسْعَرُ
أَراد بَعُدَ مِرْفَقُها من دَفِّها وقال الفرَّاءُ في قوله عز وجل من مَحاريبَ وتَماثِيلَ ذُكِرَ أَنها صُوَرُ الأَنبياء والملائكة كانت تُصَوَّرُ في المساجد ليَراها الناسُ فيَزْدادُوا عِبادةً وقال الزجاج هي واحدةُ المِحْراب الذي يُصَلَّى