كتاب لسان العرب - ط المعارف (اسم الجزء: 2)

بلغة قُرَيْشٍ وبعضه بلغة أَهل اليمن وبعضه بلغة هوازِنَ وبعضه بلغة هُذَيْل وكذلك سائر اللغات ومعانيها في هذا كله واحد وقال غيره وليس معناه أَن يكون في الحرف الواحد سبعةُ أَوجه على أَنه قد جاء في القرآن ما قد قُرِئ بسبعة وعشرة نحو ملك يوم الدين وعبد الطاغوت ومما يبين ذلك قول ابن مسعود إني قد سمعت القراءة فوجدتهم متقاربين فاقرأُوا كما عُلِّمْتمْ إنما هو كقول أَحدكم هَلمّ وتعالَ وأَقْبِلْ قال ابن الأَثير وفيه أَقوال غير ذلك هذا أَحسنها والحَرْفُ في الأَصل الطَّرَفُ والجانِبُ وبه سمي الحَرْفُ من حروف الهِجاء وروى الأَزهري عن أَبي العباس أَنه سئل عن قوله نزل القرآن على سبعة أَحرف فقال ما هي إلا لغات قال الأَزهري فأَبو العباس النحْويّ وهو واحد عصْره قد ارتضى ما ذهب إليه أَبو عبيد واستصوَبه قال وهذه السبعة أَحرف التي معناها اللغات غير خارجة من الذي كتب في مصاحف المسلمين التي اجتمع عليها السلَف المرضيُّون والخَلَف المتبعون فمن قرأَ بحرف ولا يُخالِفُ المصحف بزيادة أَو نقصان أَو تقديم مؤخّرٍ أَو تأْخير مقدم وقد قرأَ به إمام من أَئمة القُرّاء المشتهرين في الأَمصار فقد قرأَ بحرف من الحروف السبعة التي نزل القرآن بها ومن قرأَ بحرف شاذّ يخالف المصحف وخالف في ذلك جمهور القرّاء المعروفين فهو غير مصيب وهذا مذهب أَهل العلم الذين هم القُدوة ومذهب الراسخين في علم القرآن قديماً وحديثاً وإلى هذا أَوْمأَ أَبو العباس النحوي وأَبو بكر بن الأَنباري في كتاب له أَلفه في اتباع ما في المصحف الإمام ووافقه على ذلك أَبو بكر بن مجاهد مُقْرِئ أَهل العراق وغيره من الأَثبات المتْقِنِين قال ولا يجوز عندي غير ما قالوا واللّه تعالى يوفقنا للاتباع ويجنبنا الابتداع وحَرْفا الرأْس شِقاه وحرف السفينة والجبل جانبهما والجمع أَحْرُفٌ وحُرُوفٌ وحِرَفةٌ شمر الحَرْفُ من الجبل ما نَتَأَ في جَنْبِه منه كهَيْئة الدُّكانِ الصغير أَو نحوه قال والحَرْفُ أَيضاً في أَعْلاه تَرى له حَرْفاً دقيقاً مُشفِياً على سَواء ظهره الجوهري حرْفُ كل شيء طَرفُه وشفِيرُه وحَدُّه ومنه حَرْفُ الجبل وهو أَعْلاه المُحدَّدُ وفي حديث ابن عباس أَهلُ الكتاب لا يأْتون النِّساء إلا على حَرْفٍ أَي على جانب والحَرْفُ من الإبل النَّجِيبة الماضِيةُ التي أَنْضَتها الأَسفار شبهت بحرف السيف في مضائها ونجائها ودِقَّتها وقيل هي الضّامِرةُ الصُّلْبَةُ شبهت بحرف الجبل في شِدَّتها وصَلابتها قال ذو الرمة جُمالِيَّةٌ حَرْفٌ سِنادٌ يَشُلُّها وظِيفٌ أَزَجُّ الخَطْوِ رَيّانُ سَهْوَقُ فلو كان الحَرْفُ مهزولاً لم يصفها بأَنها جُمالية سِناد ولا أَنَّ وظِيفَها رَيّانُ وهذا البيت يَنْقُضُ تفسير من قال ناقة حرف أَي مهزولة شبهت بحرف كتابة لدقّتها وهُزالها وروي عن ابن عمر أَنه قال الحرْف الناقة الضامرة وقال الأَصمعي الحرْفُ الناقة المهزولة قال الأَزهري قال أَبو العباس في تفسير قول كعب بن زهير حَرْفٌ أَخُوها أَبوها من مُهَجَّنةٍ وعَمُّها خالُها قَوْداء شِمْلِيلُ قال يصف الناقة بالحرف لأَنها ضامِرٌ وتُشَبَّهُ بالحرْف من حروف المعجم وهو الأَلف لدِقَّتِها وتشبّه بحرف الجبل إذا وصفت بالعِظَمِ وأَحْرَفْتُ ناقتي إذا هَزَلْتَها قال ابن الأَعرابي ولا يقال جملٌ حَرْف إنما تُخَصّ به الناقةُ وقال خالد بن زهير مَتَى ما تَشأْ أَحْمِلْكَ والرَّأْسُ مائِلٌ على صَعْبةٍ حَرْفٍ وشِيكٍ طُمُورُها كَنَى بالصعبةِ الحرْفِ عن الدَّاهِيةِ الشديدة وإن لم يكن هنالك مركوب وحرْفُ الشيء ناحِيَتُه وفلان على حَرْف من أَمْره أَي ناحيةٍ منه كأَنه ينتظر ويتوقَّعُ فإن رأَى من ناحية ما يُحِبُّ وإلا مال إلى غيرها وقال ابن سيده فلان على حَرْف من أَمره أَي ناحية منه إذا رأَى شيئاً لا يعجبه عدل عنه وفي التنزيل العزيز ومن الناس من يَعْبُدُ اللّه على حَرْف أَي إذا لم يرَ ما يحب انقلب على وجهه قيل هو أَن يعبده على السرَّاء دون الضرَّاء وقال الزجاج على حَرْف أَي على شَكّ قال وحقيقته أَنه يعبد اللّه على حرف أَي على طريقة في الدين لا يدخُل فيه دُخُولَ متمكّن فإن أَصابه خير اطمأَنّ به أَي إن أَصابه خِصْبٌ وكثُرَ مالُه وماشِيَتُه اطْمَأَنَّ بما أَصابه ورضِيَ بدينه وإن أَصابته فِتْنَةٌ اخْتِبارٌ بِجَدْبٍ وقِلَّة مالٍ انقلب على وجهه أَي رجع عن دينه إلى الكفر وعِبادة الأَوْثان وروى الأَزهري عن أَبي الهيثم قال أَما تسميتهم الحرْف حرْفاً فحرف كل شيء ناحيته كحرف الجبل والنهر والسيف وغيره قال الأَزهري كأَن الخير والخِصْب ناحية والضرّ والشرّ والمكروه ناحية أُخرى فهما حرفان وعلى العبد أَن يعبد خالقه على حالتي السرّاء والضرَّاء ومن عبد اللّه على السرَّاء وحدها دون أَن يعبده على الضرَّاء يَبْتَلِيه اللّه بها فقد عبده على حرف ومن عبده كيفما تَصَرَّفَتْ به الحالُ فقد عبده عبادة عَبْدٍ مُقِرّ بأَنَّ له خالقاً يُصَرِّفُه كيف يَشاء وأَنه إن امْتَحَنَه بالَّلأْواء أَو أَنْعَم عليه بالسرَّاء فهو في ذلك عادل أَو متفضل غير ظالم ولا متعدّ له الخير وبيده الخير ولا خِيرةَ للعبد عليه وقال ابن عرفة من يعبد اللّه على

الصفحة 838