رجب الأَصَمَّ والمُحَرَّمَ في الجاهلية وأَنشد شمر قول حميد بن ثَوْر رَعَيْنَ المُرارَ الجَوْنَ من كل مِذْنَبٍ شهورَ جُمادَى كُلَّها والمُحَرَّما قال وأَراد بالمُحَرَّمِ رَجَبَ وقال قاله ابن الأَعرابي وقال الآخر أَقَمْنا بها شَهْرَيْ ربيعٍ كِليهما وشَهْرَيْ جُمادَى واسْتَحَلُّوا المُحَرَّما وروى الأَزهري بإسناده عن أُم بَكْرَةَ أَن النبي صلى الله عليه وسلم خَطَبَ في صِحَّته فقال أَلا إنَّ الزمان قد استدار كهيئته يوم خلق السموات والأرض السَّنَة اثنا عشر شهراً منها أَربعة حُرُمٌ ثلاثةٌ مُتَوالِياتٌ ذو القَعْدة وذو الحِجَّة والمحَرَّمُ ورَجَبُ مُضَرَ الذي بين جُمادَى وشعبان والمُحَرَّم أَول الشهور وحَرَمَ وأَحْرَمَ دخل في الشهر الحرام قال وإذْ فَتَكَ النُّعْمانُ بالناس مُحْرِماً فَمُلِّئَ من عَوْفِ بن كعبٍ سَلاسِلُهْ فقوله مُحْرِماً ليس من إحْرام الحج ولكنه الداخل في الشهر الحَرامِ والحُرْمُ بالضم الإحْرامُ بالحج وفي حديث عائشة رضي الله عنها كنت أُطَيِّبُه صلى الله عليه وسلم لحِلِّهِ ولِحُرْمِه أَي عند إِحْرامه الأَزهري المعنى أَنها كانت تُطَيِّبُه إذا اغْتسل وأَراد الإِحْرام والإهْلالَ بما يكون به مُحْرِماً من حج أَو عمرة وكانت تُطَيِّبُه إذا حَلّ من إحْرامه الحُرْمُ بضم الحاء وسكون الراء الإحْرامُ بالحج وبالكسر الرجل المُحْرِمُ يقال أَنتَ حِلّ وأَنت حِرْمٌ والإِحْرامُ مصدر أَحْرَمَ الرجلُ يُحْرِمُ إحْراماً إذا أَهَلَّ بالحج أَو العمرة وباشَرَ أَسبابهما وشروطهما من خَلْع المَخِيط وأَن يجتنب الأشياء التي منعه الشرع منها كالطيب والنكاح والصيد وغير ذلك والأَصل فيه المَنْع فكأنَّ المُحْرِم ممتنع من هذه الأَشياء ومنه حديث الصلاة تَحْرِيمُها التكبير كأن المصلي بالتكبير والدخول في الصلاة صار ممنوعاً من الكلام والأَفعال الخارجة عن كلام الصلاة وأَفعالِها فقيل للتكبير تَحْرِيمٌ لمنعه المصلي من ذلك وإنما سميت تكبيرَة الإحْرام أَي الإِحرام بالصلاة والحُرْمَةُ ما لا يَحِلُّ لك انتهاكه وكذلك المَحْرَمَةُ والمَحْرُمَةُ بفتح الراء وضمها يقال إن لي مَحْرُماتٍ فلا تَهْتِكْها واحدتها مَحْرَمَةٌ ومَحْرُمَةٌ يريد أن له حُرُماتٍ والمَحارِمُ ما لا يحل إستحلاله وفي حديث الحُدَيْبية لا يسألوني خُطَّةً يعَظِّمون فيها حُرُماتِ الله إلا أَعْطيتُهم إياها الحُرُماتُ جمع حُرْمَةٍ كظُلْمَةٍ وظُلُماتٍ يريد حُرْمَةَ الحَرَمِ وحُرْمَةَ الإحْرامِ وحُرْمَةَ الشهر الحرام وقوله تعالى ذلك ومن يُعَظِّمْ حُرُماتِ الله قال الزجاج هي ما وجب القيامُ به وحَرُمَ التفريطُ فيه وقال مجاهد الحُرُماتُ مكة والحج والعُمْرَةُ وما نَهَى الله من معاصيه كلها وقال عطاء حُرُماتُ الله معاصي الله وقال الليث الحَرَمُ حَرَمُ مكة وما أَحاط إلى قريبٍ من الحَرَمِ قال الأَزهري الحَرَمُ قد ضُرِبَ على حُدوده بالمَنار القديمة التي بَيَّنَ خليلُ الله عليه السلام مشَاعِرَها وكانت قُرَيْش تعرفها في الجاهلية والإسلام لأَنهم كانوا سُكان الحَرَمِ ويعملون أَن ما دون المَنارِ إلى مكة من الحَرَمِ وما وراءها ليس من الحَرَمِ ولما بعث الله عز وجل محمداً صلى الله عليه وسلم أَقرَّ قُرَيْشاً على ما عرفوه من ذلك وكتب مع ابن مِرْبَعٍ الأَنصاري إلى قريش أَن قِرُّوا على مشاعركم فإنكم على إرْثٍ من إرْثِ إبراهيم فما كان دون المنار فهو حَرَم لا يحل صيده ولا يُقْطَع شجره وما كان وراء المَنار فهو من الحِلّ يحِلُّ صيده إذا لم يكن صائده مُحْرِماً قال فإن قال قائل من المُلْحِدين في قوله تعالى أَوَلم يَرَوْا أَنَّا جعلنا حَرَماً آمناً ويُتَخَطَّف الناس من حولهم كيف يكون حَرَماً آمناً وقد أُخِيفوا وقُتلوا في الحَرَمِ ؟ فالجواب فيه أَنه عز وجل جعله حَرَماً آمناً أَمراً وتَعَبُّداً لهم بذلك لا إخباراً فمن آمن بذلك كَفَّ عما نُهِي عنه اتباعاً وانتهاءً إلى ما أُمِرَ به ومن أَلْحَدَ وأَنكر أَمرَ الحَرَمِ وحُرْمَتَهُ فهو كافر مباحُ الدمِ ومن أَقَرَّ وركب النهيَ فصاد صيد الحرم وقتل فيه فهو فاسق وعليه الكفَّارة فيما قَتَلَ من الصيد فإن عاد فإن الله ينتقم منه وأَما المواقيت التي يُهَلُّ منها للحج فهي بعيدة من حدود الحَرَمِ وهي من الحلّ ومن أَحْرَمَ منها بالحج في الأَشهر الحُرُمِ فهو مُحْرِمٌ مأْمور بالانتهاء ما دام مُحْرِماً عن الرَّفَثِ وما وراءَه من أَمر النساء وعن التَّطَيُّبِ بالطيبِ وعن لُبْس الثوب المَخيط وعن صيد الصيد وقال الليث في قول الأَعشى بأَجْيادِ غَرْبيِّ الصَّفا والمُحَرَّمِ قال المُحَرَّمُ هو الحَرَمُ وتقول أَحْرَمَ الرجلُ فهو مُحْرِمٌ وحَرامٌ ورجل حَرامٌ أَي مُحْرِم والجمع حُرُم مثل قَذالٍ وقُذُلٍ وأَحْرَم بالحج والعمرة لأَنه يَحْرُم عليه ما كان له حَلالاً من قبلُ كالصيد والنساء وأَحْرَمَ الرجلُ إذا دخل في الإحْرام بالإِهلال وأَحْرَمَ إذا صار في حُرَمِه من عهد أَو ميثاق هو له حُرْمَةٌ من أَن يُغار عليه وأََما قول أُحَيْحَة أَنشده ابن الأَعرابي قَسَماً ما غيرَ ذي كَذِبٍ أَن نُبيحَ الخِدْن والحُرَمَه
( * قوله « أن نبيح الخدن » كذا بالأصل والذي في نسختين من المحكم أن نبيح الحصن )
قال ابن سيده فإني أَحسب الحُرَمَةَ لغة في الحُرْمَةِ وأَحسن من ذلك أَن يقول والحُرُمَة بضم الراء فتكون من باب طُلْمة وظُلُمَةٍ أَو يكون أَتبع الضم الضم