كتاب لسان العرب - ط المعارف (اسم الجزء: 2)

الأَلف واللام لأَنها مُعاقبة فأَما قراءة من قرأَ وقولوا للناس حُسْنى فزعم الفارسي أَنه اسم المصدر ومعنى قوله وقولوا للناس حُسْناً أَي قولاً ذا حُسْنٍ والخِطاب لليهود أَي اصْدُقوا في صفة محمد صلى الله عليه وسلم وروى الأَزهري عن أَحمد بن يحيى أَنه قال قال بعض أَصحابنا اخْترْنا حَسَناً لأَنه يريد قولاً حَسَناً قال والأُخرى مصدر حَسُنَ يَحسُن حُسْناً قال ونحن نذهب إلى أَن الحَسَن شيءٌ من الحُسْن والحُسْن شيءٌ من الكل ويجوز هذا وهذا قال واخْتار أَبو حاتم حُسْناً وقال الزجاج من قرأَ حُسْناً بالتنوين ففيه قولان أَحدهما وقولوا للناس قولاً ذا حُسْنٍ قال وزعم الأَخفش أَنه يجوز أَن يكون حُسْناً في معنى حَسَناً قال ومن قرأَ حُسْنى فهو خطأ لا يجوز أَن يقرأَ به وقوله تعالى قل هل ترَبَّصون بنا إلا إحدى الحُسْنَيَيْن فسره ثعلب فقال الحُسْنَيان الموتُ أَو الغَلَبة يعني الظفَر أَو الشهادة وأَنَّثَهُما لأَنه أَراد الخَصْلتَين وقوله تعالى والذين اتَّبَعوهم بإحسان أَي باستقامة وسُلوك الطريق الذي درَج السابقون عليه وقوله تعالى وآتَيْناه في الدنيا حَسَنةً يعني إبراهيم صلوات الله على نبينا وعليه آتَيناه لِسانَ صِدْقٍ وقوله تعالى إنَّ الحَسَنات يُذْهِبْنَ السيِّئاتِ الصلواتُ الخمس تكفِّر ما بينها والحَسَنةُ ضدُّ السيِّئة وفي التنزيل العزيز مَنْ جاء بالحَسَنة فله عَشْرُ أَمثالها والجمع حَسَنات ولا يُكسَّر والمَحاسنُ في الأَعمال ضدُّ المَساوي وقوله تعالى إنا نراكَ من المُحسِنين الذين يُحْسِنون التأْويلَ ويقال إنه كان يَنْصر الضعيف ويُعين المظلوم ويَعُود المريض فذلك إحْسانه وقوله تعالى ويَدْرَؤُون بالحَسَنة السيِّئةَ أَي يدفعون بالكلام الحَسَن ما وردَ عليهم من سَيِّءِ غيرهم وقال أَبو إسحق في قوله عز وجل ثم آتينا موسى الكتابَ تماماً على الذي أَحْسَنَ قال يكون تماماً على المُحْسِن المعنى تماماً من الله على المُحْسِنين ويكون تماماً على الذي أَحْسَن على الذي أَحْسَنه موسى من طاعة الله واتِّباع أَمره وقال يُجْعل الذي في معنى ما يريد تماماً على ما أَحْسَنَ موسى وقوله تعالى ولا تَقْرَبوا مالَ اليتيم إلا بالتي هي أَحْسَن قيل هو أَن يأْخذَ من ماله ما سَتَرَ عَوْرَتَه وسَدَّ جَوعَتَه وقوله عز وجل ومن يُسْلِمْ وجهَه إلى الله وَهْو مُحْسِن فسره ثعلب فقال هو الذي يَتَّبع الرسول وقوله عز وجل أَحْسَنَ كُلَّ شيءٍ خَلْقَه أَحْسَنَ يعني حَسَّنَ يقول حَسَّنَ خَلْقَ كلِّ شيءٍ نصب خلقََه على البدل ومن قرأَ خَلَقه فهو فِعْلٌ وقوله تعالى ولله الأَسماء الحُسنى تأْنيث الأَحسن يقال الاسم الأَحْسَن والأَسماء الحُسْنى ولو قيل في غير القرآن الحُسْن لَجاز ومثله قوله تعالى لِنُريك من آياتنا الكبرى لأَن الجماعة مؤَنثة وقوله تعالى ووَصَّيْنا الإنسانَ بوالِدَيه حُسْناً أَي يفعل بهما ما يَحْسُنُ حُسْناً وقوله تعالى اتَّبِعُوا أَحسَنَ ما أُنزِلَ إليكم أَي اتَّبعوا القرآن ودليله قوله نزَّل أَحسنَ الحديث وقوله تعالى رَبَّنا آتنا في الدنيا حسَنةً أَي نِعْمةً ويقال حُظوظاً حسَنة وقوله تعالى وإن تُصِبْهم حسنةٌ أَي نِعْمة وقوله إن تَمْسَسْكم حسَنةٌ تَسُؤْهمْ أَي غَنيمة وخِصب وإن تُصِبْكم سيِّئة أَي مَحْلٌ وقوله تعالى وأْمُرْ قوْمَك يأْخُذوا بأَحسَنِها أَي يعملوا بحَسَنِها ويجوز أَن يكون نحو ما أَمَرنا به من الانتصار بعد الظلم والصبرُ أَحسَنُ من القِصاص والعَفْوُ أَحسَنُ والمَحاسِنُ المواضع الحسَنة من البَدن يقال فلانة كثيرة المَحاسِن قال الأَزهري لا تكاد العرب توحِّد المَحاسِن وقال بعضهم واحدها مَحْسَن قال ابن سيده وليس هذا بالقويِّ ولا بذلك المعروف إنما المَحاسِنُ عند النحويين وجمهور اللغويين جمعٌ لا واحد له ولذلك قال سيبويه إذا نسبْتَ إلى محاسن قلت مَحاسِنيّ فلو كان له واحد لرَدَّه إليه في النسب وإنما يقال إن واحدَه حَسَن على المسامحة ومثله المَفاقِر والمَشابِه والمَلامِح والليالي ووجه مُحَسَّن حَسَنٌ وحسَّنه الله ليس من باب مُدَرْهَم ومفؤود كما ذهب إليه بعضهم فيما ذُكِر وطَعامٌ مَحْسَنةٌ للجسم بالفتح يَحْسُن به والإحْسانُ ضدُّ الإساءة ورجل مُحْسِن ومِحسان الأَخيرة عن سيبويه قال ولا يقال ما أَحسَنَه أَبو الحسن يعني منْ هذه لأَن هذه الصيغة قد اقتضت عنده التكثير فأَغْنَتْ عن صيغة التعجب ويقال أَحْسِنْ يا هذا فإِنك مِحْسانٌ أَي لا تزال مُحْسِناً وفسر النبي صلى الله عليه وسلم الإحسانَ حين سأَله جبريلٍ صلوات الله عليهما وسلامه فقال هو أَن تَعْبُدَ الله كأَنك تراه فإن لم تكن تراه فإِنه يَراك وهو تأْويلُ قوله تعالى إن الله يأُْمُر بالعدل والإحسان وأَراد بالإحسان الإخْلاص وهو شرطٌ في صحة الإيمان والإسلام معاً وذلك أَن من تلفَّظ بالكلمة وجاء بالعمل من غير إخْلاص لم يكن مُحْسِناً وإن كان إيمانُه صحيحاً وقيل أَراد بالإحسان الإشارةَ إلى المُراقبة وحُسْن الطاعة فإن مَنْ

الصفحة 878