من يعلَمُ أنه سميع بصير فيَكُفُّ سَمْعَه ولسَانَه عمَّا لا يجوزُ له وكذلك في باقي الأَسماء وقيل أَراد من أَخْطَرَ بِباله عند ذكرها معناها وتفكر في مدلولها معظِّماً لمسمَّاها ومقدساً معتبراً بمعانيها ومتدبراً راغباً فيها وراهباً قال وبالجملة ففي كل اسم يُجْريه على لسانه يُخْطِر بباله الوصف الدالَّ عليه وفي الحديث لا أُحْصِي ثَناءً عليك أي لا أُحْصِي نِعَمَك والثناءَ بها عليك ولا أَبْلغُ الواجِب منه وفي الحديث أَكُلَّ القرآن أَحْصَيْتَ أَي حَفِظْت وقوله للمرأَة أَحْصِيها أَي احْفَظِيها وفي الحديث اسْتَقِيمُوا ولَنْ تُحْصُوا واعْلَموا أَنَّ خيرَ أَعمالِكُم الصَّلاةُ أَي اسْتَقِيموا في كلّ شيء حتى لا تَمِيلوا ولن تُطِيقوا الاسْتقامة من قوله تعالى علم أَنْ لَنْ تُحْصُوه أَي لن تُطِيقوا عَدَّه وضَبْطَه
( حضأ ) حَضَأَتِ النارُ حَضْأً التهبت وحَضأَها يَحْضَؤُها حَضْأً فتحها لتَلْتَهِب وقيل أَوقَدَها وأَنشد في التهذيب
باتَتْ هُمُومي في الصَّدْرِ تَحْضَؤُها ... طَمْحاتُ دَهْرٍ ما كُنْتُ أَدْرَؤُها
الفرّاء حَضَأْتُ النارَ وحضَبْتُها والمِحْضَأُ على مِفْعَلٍ العُودُ والمِحْضاءُ على مِفْعال العود الذي تُحْضَأُ به النارُ وفي التهذيب وهو المِحْضَأُ والمِحْضَبُ وقولُ أَبي ذؤَيب
فأَطْفِئْ ولا تُوقِدْ ولا تَكُ مِحْضَأً ... لِنارِ الأَعَادِي أَنْ تَطِير شَداتُها ( 1 )
( 1 قوله « شداتها » كذا في النسخ بأيدينا ونسخة المحكم أيضاً بالدال مهملة )
إِنما أَراد مثل مِحْضَإٍ لأَن الانسان لا يكون مِحضَأً فمِن هُنا
قُدِّر فيه مِثْل وحَضَأْتُ النارَ سَعَّرْتُها يُهمز ولا يهمز وإِذا لم يهمز فالعود مِحْضاء ممدود على مِفْعال قال تأَبَّط شراً
ونارٍ قد حَضَأْتُ بُعَيْدَ هَدْءٍ ... بدارٍ ما أُرِيدُ بها مُقاما
( حضب ) الحِضْبُ والحُضْبُ جميعاً صَوْتُ القَوْس والجمع أَحْضابٌ قال شمر يقال حِضْبٌ وحَبْضٌ وهو صَوْتُ القَوْسِ والحَضْبُ والحِضْبُ ضَرْبٌ من الحَيّاتِ وقيل هو الذكر الضَّخْمُ منها قال وكلُّ ذكر من الحَيَّاتِ حِضْبٌ قال أَبو سعيد هو بالضاد المعجمة وهو كالأَسْوَدِ والحُفَّاثِ ونحوهما وقيل هو حَيَّة دقيقة وقيل هو الأَبْيضُ منها قال رؤبة جاءَتْ تَصَدَّى خَوْفَ حِضْبِ الأَحْضابْ وقول رؤبة
وقد تَطَوَّيْتُ انْطِواءَ الحِضْبِ ... بَيْنَ قَتادِ رَدْهةٍ وشِقْبِ
يجوز أَن يكون أراد الوَتَرَ وأَن يكون أَراد الحَيَّةَ والحَضَبُ الحَطَبُ في لغة اليمن وقيل هو كلُّ ما أَلْقَى في النار مِن حَطَبٍ وغيره يُهَيِّجُها به والحَضَبُ لغة في الحَصَب ومنه قرأَ ابن عباس حَضَبُ جَهنمَ منقوطة قال الفرَّاءُ يريد الحَصَبَ وحَضَبَ النارَ يَحْضِبُها رَفَعَها وقال الكسائي حَضَبْتُ النارَ إِذا خَبَتْ فأَلْقَيْتَ عليها الحَطَبَ لتَقِدَ والمِحْضَبُ المِسْعَرُ وهو عُود تُحَرَّكُ به النارُ عند الإِيقاد قال الأَعشى
فلا تَكُ فِي حَرْبِنا مِحْضَباً ... لِتَجْعَلَ قَوْمَكَ شَتَّى شُعُوبَا
وقال الفرّاءُ هو المِحْضَبُ والمِحْضَأُ والمِحْضَجُ والمِسْعَرُ بمعنى واحد وحكى ابن دريد عن أَبي حاتم أَنه قال يُسمى المِقْلَى المِحْضَب وأَحْضابُ الجبَلِ جَوانِبُه وسَفْحُه واحدها حِضْبٌ والنون أَعلى وروى الأَزهري عن الفرَّاءِ الحَضْبُ بالفتح سُرْعةُ أَخْذِ الطَّرْقِ الرَّهْدَنَ إِذا نَقَر الحَبَّة والطَّرْقُ الفَخُّ والرَّهْدَنُ العُصْفُور قال والحَضْبُ أَيضاً انْقِلابُ الحَبْلِ حتى يَسْقُط والحَضْبُ أَيضاً دُخول الحَبْلِ بين القَعْو والبَكْرة وهو مثل المَرَسِ تقول حَضِبَتِ البَكْرةُ ومَرِسَتْ وتأْمر فتقول أَحْضِبْ بمعنى أَمْرِسْ أَي رُدَّ الحَبْل إِلى مَجْراهُ
( حضج ) حَضَجَ النارَ حَضْجاً أَوقدها وانْحَضَجَ الرجلُ الْتَهَبَ غَضَباً واتَّقَدَ من الغيظ وانْحَضَجَ اتَّقَدَ من الغيظ فَلَزِقَ بالأَرض وفي حديث أَبي الدرداء قال في الركعتين بعد العصر أَمَّا أَنا فلا أَدَعُهما فمن شاء أَن يَنْحَضِجَ فَلْيَنْحَضِجْ أَي يَنْقَدَّ من الغيظ ويَنْشَقَّ وحَضَجَ به يَحْضُجُ حَضْجاً صَرَعَهُ وحَضَجَ البعيرُ بِحِمْلِه وحِمْلَهُ حَضْجاً طرحه وحَضَجَ به الأَرضَ حَضْجاً ضربها به وانْحَضَجَ ضرب بنفسه الأَرضَ غيظاً فإِذا فعلتَ به أَنت ذلك قلت حَضَجْتُه وانْحَضَجَتْ عنه أَداته انْحِضاجاً وقال ابن شميل يَنْحَضِجُ يضطجع وحَضَجَه أَدخل عليه ما يكاد يَنْشَقُّ منه ويَلْزَقُ له بالأَرض وكلُّ ما لَزِقَ بالأَرض حِضْجٌ والحِضْجُ الطين اللازق بأَسفل الحوض وقيل الحِضْجُ هو الماء القليل والطين يبقى في أَسفل الحوض وقيل هو الماء الذي فيه الطين فهو يتلزج ويمتدّ وقيل هو الماء الكَدِرُ وحِضْجٌ حاضِجٌ بالَغُوا به كَشِعْرٍ شاعرٍ قال أَبو مهدي سمعت هِمْيانَ بن قُحافة ينشد فأَسْأَرَتْ في الحوضِ حِضْجاً حاضِجا قَدْ عادَ مِنْ أَنْفاسِها رَجَارِجَا أَسأَرت أَبقت والسُّؤْرُ بقية الماء في الحوض وقوله حاضِجاً أَي باقياً