كتاب لسان العرب - ط المعارف (اسم الجزء: 2)

خلاف البادي وفي الحديث لا يَبِعْ حاضِرٌ لِبادٍ الحاضر المقيم في المُدُنِ والقُرَى والبادي المقيم بالبادية والمنهي عنه أَن يأْتي البَدَوِيُّ البلدة ومعه قوت يبغي التَّسارُعَ إِلى بيعه رخيصاً فيقول له الحَضَرِيُّ اتركه عندي لأُغالِيَ في بيعه فهذا الصنيع محرّم لما فيه من الإِضرار بالغير والبيع إِذا جرى مع المغالاة منعقد وهذا إِذا كانت السِّلْعَةُ مما تعم الحاجة إِليها كالأَقوات فإِن كانت لا تعم أَو كَثُرَتِ الأَقواتُ واستغني عنها ففي التحريم تردُّد يعوّل في أَحدهما على عموم ظاهر النهي وحَسْمِ بابِ الضِّرارِ وفي الثاني على معنى الضرورة وقد جاء عن ابن عباس أَنه سئل لا يبع حاضر لباد قال لا يكون له سِمْساراً ويقال فلان من أَهل الحاضرة وفلان من أَهل البادية وفلان حَضَرِيٌّ وفلان بَدَوِيٌّ والحِضارَةُ الإِقامة في الحَضَرِ عن أَبي زيد وكان الأَصمعي يقول الحَضارَةُ بالفتح قال القطامي فَمَنْ تَكُنِ الحَضَارَةُ أَعْجَبَتْه فأَيَّ رجالِ بادِيَةٍ تَرانَا ورجل حَضِرٌ لا يصلح للسفر وهم حُضُورٌ أَي حاضِرُونَ وهو في الأَصل مصدر والحَضَرُ والحَضْرَةُ والحاضِرَةُ خلاف البادية وهي المُدُنُ والقُرَى والرِّيفُ سميت بذلك لأَن أَهلها حَضَرُوا الأَمصارَ ومَساكِنَ الديار التي يكون لهم بها قَرارٌ والبادية يمكن أَن يكون اشتقاقُ اسمِها من بَدا يَبْدُو أَي بَرَزَ وظهر ولكنه اسم لزم ذلك الموضعَ خاصةً دونَ ما سواه وأَهل الحَضَرِ وأَهل البَدْوِ والحاضِرَةُ والحاضِرُ الحَيُّ العظيم أَو القومُ وقال ابن سيده الحَيُّ إِذا حَضَرُوا الدارَ التي بها مُجْتَمَعُهُمْ قال في حاضِرٍ لَجِبٍ بالليلِ سامِرُهُ فيهِ الصَّواهِلُ والرَّاياتُ والعَكَرُ فصار الحاضر اسماً جامعاً كالحاجِّ والسَّامِرِ والجامِل ونحو ذلك قال الجوهري هو كما يقال حاضِرُ طَيِّءٍ وهو جمع كما يقال سامِرٌ للسُّمَّار وحاجٌّ للحُجَّاج قال حسان لنا حاضِرٌ فَعْمٌ وبادٍ كَأَنَّهُ قطِينُ الإِلهِ عِزَّةً وتَكَرُّما وفي حديث أُسامة وقد أَحاطوا بحاضر فَعْمٍ الأَزهري العرب تقول حَيٌّ حاضِرٌ بغير هاء إِذا كانوا نازلين على ماءٍ عِدٍّ يقال حاضِرُ بني فلانٍ على ماءِ كذا وكذا ويقال للمقيم على الماء حاضرٌ وجمعه حُضُورٌ وهو ضدّ المسافر وكذلك يقال للمقيم شاهدٌ وخافِضٌ وفلان حاضِرٌ بموضع كذا أَي مقيم به ويقال على الماء حاضِرٌ وهؤلاء قوم حُضَّارٌ إِذا حَضَرُوا المياه ومَحاضِرُ قال لبيد فالوادِيانِ وكلُّ مَغْنًى مِنْهُمُ وعلى المياهِ مَحاضِرٌ وخِيامُ قال ابن بري هو مرفوع بالعطف على بيت قبله وهو أَقْوَى وعُرِّيَ واسِطٌ فَبِرامُ من أَهلِهِ فَصُوائِقٌ فَخُزامُ وبعده عَهْدِي بها الحَيَّ الجميعَ وفيهمُ قبلَ التَّفَرُّقِ مَيْسِرٌ ونِدامُ وهذه كلها أَسماء مواضع وقوله عهدي رفع بالابتداء والحيّ مفعول بعهدي والجميع نعته وفيهم قبل التفرّق ميسر جملة ابتدائية في موضع نصب على الحال وقد سدّت مسدّ خبر المبتدإِ الذي هو عهدي على حد قولهم عهدي بزيد قائماً وندام يجوز أَن يكون جمع نديم كظريف وظراف ويجوز أَن يكون جمع ندمان كغرثان وغراث قال وحَضَرَةٌ مثل كافر وكَفَرَةٍ وفي حديث آكل الضب أَنَّى تَححضُرُنِي منَ اللهِ حاضِرَةٌ أَراد الملائكة الذين يحضرونه وحاضِرَةٌ صفة طائفة أَو جماعة وفي حديث الصبح فإِنها مَشْهُودَة مَحْضُورَةٌ أَي يحضرها ملائكة الليل والنهار وحاضِرُو المِياهِ وحُضَّارُها الكائنون عليها قريباً منها لأَنهم يَحْضُرُونها أَبداً والمَحْضَرُ المَرْجِعُ إِلى المياه الأَزهري المحضَر عند العرب المرجع إِلى أَعداد المياه والمُنْتَجَعُ المذهبُ في طلب الكَلإِ وكل مُنْتَجَعٍ مَبْدًى وجمع المَبْدَى مَبادٍ وهو البَدْوُ والبادِيَةُ أَيضاً الذين يتباعدون عن أَعداد المياه ذاهبين في النُّجَعِ إِلى مَساقِط الغيث ومنابت الكلإِ والحاضِرُون الذين يرجعون إِلى المَحاضِرِ في القيظ وينزلون على الماء العِدِّ ولا يفارقونه إِلى أَن يقع ربيع بالأَرض يملأُ الغُدْرانَ فينتجعونه وقوم ناجِعَةٌ ونواجِعُ وبادِيَةٌ وبوادٍ بمعنى واحد وكل من نزل على ماءٍ عِدٍّ ولم يتحوّل عنه شتاء ولا صيفاً فهو حاضر سواء نزلوا في القُرَى والأَرْياف والدُّورِ المَدَرِيَّة أَو بَنَوُا الأَخْبِيَةَ على المياه فَقَرُّوا بها ورَعَوْا ما حواليها من الكلإِ وأَما الأَعراب الذين هم بادية فإِنما يحضرون الماء العِدَّ شهور القيظ لحاجة النَّعَمِ إِلى الوِرْدِ غِبّاً ورَفْهاً وافْتَلَوُا الفَلَوَاِ المُكْلِئَةَ فإِن وقع لهم ربيع بالأَرض شربوا منه في مَبْدَاهُمْ الذي انْتَوَوْهُ فإِن استأْخر القَطْرُ ارْتَوَوْا على ظهور الإِبل بِشِفاهِهِمْ وخيلهم من أَقرب ماءٍ عِدٍّ يليهم ورفعوا أَظْماءَهُمْ إِلى السَّبْعِ والثِّمْنِ والعِشْرِ فإِن كثرت فيه الأَمطار والْتَفَّ العُشْبُ وأَخْصَبَتِ الرياضُ وأَمْرَعَتِ البلادُ جَزَأَ النَّعَمُ بالرَّطْبِ واستغنى عن الماء وإِذا عَطِشَ المالُ في هذه الحال وَرَدَتِ الغُدْرانَ والتَّناهِيَ فشربتْ كَرْعاً وربما سَقَوْها من الدُّحْلانِ وفي حديث عَمْرِو بن سَلِمَةَ الجَرْمِيّ كنا بحاضِرٍ يَمُرُّ بنا الناسُ الحاضِرُ القومُ النُّزُولُ على ماء يقيمون به ولا يَرْحَلُونَ عنه

الصفحة 907