كتاب لمحات في الثقافة الإسلامية

{اجْعَل لَنَا إِلَهًا كَمَا لَهُمْ آلِهَةٌ قَالَ إِنَّكُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ، إِنَّ هَؤُلاءِ مُتَبَّرٌ مَا هُمْ فِيهِ وَبَاطِلٌ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} 1.
وسرعان ما نَسُوا الله الذي أنجاهم من الظلم والطغيان، بما ساق من الآيات والمعجزات التي تدعو إلى الثبات على الإيمان، ومع ذلك فقد شملتهم رحمة الله وفجر لهم -سبحانه- الماء من الحجر اثنتي عشرة عينًا، وأرسل عليهم الغمام يقيهم حرارة الشمس، وأنزل عليهم المنَّ والسلوى.
ولما مضى بهم موسى في صحراء سيناء، ثم ذهب لميقات ربه وخلف أخاه هارون نائبًا عنه، اتبعوا سبيل المفسدين وعصوا هارون وأطاعوا السامري، الذي قدم لهم عجلًا أوهمهم أنه إلههم وإله موسى، وطلب إليهم أن يعبدوه، فأطاعوه وانصاعوا له.. وتذكر التوراة أن موسى حين عاد وأبصر العجل، ورأى قومه يرقصون حوله.. لام أخاه فاعتذر إليه "بأن هذا الشعب شرير". لقد صرفهم السامري عن عبادة الله، وفتنهم بعبادة صنم أبكم لا يسمع ولا يفهم، ولم يَأْبَهُوا لهارون وهو يقول لهم:
{يَا قَوْمِ إِنَّمَا فُتِنْتُمْ بِهِ وَإِنَّ رَبَّكُمُ الرَّحْمَنُ فَاتَّبِعُونِي وَأَطِيعُوا أَمْرِي} 2.
ولقد كان موسى -عليه السلام- من قومه في جيل ذليل، لا يصلح لقتال فلما أن دعاهم لدخول الأرض المقدسة قائلًا:
{يَا قَوْمِ ادْخُلُوا الأرض المُقَدَّسَةَ الَّتِي كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ وَلا تَرْتَدُّوا عَلَى أَدْبَارِكُمْ فَتَنْقَلِبُوا خَاسِرِينَ} 3.
__________
1 الأعراف: "138-139".
2 طه: "90".
3 المائدة: "21".

الصفحة 323