كتاب لمحات في الثقافة الإسلامية

عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا} 1.
وقال:
{هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ} 2.
ولا شك أن في هذا التكليف الرباني، بإظهار دين الله وهداية البشر إليه، وحمل الناس على الحق، أعظم ذكر وأسمى تكريم وأشرف مجد، وهو من أجلِّ المسئوليات لرسول هذه الدعوة وللمؤمنين بها، وفي ذلك يقول جل شأنه:
{وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ وَسَوْفَ تُسْأَلونَ} 3.
وقد جاءت هذه الرسالة بعقيدة تخاطب في الإنسان عقله ووجدانه، وترشده إلى معرفة ربه والإيمان به، وبعبادات تُحْكِمُ صلته بخالقه، وتزكي نفسه وتسمو بروحه.. وبأحكام تحقق للمجتمع البشري ما يصلحه وينظمه، ويمنع عنه أسباب الشقاق والنزاع، بما حرصت على إقامته من ركائز العدالة والأخوة، ودعائم الحرية والمساواة والسلام، وبأخلاق تطهر النفوس، وتربي الضمائر، وتغرس فيها أنبل الصفات وأكرم الفضائل.. ولا يتم الوصول إلى هذه الأهداف الكبرى إلا بجهاد صادق خالص لا يبتغي غير وجه الله، ولا يقصد إلا إلى إعلاء كلمته ورفع رايته. وفي ذلك تصحيح لكل انحرافٍ أصاب البشر فأبعدهم عن جادة الحق، ومنهج الرشاد.
__________
1 الفتح: "28".
2 الصف: "9".
3 الزخرف: "44".

الصفحة 328