كتاب لمحات في الثقافة الإسلامية

فِيهِ مِنْ رُوحِهِ وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالأَبْصَارَ وَالأَفْئِدَةَ قَلِيلًا مَا تَشْكُرُونَ، وَقَالُوا أَئِذَا ضَلَلْنَا فِي الأرض أَئِنَّا لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ بَلْ هُمْ بِلِقَاءِ رَبِّهِمْ كَافِرُونَ، قُلْ يَتَوَفَّاكُمْ مَلَكُ الْمَوْتِ الَّذِي وُكِّلَ بِكُمْ ثُمَّ إِلَى رَبِّكُمْ تُرْجَعُونَ} 1.
2- والإنسان في هذه الحياة، حياة التكليف والابتلاء بين طريقين: طريق الهداية، وطريق الغواية، وهما طريقان مختلفان بدءًا ونهاية، ويؤول كل منهما بسالكه إلى المصير الذي يتناسب مع المنهج الذي التَزَمَه، والعمل الذي قَدَّمَه، فمن زكَّى نفسه بالتقوى فقد أفلح، ومن دنسها بالمعاصي فقد خاب، وفي ذلك يقول سبحانه:
{وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا، فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا، قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا، وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا} 2.
ويقول جل شأنه:
{قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَكُمُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنِ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا وَمَا أَنَا عَلَيْكُمْ بِوَكِيلٍ} 3.
على هذين الطريقين يسير فريقان من البشر لا اتفاق بينهما في المنطلق وخط المسير، ولا تلاقي بينهما في الغاية ونهاية المصير، وكيف يستوي من يعبر الدروب الواضحة النيرة، ومن يجتاز المهالك، ويتغلغل في أحشاء الظلام؟! ...
__________
1 السجدة: "6-11".
2 الشمس: "7-10".
3 يونس: "108".

الصفحة 332