كتاب لمحات في الثقافة الإسلامية

أَلْفَيْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لا يَعْقِلُونَ شَيْئًا وَلا يَهْتَدُونَ} 1.
1- إن العقيدة حين تهدم كل زيف في فكر الإنسان وضميره وروحه؛ تبني صروح المُثُل الرفيعة الطيبة، التي تجعل من المؤمن إنسانًا سويَّ التفكير، طاهر الضمير، طيب السريرة، يقظ البصيرة، يستعمل طاقته الفكرية في وظيفتها الصحيحة المجدية؛ فينظر ويتأمل في هذا الكون ليتعرف على مظاهر عظمة الله، وجليل حكمته، ونفوذ قدرته، وشمول علمه، وتفرده بالخلق والإبداع.
قال تعالى:
{قُلْ إِنَّمَا أَعِظُكُمْ بِوَاحِدَةٍ أَنْ تَقُومُوا لِلَّهِ مَثْنَى وَفُرَادَى ثُمَّ تَتَفَكَّرُوا} 2.
وقال عز وجل:
{كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الآيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُونَ، فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَة} 3.
فإذا انطلق الإنسان من قاعدة الإيمان الراسخ والعمل الطيب والسلوك القويم؛ كان داعية خير وصانع حضارة ورمز سلام، يكافح في الحياة لا من أجل الخبز وزيادة الإنتاج وفتح الأسواق، ومناطق النفوذ، والتسلط على الناس، واستعمار الشعوب، واستثمار الخيرات، وسيادة طبقة على طبقة، وتَحَكُّمِ فئة في رقاب فئة، كما هو حال من استعبدتهم
__________
1 البقرة: "170".
2 سبأ: "46".
3 البقرة "219-220".

الصفحة 361