كتاب اللباب في تفسير الاستعاذة والبسملة وفاتحة الكتاب

كثير: «فذكر الاستواء باسمه الرحمن ليعم جميع خلقه برحمته».
وقال الشنقيطي (¬1) - رحمه الله تعالى - بعد أن ذكر كلام ابن كثير السابق قال: «ومثله قو له تعالى: {أَوَلَمْ يَرَوْا إِلَى الطَّيْرِ فَوْقَهُمْ صَافَّاتٍ وَيَقْبِضْنَ مَا يُمْسِكُهُنَّ إِلَّا الرَّحْمَنُ} (¬2). قال أي ومن رحمانيته لطفه بالطير، وإمساكه إياها صافات وقابضات في جو السماء، ومن أظهر الأدلة في ذلك قوله تعالى: {الرَّحْمَنُ (1) عَلَّمَ الْقُرْآَنَ (2)} إلى قوله: {فَبِأَيِّ آَلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (13)} (¬3)».
والرحيم رحمة خاصة بالمؤمنين في الدنيا والآخرة كما قال تعالى: {وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيمًا} (¬4)، وقال تعالى: {إِنَّهُ بِهِمْ رَءُوفٌ رَحِيمٌ} (¬5).
الوجه الثالث: أن «الرحمن» أبلغ من «الرحيم» (¬6)، ولهذا، ولكونه أي: «الرحمن» أخص من، «الرحيم» قدم عليه «في البسملة والفاتحة، وقدم عليهما لفظ الجلالة لأنه أخص منهما وأعرف، وهما وغيرهما من
¬_________
(¬1) في «أضواء البيان» 1: 40.
(¬2) سورة الملك، الآية: 19.
(¬3) سورة الرحمن، الآية: 1 - 13.
(¬4) سورة الأحزاب، الآية: 43. انظر «زاد المسير» 1: 9، «الجامع لأحكام القرآن» 1: 105، «أنوار التنزيل» 1: 7، «تفسير ابن كثير» 1: 43، «أضواء البيان» 1: 40 - 41.
(¬5) سورة التوبة، الآية: 117. هكذا قدره كثير من أهل العلم وقد يشكل على هذا قوله تعالى {إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ} سورة البقرة الآية: 143، وسورة الحج الآية: 65. انظر «تيسير العزيز الحميد» ص31.
(¬6) انظر «تفسير الطبري» 1: 133، «الكشاف» 1: 6، «أنوار التنزيل» 1: 7، «شرح البسملة والحمدلة» لابن عبد الحق 20/ ب، 21/ أ.

الصفحة 100