كتاب اللباب في تفسير الاستعاذة والبسملة وفاتحة الكتاب

ذر - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إذا قام أحدكم يصلي، فإنه يستره إذا كان بين يديه مثل آخرة الرحل، فإذا لم يكن بين يديه مثل آخرة الرحل، فإنه يقطع الصلاة الحمار والمرأة. والكلب الأسود». قلت: يا أباذر، ما بال الكلب الأسود من الكلب الأحمر، من الكلب الأصفر؟! قال: يا ابن أخي، سألت رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، كما سألتني، فقال: «الكلب الأسود شيطان» (¬1).
وعن زيد بن أسلم عن أبيه أن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - ركب برذونا فجعل يتبختر به، فجعل يضربه، فلا يزداد إلا تبخترا، فنزل عنه، وقال: ما حملتموني إلا على شيطان، ما نزلت عنه حتى أنكرت نفسي (¬2).
وإنما سمي المتمرد من كل شيء شيطانًا لمفارقته لبني جنسه في أخلاقه، وأفعاله، وصفاته، وطباعه، ومباعدته لهم، وبسبب فسقه، وبعده عن الحق والهدى والخير، وعن رحمة الله - تعالى - (¬3).
الرجيم: فعيل بمعنى مفعول أي: مرجوم (¬4) كسعير بمعنى:
¬_________
(¬1) أخرجه - مسلم - في الصلاة- باب قدر ما يستر المصلي - حديث 510، وأبو داود في الصلاة- باب ما يقطع الصلاة - حديث 702.
وأخرجه أيضًا مسلم في الموضع السابق برقم 511 من حديث أبي هريرة بلفظ قال قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقطع الصلاة المرأة والحمار والكلب، ويقي ذلك مثل مؤخرة الرحل».
ومعنى الكلب الأسود شيطان: أي أنه خبيث يتلون.
(¬2) أخرجه الطبري الأثر 36، وذكره ابن كثير في تفسيره 34:1، وقال: «إسناده صحيح».
(¬3) انظر «تفسير الطبري» 111:1، «المحرر الوجيز» 49:1، «تفسير ابن كثير» 33:1.
(¬4) انظر «تفسير الطبري» 112:1، «تهذيب اللغة» مادة «رجم»، «الكشف عن وجوه القراءات السبع» 10:1، «المحرر الوجيز» 50:1، «لسان العرب» مادة «رجم»، «تفسير ابن كثير» 34:1.

الصفحة 36