كتاب اللباب في تفسير الاستعاذة والبسملة وفاتحة الكتاب
القرطبي (¬1) وغيره عن مالك واستغرب ذلك ابن العربي (¬2)
واحتج بعضهم لهذا القول بأن الاستعاذة بعد القراءة تدفع الإعجاب بعد فراغ القراءة (¬3)، وتكون سببًا للاستفادة من التلاوة، وحفظها وثباتها (¬4).
وجمهور أهل العلم والتحقيق على أن الاستعاذة مشروعة قبل القراءة، وأن معنى قوله تعالى: {فَإِذَا قَرَاتَ الْقُرْآَنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ} وأي: فإذا أردت قراءة القرآن فاستعذ بالله، كقوله - تعالى: {إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ} (¬5) أي: إذا أردتم القيام إلى الصلاة (¬6)، وكقوله تعالى: {وَإِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُوا} (¬7) أي: إذا أردتم القول، وكقوله تعالى: {وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ} (¬8) أي: إذا أردتم سؤالهن، فاسألوهن من وراء حجاب،
¬_________
(¬1) في «تفسير» 88:1، وانظر «التفسير الكبير» 114:20.
(¬2) انظر «أحكام القرآن» لابن العربي 1175:3 - 1176.
(¬3) انظر «التفسير الكبير» 59:1، «تفسير ابن كثير» 29:1.
(¬4) انظر «إغاثة اللهفان» 148:1.
(¬5) سورة المائدة، الآية: 6.
(¬6) انظر «المصنف» لعبد الرزاق- الصلاة- باب متى تستعيذ- الآثار 2588 - 2593، «تفسير الطبري» 173:14، «أحكام القرآن» للجصاص 191:3، «الإقناع في القراءات السبع» 154:1، «أحكام القرآن» لابن العربي 175:3، «المحرر الوجيز» 48:1، «زاد المسير» 7:1، «التفسير الكبير» 59:1 - 60، «الجامع لأحكام القرآن» 86:1، «التبيان» للنووي ص64، «تفسير ابن كثير» 30:1، 32.
(¬7) سورة الأنعام، الآية: 152.
(¬8) سورة الأحزاب، الآية: 53.