كتاب اللباب في تفسير الاستعاذة والبسملة وفاتحة الكتاب
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية (¬1): «الجهر بالتعوذ أحيانًا للتعليم ونحوه لا بأس به، كما كان عمر بن الخطاب، يجهر بدعاء الاستفتاح مدة (¬2) ... وأما المداومة على الجهر بذلك، فبدعة، مخالفة لسنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وخلفائه الراشدين، فأنهم لم يكونوا يجهرون بذلك دائمًا، بل لم ينقل أحد عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه جهر الاستعاذة والله أعلم».
وقال ابن الجزري (¬3) «المختار في الصلاة الاخفاء».
ولكن إذا جهر الإمام ولم يسكت، قهل يستعيذ المأموم، أولًا، فيه قولان لأهل العلم، وهما روايتان عن الإمام أحمد (¬4)، القول الأول يستعيد، والثاني لا يستعيذ. قال ابن تيمية (¬5) «هو أصح، وهو قول أكثر العلماء كذلك والشافعي، وكذا أبو حنيفة فيما أظن».
قلت وقد اختار القول الأول بأنه يستعيذ كما يبسمل - وإن لم يسكت الإمام - تبعًا لقراءة الفاتحة بعض أهل العلم (¬6).
****
¬_________
(¬1) في «مجموع الفتاوى» 22: 405.
(¬2) أخرج مسلم - في الصلاة - حديث 299 - عن عبدة أن عمر بن الخطاب، كان يجهر بهؤلاء الكلمات يقول: «سبحانك اللهم وبحمدك، تبارك اسمك، وتعالى جدك، ولا إله غيرك». كما جهر ابن عباس في قراءة الفاتحة في صلاة الجنازة، وقال «لتعلموا أنها سنة» أخرجه البخاري - في الجنائز حديث 6235.
(¬3) في «النشر» 1: 253، 254. وانظر «غرائب القرآن» للنيسابوري 1: 16.
(¬4) انظر «المسائل الفقهية» 1: 116.
(¬5) في «مجموع الفتاوى» 22: 341. وانظر 23: 280 - 282.
(¬6) انظر ما يأتي ص 136.