كتاب اللباب في تفسير الاستعاذة والبسملة وفاتحة الكتاب

وعن جندب بن عبد الله قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «من صلى الصبح فهو فى ذمة الله ...» الحديث رواه مسلم (¬1) ومفهوم هذا الحديث، وأمثاله أن من لم يصل الصبح فليس في ذمة الله، بل هو عرضه لتخبط الشيطان. وهكذا - بلا شك - كل تقصير في أداء ما أوجب الله - تعالى، فهو سبب لفقدان الأمان، الذي وعد الله به أهل الإيمان (¬2)، ومقرب من المخاوف ومصائد الشيطان.
ثانيًا: البعد عن معاصي الله لأن ما يصيب الإنسان من مصائب، ومنها تسلط الشيطان، فهو بسبب الذنوب والمعاصي .. قال تعالى: {وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ (30)} (¬3) وقال تعالى: {ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ (41)} (¬4).
فينبغي تطهير القلب والنفس والجوارح عن كل ما نهى الله عنه، من الاعتقادات والأعمال التي تكون مجلبة للشيطان وسببًا لبعد الملائكة عن الإنسان.
كالتعلق بالغناء والمزامير، قال تعالى مخاطبًا الشيطان: {وَاسْتَفْزِزْ
¬_________
(¬1) في المساجد ومواضع الصلاة - باب فضل صلاة العشاء والصبح في جماعة حديث 657.
(¬2) كما في الحديث السابق، وكما في قوله - تعالى: {الَّذِينَ آَمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولَئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ (82)} سورة الأنعام، الآية: 82.
(¬3) سورة الشورى، الآية: 30.
(¬4) سورة الروم، الآية: 41.

الصفحة 76