كتاب اللباب في تفسير الاستعاذة والبسملة وفاتحة الكتاب
على الذين آمنوا. قال تعالى: {إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ وَكَفَى بِرَبِّكَ وَكِيلًا (65)} (¬1).
وتسلطه على كثير من المسلمين، وتزيينه لهم المعاصى، إنما هو بسبب ضعف إيمانهم ووقوعهم فى المعصية، المؤدية بهم إلى ما هو أعظم منها، كما قال تعالى عن الكفار: {وَنُقَلِّبُ أَفْئِدَتَهُمْ وَأَبْصَارَهُمْ كَمَا لَمْ يُؤْمِنُوا بِهِ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَنَذَرُهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ (110)} (¬2)، وقال تعالى: {فَلَمَّا زَاغُوا أَزَاغَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ} (¬3) وقال - صلى الله عليه وسلم -: «لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن» (¬4): أى أن إيمانه يضعف فيتسلط عليه الشيطان فيوقعه فى الزنا والمعاصي المذكورة فى الحديث، وغيرها.
رابعًا: ملازمة قراءة القرآن فذلك مما يحصن المسلم ويحفظه بإذن الله من الشياطين. قال تعالى: {إِذَا ذَكَرْتَ رَبَّكَ فِي الْقُرْآَنِ وَحْدَهُ وَلَّوْا عَلَى أَدْبَارِهِمْ نُفُورًا (46)} (¬5). وقال تعالى: {وَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمَنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَانًا فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ (36)} (¬6). وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «لا تجعلوا بيوتكم قبورًا، فإن الشيطان ينفر من البيت الذي تقرأ فيه سورة البقرة» رواه مسلم (¬7). وإذا نفر الشيطان حفت
¬_________
(¬1) سورة الإسراء، الآية: 65.
(¬2) سورة الأنعام، الآية: 110.
(¬3) سورة الصف، الآية: 5.
(¬4) أخرجه ابن ماجه في الفتن - باب حرمة دم المؤمن وماله - حديث 3936، من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - وصححه الألباني.
(¬5) سورة الإسراء، الآية: 46.
(¬6) سورة الزخرف, الآية: 36.
(¬7) في صلاة المسافرين - حديث 780.