كتاب اللباب في تفسير الاستعاذة والبسملة وفاتحة الكتاب
الرحمة، والرحم مشتقة من اسمه تعالى «الرحمن».
و «الرحمن» على وزن «فعلان»، و «الرحيم» على وزن «فعيل» كل منهما صفة مشبهة، ومن صيغ المبالغة. لكن «فعلان» أبلغ من «فعيل»، لأن صيغة «فعلان» تدل على الامتلاء، يقال: رجل غضبان أي ممتلئ عضبًا. ولهذا قدم «الرحمن» على «الرحيم» (¬1).
والرحيم مشتقان من
وكل منهما دال على إثبات صفة الرحمة الواسعة الكثيرة المستمرة العظيمة لله - تعالى، كما قال تعالى: {فَإِنْ كَذَّبُوكَ فَقُلْ رَبُّكُمْ ذُو رَحْمَةٍ وَاسِعَةٍ} (¬2). وقال تعالى: {وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ} (¬3)، وقال تعالى: {كَتَبَ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ} (¬4)، وقال تعالى: {فَانْظُرْ إِلَى آَثَارِ رَحْمَةِ اللَّهِ (¬5) كَيْفَ يُحْيِي الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا} (¬6).
¬_________
(¬1) انظر «المحر الوجيز» 1: 58، «زاد المسير» 1: 9، «البحر المحيط» 1: 16 - 17، «لسان العرب» مادة «رحم»، «الجامع لأحكام القرآن» 1: 104، 105، «تفسير القرآن العظيم» لابن كثير 1: 43، «أضواء البيان» 1: 39 - 40.
(¬2) سورة الأنعام، الآية: 147.
(¬3) سورة الأعراف، الآية: 156.
(¬4) سورة الأنعام، الآية: 12.
(¬5) قد يكون المراد بالرحمة في الآية التي هي صفة ذاتية من صفات الله - تعالى - غير مخلوقة، وقد يراد بها الرحمة التي هي المطر فهذه رحمة مخلوقة هي من آثار رحمة التي هي من صفاته كما في حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - قال قال النبي - صلى الله عليه وسلم - نحاجت الجنة والنار ... وفيه قوله تعالى للجنة «أنت رحمتي أرحم بك من أشاء من عبادي .... الحديث» أخرجه البخاري - في التفسير حديث 4850، ومسلم - في الجنة ونعيمها وأهلها - حديث 2846. فالجنة من الرحمة المخلوقة.
(¬6) سورة الروم، الآية: 50.