كتاب اللباب في تفسير الاستعاذة والبسملة وفاتحة الكتاب

وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «جعل الله الرحمة مائة جزء، فأمسك عنده تسعة وتسعين، وأنزل في الأرض جزءًا واحدًا، فمن ذلك الجزء يتراحم الخلائق، حتى ترفع الدابة حافرها عن ولدها، خشية أن تصيبه» متفق عليه (¬1).
وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «لما قضى الله الخلق، كتب في كتاب، فهو عنده فوق العرش: إن رحمتي سبقت غضبي» متفق عليه (¬2).
وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «لو يعلم المؤمن ما عند الله من العقوبة ما طمع بجنته أحد، ولو يعلم الكافر ما عند الله من الرحمة، ما قنط من جنته أحد» رواه مسلم (¬3).
وإذا اجتمع «الرحمن» مع «الرحيم» في مثل البسملة، والفاتحة، وقوله تعالى: {هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ} (¬4) دل «الرحمن» على إثبات صفة الرحمة الذاتية القائمة به سبحانه، كما قال تعالى: {وَرَبُّكَ الْغَنِيُّ ذُو
¬_________
(¬1) أخرجه البخاري - في الأدب - باب جعل الله الرحمة في مائة جزء - حديث 6000، ومسلم - في التوبة - باب سعة رحمة الله - تعالى، وأنها سبقت غضبه - حديث 2752. وأخرجه أيضًا من حديث سلمان الفارسي - رضي الله عنه - حديث 2753.
(¬2) أخرجه البخاري - في بدء الخلق - باب ما جاء في قوله - تعالى: {وَهُوَ الَّذِي يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ} حديث 3149، ومسلم - في التوبة - باب سعة رحمة الله - تعالى، وأنها سبقت غضبه حديث 2751.
(¬3) في الباب السابق حديث 2755. وانظر «تيسير الكريم الرحمن» 1: 33.
(¬4) سورة الحشر، الآية: 22.

الصفحة 95