كتاب اللباب في تفسير الاستعاذة والبسملة وفاتحة الكتاب
الرَّحْمَةِ} (¬1)، وقال تعالى: {وَرَبُّكَ الْغَفُورُ ذُو الرَّحْمَةِ} (¬2)، وقال تعالى: {فَإِنْ كَذَّبُوكَ فَقُلْ رَبُّكُمْ ذُو رَحْمَةٍ وَاسِعَةٍ} (¬3).
ودل «الرحيم» على إثبات صفة الرحمة الفعلية لله عز وجل - المتعلقة بالمرحوم - فهو تعالى فاعل الرحمة وموصلها إلى من شاء من عباده، كما قال تعالى: {يُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ وَيَرْحَمُ مَنْ يَشَاءُ} (¬4) وقال تعالى: {رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِكُمْ إِنْ يَشَا يَرْحَمْكُمْ أَوْ إِنْ يَشَا يُعَذِّبْكُمْ} (¬5).
قال ابن القيم رحمه الله (¬6) بعد ما ذكر قول السهيلي: «فائدة الجمع بين الصفتين «الرحمن» و «الرحيم» الإنباء عن رحمة عاجلة وآجلة فى خاصة وعامة ... قال وهو أن «الرحمن» دال على الصفة القائمة به سبحانه، و «الرحيم» دال على تعلقها بالمرحوم، فكان الأول للوصف، والثاني للفعل، فالأول دال على أن الرحمة صفته، والثاني دال على أنه يرحم خلقه برحمته، وإذا أردت فهم هذا فتأمل قوله {وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيمًا} {إِنَّهُ بِهِمْ رَءُوفٌ رَحِيمٌ} ولم يجيء قط «رحمن بهم» فعلم أن «الرحمن» هو الموصوف بالرحمة، و «رحيم» هو الراحم برحمته ....» أهـ.
¬_________
(¬1) سورة الأنعام، الآية: 133.
(¬2) سورة الكهف، الآية: 58.
(¬3) سورة الأنعام، آية: 147.
(¬4) سورة العنكبوت، آية: 21.
(¬5) سورة الإسراء، الآية: 54.
(¬6) في «بدائع الفوائد» 1: 24، وانظر «مدارج السالكين» 1: 75.