كتاب كتاب فيه لغات القرآن

وأنا إِسْتَعِينُ (¬1)، ولا يقولون: هو يِسْتَعِينُ، بكسرِ الياءِ؛ لأن الياءَ قد يُتركُ كسرُها في الإعرابِ الذي تستحقُّه، فهي هاهنا أولى بأن يُسْتثقلَ فيها الكسرُ؛ ألا ترى أنهم لا يقولون: مررتُ بقاضيٍ (¬2)؛ استثقالًا للكسرِ في الياءِ؛ فكذلك استُثْقِل الكسرُ فيها. وقد يقولُ ذلك بعضُ كَلْبٍ، وهي من الشاذِّ.
وقد قَرَأَتِ القُرَّاءُ بالكسرِ في {نِسْتَعِينُ} وفي غيرِها، من ذلك: أنهم قرءُوا: {وَلَا تَِرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتِمَسَّكُمُ النَّارُ}، و {مَا تِشَاءُونَ}، و {تِخَافُونَ}، و {مَالَكَ لَا تِيمَنَّا عَلَى يُوسُفَ}، و {أَلَمْ إِعْهَدْ إِلَيْكُمُ}، و {قَبْلَ أَنْ إِيذَنَ لَكُمْ}، و {يَوْمَ تِبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتِسْوَدُّ وُجُوهٌ}، و {تِطْمَئِنَّ قُلُوبُنَا}.
وما كان مثلَه (¬3) من فِعْلٍ قد زِيدَ فيه، مثلُ: اسْتَفْعَلْتُ، وانْفَعَلْتُ، وافْتَعَلْتُ؛ أَجْرَيتُه على هذا المَجْرى، والقراءةُ باللغةِ الأُولى.
وما كان من الفعلِ ليس فيه زيادةٌ فإنما تُكسَرُ التاءُ منه والنونُ والألفُ إذا كانت «فَعَلْتُ» مكسورةَ العينِ، مثلَ: عَلِمْتُ، وجَهِلْتُ، وأما ما كان مفتوحَ العينِ، مثلَ: ضَرَبَ، أو مضمومَ العينِ، مثلَ: شَرُفَ، فلا يقالُ ذلك فيه؛ فخَطَأٌ أن تقولَ: أنت تِشْرُفُ، وخَطَأٌ أن تقولَ: أنت تِضْرِبُ.
وإنما كسروا في «تَفْعَلُ» إذا كان على «فَعِلْتُ»؛ لأنهم أرادوا أَن يُبْقُوا
¬__________
(¬1) في النسخة: «نَستِعينَ، وتَستعينَ، وَأنا اَسْتَعيْن».
(¬2) في النسخة: «بقَاضِيْ».
(¬3) في النسخة: «مِثْلُهُ»، وكأنَّ ضمة اللام كانت فتحةً.

الصفحة 7