كتاب مع الناس

وقلت في نفسي: لماذا يذيعون الدوزان؟ فلما انتهوا قال المذيع: قدمنا لكم السمفونية كذا لبتهوفن.
حسبتها والله دوزان آلات، وكل السامعين من أهل الشام ما عدا ثلاثمئة وأحد عشر رجلاً في سوريا كلها لا يفهمون منها أكثر مما فهمت! وكنت أناقش أحد المدافعين عن موسيقى الغرب مرة، فقال بأن فهم هذه السمفونيات يحتاج إلى علم خاص. قلت: قاتل الله موسيقى لا تُفهم إلا بعلم خاص، أهذه موسيقى؟ إنها مسألة رياضيات!
ووعد بأن يذيع حديثاً موضوعه «كيف نفهم سمفونيات بتهوفن»، وأذاعه وسمعته، وطلبت إليه أن يعد حديثاً آخر موضوعه «كيف نفهم حديث السمفونيات» لأني لم أفهم شيئاً ممّا قاله.
ولعلكم تقولون أن الناس كلهم ليسوا مثلك، وفيهم من يعجبه «الأطرش» و «الأخرس»، وتلك التي لها مثل صوت القطة ولا أدري هل اسمها شادية أم شيء آخر. صحيح؛ إن أذواق الناس تختلف.
وإذا كان الغناء الدائم يعجب ناساً فإن آخرين ينزعجون منه. إنهم يملّون هذا التكرار. لقد قلت عشرين مرة: إننا نسمع الأغنية الحلوة فنطرب لها، فنسمعها الثانية فنلتذ بها، والثالثة فنستريح إليها، فإذا سمعناها الرابعة والخامسة والحادية والستين بعد المئة طلعت أرواحنا منها. خذ الفقير الذي يرى البقلاوة عند البياع فيشتهيها ويتمنى أن يأكل قطعة منها، فاحبسه في غرفة عشرة أيام

الصفحة 211