كتاب من أسرار التنزيل

السادس : كما أن الله تعالى إذا أنزل المطر من السماء لم يقدر أحد على دفعه ، فكذلك لما أنزل القرآن من السماء لم يقدر أحد على دفعه ، وإدخال الباطل عليه ( وَإِنَّهُ لَكِتَابٌ عَزِيزٌ (41) لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ ).
السابع : أن المطر لا يقدرمخلوق أن يحصى عدد قطراته ، فكذا القرآن لا يحيط أحد بكمال أسراره ولطائف حقائقه.
الثامن : كما أن المطر ينزل من السماء قطرة قطرة ثم يسيل فى الأرض نهراً نهراً،ومجراً مجراً فكذلك القرآن ، ينزل من السماء آية آية ، ونجماً نجماً ثم صار المجموع أنهاراً وبحاراً ، وفى الخبر : أن القرآن بحر عميق لا يدرك قعره.
التاسع : كما أن المطر لو نزل من السماء دفعة واحدة لا قتلع الأشجار ، وخرب الديار ، وكان الفساد فيه أكثر من الصلاح ، فكذا القرآن لو نزل جملة واحدة ، لضلت فيه الأفهام ، وتاهت فيه الأوهام قال الله تعالى : (لَوْ أَنْزَلْنَا هَذَا الْقُرْآنَ عَلَى جَبَلٍ لَرَأَيْتَهُ خَاشِعًا مُتَصَدِّعًا مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ).
العاشر : كما أن الله تعالى يحيى الأرض بعد موتها بالمطر فكذلك إحياء القلوب الميتة بالقرآن قال الله تعالى :
( أَوَمَنْ كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ ).
الحادى عشر : كما أن المطر الواحد يقع على الأرض فيخرج منه الورد والريحان ، وعلى أرض أخرى فيخرج منه الشوك والسم ، فكذا القرآن يقع على قلب المؤمن المطيع فيخرج منه ورد العبودية وريحان الطاعة ، ويقع على قلب الكافر فيخرج منه سم الكفر وشوك المعصية قال الله تعالى : (يُضِلُّ بِهِ كَثِيرًا وَيَهْدِي بِهِ كَثِيرًا )

الصفحة 100