كتاب من أسرار التنزيل

ألثانى : أن الأعمى إذا أراد الذهاب إلى موضع فإن كان بين مكانه وبين ذلك الموضع حبل ممدود ، وتمسك بذلك الحبل ذهب فارغاً من كل خوف ، فكذلك العقول البشرية كالأعمى فى سلوك سبيل التوحيد والمعرفة ، فإذا تمسكت بالقرآن أمن من الخوف.
الثالث : أن من سقط فى البئر فطريق تخليصه أن يرسل اليه حبل ، حتى يتعلق به ويصعد ، ينجو من المهالك ، فالأرواح البشرية وقعت فى هاوية عالم الأجسام. فالملك الرحيم أرسل اليها حبل القرآن ، فمن تعلق به وصعد نجا ، ومن لم يتعلق به فى بئر الظلمات وقع وكان من الهالكين.
* * *
النوع السادس :
من الأشياء التى شبه الله تعالى بها الإيمان : شجرة الزيتون. قال الله تعالى : (وشَجَرَةً تَخْرُجُ مِنْ طُورِ سَيْنَاءَ تَنْبُتُ بِالدُّهْنِ وَصِبْغٍ لِلْآكِلِينَ ).
وذكروا فى جة التشبيه أمرين :
الأول : أنه تعالى إنما شبه الإيمان بهذه الشجرة ،لأن هذه الشجرة فى أكثر الأمور إنما تنبت فى الأمكنة المطهرة ، فكذلك المعرفة لا تستقر فى كل قلب ، بل فى القلوب المطهرة.
الثانى : أن شجرة الزيتون يتولد من ثمرتها ذلك الدهن الذى هو فى غاية الصفاء ، فكذلك قلب المؤمن يتولد منه الإيمان والمعرفة ، وهم أصفى الأنوار وأشرفها.
* * *
تكريم المؤمن :
واعلم أن الله قد وعد المؤمنين بعشر كرامات :

الصفحة 102