كتاب من أسرار التنزيل

الفصل الخامس: فى شرح المباحث المتعلقة بكلمة لا إله إلا الله
وهى وجوه:
المبحث الأول:
زعم جماعة من النحوين أن هذا الكلام فيه حذف وإضمار. ثم ذكروا فيه وجهان:
أحدهما: التقدير: لا إله لنا إلاالله.
والثانى: لا إله فى الوجود إلا الله ..
واعلم أن الكلام غير سديد لوجوه:
أما الأول: فلأنه لو كان التقدير: لا إله لنا إلا الله، لم يكن هذا الكلا م يفيد التوحيد الحق، إذ يحتمل أن يقال: هب أنه لا إله لنا إلا الله، فلما قلتم: إنه لا إله لجميع المحدثات والممكنات إلا الله؟ ولهذا السبب فإنه تعالى لما قال: (وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ). قال بعده:
(لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ). لأنه لما قال: (وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ). بقى للسائل أن يسأل ويقول: هب أن إلهنا واحد، فلم قلتم إن إله الكل واحد؟ فلأجل إزالة هذا السؤال قال تعالى بعده: (لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ).
ولو كان المراد من قوله: (لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ).أنه لا إله لنا إلا هو كان هذا تكراراً محصنا.
وأما الثانى: فهو قولهم: التقدير: لا إله فى الوجود إلا الله. فنقول: وأى حامل يحملكم على إلتزام هذا الإضمار؟ بل نقول: حمل هذا الكلام على ظاهره أولى من ذلك الإضمار الذى ذكرتم. وذلك لأننا لو ألزمنا ذلك الإضمار كان معناه: لا إله فى الوجود إلا هو، فكان هذا نفياً لوجود إلا له. أما لو أجرينا الكلام على ظاهره كان هذا نفياً لماهية إلا له الثانى.

الصفحة 104